الحكومة اللبنانية بين
الرجاء والخوف

07.09.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

لم يأتِ تكليف الدكتور مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة في ظروف عادية، وبالتالي فإن الحكومة الجديدة لن تكون عادية. فهل سيتاح للدكتور أديب إنجاز هذه  المهمة الوطنية الخطيرة في قيادة سفينة لبنان إلى برّ الأمان، وهو الذي  يتمتع بالكفاءة والخبرة والتصميم لكي يكون قبطاناً لها؟

 كان لافتاً الإجماع الذي حظي به الرئيس أديب فور تسرّب اسمه الى الإعلام في ما كان لا يزال يزاول عمله سفيراً لبلاده في ألمانيا. وما كان لهذا الإجماع ان يتحقق لو لم يكن من جرى اختياره موضع ثقة عند العارفين ببواطن الامور، ولذلك اتجهت الأنظار فوراً الى عملية التأليف التي انصرف اليها الدكتور أديب بكل همّة وكتمان، ما وضع الإجماع على التكليف في الميزان، كما وضع المجمعين على شخص الرئيس المكلف قيد الاختبار لجهة ترجمة تأييدهم لمن سمّوه رئيساً مكلّفاً تسهيلاً لهذه المسيرة الجديدة التي يعوّل عليها العمل على مواجهة تحديات ملحة الطابع في ظروف عصيبة لا سابق لها في تاريخ لبنان.

بعد اجتياز مرحلتَي الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف، والاستشارات النيابية غير الملزمة للتأليف، أطلّ الرئيس أديب في الثالث من أيلول من قصر بعبدا بعد أول اجتماع للتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون معلناً عن قناعته ورغبته في "تشكيل فريق عمل متجانس وحكومة إختصاصيين تسعى الى العمل بسرعة وبشكل فاعل لوضع الإصلاحات في أسرع وقت ممكن قيد التنفيذ".

هذه العبارات تشكّل في نظر اللبنانيين الأساس في انطلاق برنامج العمل المطلوب وطنياً لمواجهة أعباء المرحلة. وبالقياس على التجارب السابقة في تشكيل الحكومات، لا بدّ من التنبيه الى ان الخلل يكمن أساساً في المحاصصة واحتكار بعض الوزارات، ما زاد في تعميق الفساد ونهب المال العام لذا، يتمثل الإمتحان الحقيقي أمام الرأي العام اللبناني والخارجي في قطع دابر المحاصصة وعدم السماح بالمداورة وفرض تشكيلة من الإختصاصيين ونظيفي الكف وأصحاب الولاء الوطني في المقام الأول.

ويعلم اللبنانيون جيداً أن رصيد الرئيس اديب والدعم الذي تلقاه ، يجب ان يساهما في تذليل صعاب التأليف، لذلك هم يؤمنون بأن كل شخص وطني مخلص سيكون إلى جانبه في هذه المهمة الاستثنائية.

من المتعارف عليه دائماً ان تتم قراءة الرسالة من عنوانها، لهذا يتم التعويل على البدايات مع عدم السماح بالإنتقاص من صلاحية رئيس الحكومة وتطبيق الدستور وإتفاق الطائف من دون اللجوء إلى بدعة الأعراف.

هذا ما يرجوه لبنان من التجربة الجديدة التي أتت بشخصية واعدة تمرست في العمل العام، وامتلكت المعرفة والتجربة في عالم متقدم عريق في الممارسة الديمقراطية التي خبرها الرئيس أديب في الاعوام التي أمضاها في العمل الدبلوماسي، لكن هذا الرجاء مسكون بالخوف أيضاً بسبب ما وصل اليه الوطن من خيبات منيَ بها المواطنون على امتداد اعوام طويلة، ما جعلهم يغرقون في بحور من اليأس والقلق والخشية على حياتهم ومستقبلهم في أرض الأجداد. فهل ستكون حكومة الرئيس مصطفى أديب كما يريدها اللبنانيون طوق النجاة وحبل الخلاص الذي ينتشل البلاد من هذا القعر المخيف؟

بين الرجاء والخوف، يبقى هناك الأمل الذي سيمنح لبنان فسحة والتي من دونها سيكون العيش في هذا  الوطن  ضيقاً والى أبعد الحدود.

رؤوف أبوزكي