مسار التطبيع يطال
خارطة المرافىء والتجارة الإقليمية

17.09.2020
د. كمال ديب
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم: د. كمال ديب

مسار تطبيع العلاقات بين بعض الدول الخليجية العربية واسرائيل ستكون له انعاكاسات اقتصادية كبرى تنطلق من تغيير خارطة التجارة الاقليمية التي تستند إلى مرافىء بحرية وطرق دولية ومطارات، وتنسحب على القطاعات الاقتصادية المختلفة. وهذا التحوّل سيكون مصيرياً لمستقبل المنطقة العربية وخاصة إذا التحقت به المملكة العربية السعودية. وعندها يطال تحويلات العمالة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي التي يستفيد منها لبنان وسورية ومصر والأردن والشعب الفلسطيني، كما يطال القطاعات الاقتصادية العربية من حيث حجم الاستثمارات والتجارة العربية - العربية.  

وقع التطبيع الخليجي سيكون مباشراً على حركة التجارة. فلبنان مصيره التجاري مرتبط بالسعودية والخليج أكثر من أي دولة عربية أخرى، حيث شكّلت دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 75 بالمئة إلى 80 بالمئة من سوق صادرات لبنان الخارجية وهو شريان استفادت منه سورية على مدى سبعين عاماً. إلا أنّ الحرب السورية وإقفال الحدود الأردنية، أصاب بالشلل شريان الترانزيت والتجارة اللبنانية مع السعودية والخليج (إلا ¬¬بنطاق محدود جوّاً وبحراً). 

حيفا تشكل بديلاً لبيروت في تجارة الترانزيت مع دول الخليج، لأنها تختصر الوقت من عدة أيام إلى 28 ساعة 

وحتى في غياب عامل الإقفال السوري، فلا حدود بريّة مباشرة بين دول الخليج واسرائيل تسمح بالتجارة البرية بسبب اعتراض مساحات شاسعة من الأراضي السعودية التي يجب اجتيازها، وفي حال أقدمت السعودية على التطبيع مع اسرائيل، فذلك يفتح المجال للتجارة البرية بين دول الخليج واسرائيل وكذلك تفتح المجال للنقل البري بين إسرائيل وشرق المملكة العربية السعودية حيث الكثافة السكانية والأسواق ومدن الرياض ومكة والمدينة والطائف وأبها وغيرها. وهذا الأمر يحتاج ليس عبور الأراضي السعودية وحسب، بل يتطلّب إسرائيلياً إقفال مرفأ بيروت وتجارة الترانزيت العربية عبره. فالمسافة من بيروت إلى دبي برّاً هي 3000 كلم، تمرّ في سورية والعراق وتحتاج إلى أيام طويلة للوصول إلى دبي التي تقع في الطرف الجنوبي الشرقي البعيد للجزيرة العربية. بينما المسافة من مرفأ حيفا في فلسطين المحتلة إلى دبي (مروراً بمدينتي عمّان والرياض) هي 2629 كلم وتحتاج إلى 28 ساعة في طرق صحراوية مستقيمة وآمنة.

ولا تقف دولة الإمارات العربية المتحدة مكتوفة بانتظار التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل وموافقة السعودية والأردن على فتح الطرق البرية أمام التجارة الإسرائيلية - الخليجية، فقد أعلنت شركتا Dover Tower دوفرتاور الإسرائيلية وموانئ دبي العالمية الإماراتية عن بدء البحث بصيغ للتعاون لخلق بديل يستخدم مرفأي حيفا وإيلات في إسرائيل لاستقبال البضائع بحراً ثم نقلها بكونتيرنات ضخمة عبر سكة الحديد إلى إيلات ومنها بحراً إلى دبي دون الحاجة للمرور في أراضي الأردن والسعودية. وجاء في تقرير لوكالة رويترز أنّ الشركتين وقعتا عدة اتفاقات للتعاون في أنشطة الشحن والموانئ عبر شراكة بتأسيس خط شحن بحري مباشر بين الإمارات واسرائيل. وشركة "دوفرتاور" مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي شلومي فوجيل، وهو من مالكي شركة إسرائيل شيبياردز وميناء إيلات. 

ويدخل في الاتفاق احتمال قيام شركة "اسرائيل شيبياردز" و"شركة موانئ دبي العالمية بالتقدم بعرض مشترك لمشروع خصخصة ميناء حيفا، كما تدرس "إسرائيل شيبياردز" و"الأحواض الجافة العالمية" شراكة في إنتاج وتسويق خدماتها في الإمارات. ومن المتوقع أنّ تصبح شركة "دوفرتاور" نواة شراكة اقتصادية بين إسرائيل والإمارات يدخل في صلبها اتفاق تجارة حرّة شروطها أفضل بكثير من أي تعاون تجاري عربي سابق، ويخلق أمراً واقعاً أمام الأردن والمناطق الفلسطينية إذا اختارت مواصلة علاقاتها الاقتصادية والتجارية العميقة مع منطقة الخليج.