كيف يمكن لحكومات دول الخليج العربي
أن تدعم القطاع العقاري وتحفز الاستثمار؟

29.07.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عمر عبد الخالق
عانى القطاع العقاري في  دول الخليج العربي  في السنوات الأخيرة من تراجع اسعار العقارات وتصنيف الشركات العقارية، وأدت الصدمة المزدوجة في الأشهر الماضية المتمثلة بانخفاض أسعار النفط وانتشار فيروس كورونا إلى تفاقم مشاكل القطاع الذي يساهم بحوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في السعودية و 6 في المئة في الإمارات ويرتبط ارتباطا وثيقاً بقطاعات اخرى هامة أبرزها التجزئة والضيافة، كما يوفر أكثر من 5 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر.
وأدت الظروف الأخيرة إلى ارتفاع المخاوف من  إفلاس الشركات العقارية وانهيار الأسعار ما يفرض على الحكومات التدخل لمواجهة هذه الأزمات ولاتخاذ اجراءات لدعم الشركات وجذب استثمارات جديدة .
دعم استقرار الأسواق
وعدد تقرير أعدته شركة PWC بعنوان " كيف يمكن للحكومات دعم قطاع العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي" لأبرز التحديات التي نجمت عن انتشار فيروس كورونا والمتمثلة بعدم قدرة المستأجرين على دفع بدلات الإيجار وانهيار السياحة وانخفاض الطلب على المكاتب وانخفاض عدد المتاجر وازديدا نسب التعرض للقروض المتعثرة للمؤسسات المالية التي تمول القطاع العقاري.
وأوضح التقرير أن الحكومات يجب أن تستجيب أولاً لخطورة الوضع من خلال دعم اللاعبين العاملين في هذا القطاع ، ومنع دوامة الهبوط وانهيار الشركات، فعلى سبيل المثال يمكن أن تساعد الحكومات في تجنب انهيار القطاع السكني من خلال انشاء صندوق إنقاذي لشراء بعض الوحدات السكنية التي سيتم انجازها قريباً والتي كانت ستبقى شاغرة عند إنجازها. ومن شأن هذه الخطوة أن تمتص المعروض الزائد من المساكن وتدر عوائد للمطورين وتثبت تقييم العقارات ما يجعل الرهون العقارية أكثر أمنا وبالتالي تحمي أصحاب المنازل والبنوك.
كذلك يوضح التقرير أنه من الحلول المطروحة قيام الحكومات بشراء الرهون العقارية من البنوك لحمايتها من القروض المتعثرة و تعزيز قدرتها التمويلية للاستثمارات العقارية الجديدة. وفي نفس الوقت يستفيد المالكون المقترضون في حال عرضت الحكومات تخفيض الدفعات الشهرية والفوائد على أو حتى تأجيلها لعدة أشهر.
يضيف التقرير أن الحكومات يمكن أن تلجأ إلى ضخ رأس المال في بعض مجالات القطاع العقاري إلى جانب تشجيع عمليات الاندماج بين شركات التطوير المملوكة منها لزيادة الكفاءة وتقوية الميزانيات العمومية. ومن الأمثلة المبكرة في هذا المجال اندماج "ميراس" مع "دبي القابضة".
وإلى جانب الدعم المالي المباشر يمكن للحكومات أن تتخذ عدد من التدابير لتخفيف أعباء الشركات العقارية كتخفيض الضرائب والرسوم الأخرى مثلما فعلت الإمارات عندما علقت رسوم تسجيل العقارات التجارية والصناعية حتى نهاية 2020. كذلك قامت عمان بإعفاء جميع المطاعم من دفع الضرائب السياحية والبلدية حتى نهاية أغسطس 2020.
وفي مجال تخفيف الأعباء أيضاً قد تساهم الحكومات في جزء من أجور العاملين في القطاع الذين ستحتاجهم الشركات العقارية عند تعافي الأسواق وعودة النشاط.
تحفيز الاستثمار
بعد تطبيق هذه الخطوات يشير التقرير إلى أنه يمكن الانتقال إلى الخطوة الثانية الرئيسية وهي تحفيز الاستثمار وتسريع الانتعاش.فعلى سبيل المثال يمكن للحكومات زيادة الحد الأدنى لنسبة القرض إلى القيمة على الإقراض العقاري"LOAN TO VALUE RATIO"، ففي الإمارات زاد تعرض البنوك للإقراض العقاري من 20 إلى 30 في المئة من إجمالي محفظة القروض ما يسهل على الناس شراء العقارات ويرفع مبيعات المطورين.
في نفس السياق على الحكومات تعزيز قطاع السفر الذي يعتبر محرك رئيسي للطلب العقاري على قطاع الوحدات المعدة للتأجير والبيع بالتجزئة عن طريق توقيع اتفاقيات ثنائية مع دول معينة لاستئناف السياحة بطريقة آمنة من خلال إنشاء ممرات سفر خاصة مع الدول التي حققت نموًا منخفضًا جدًا في انتشار فيروس كورونا.
ومن أجل طمأنة المغتربين الأجانب العاملين في دول الخليج العربي على مستقبلهم وتحفيزهم على الاستثمار والتملك، يمكن للحكومات النظر في تمديد تصاريح الإقامة أو تقديم إقامة دائمة للأجانب الذين يعيشون في هذه الدول منذ فترة أو الذين يريدون الاستثمار في القطاع العقاري.
يخلص التقرير إلى أن هذه الاستراتيجية القائمة على تحقيق الاستقرار ودعم الشركات ومن ثم تحفيز الاستثمار هي الباب الرئيسي لتمكين حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من تخفيف حدة الأزمات المتتالية على القطاع العقاري ورفع مناعته وتمكينه من العودة  إلى النشاط سريعاً بعد انحسار انتشار فيروس كورونا.