رؤوف أبو زكي يكتب في "المصري اليوم"
مبادرة مصرية حيال لبنان

20.05.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

نشرت صحيفة "المصري اليوم" في عددها الصادر بتاريخ 19/5/2020 مقالا لرئيس تحرير مجلة الاقتصاد والأعمال وعضو مجلس الأعمال اللبناني ـ المصري رؤوف أبو زكي بعنوان: "مبادرة مصرية حيال لبنان".

 
 
يشهد لبنان، بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس "لبنان الكبير"، أخطر أزمة خلال تاريخه الحديث. منذ استقلاله فى العام 1943 يهتز لبنان عندما كان يهتز الإقليم، وخلال مرحلة "حلف بغداد" وتداعياتها كانت "ثورة 1958" التى انتهت مع شعار "لا غالب ولا مغلوب" لأن لبنان عبر تاريخه كان ابن التسويات بين مكوناته في الداخل وبين الأطراف الخارجية المؤثرة. وفي تلك الحقبة أنقذ العمق العربي الصيغة اللبنانية الفريدة عندما حصل الاجتماع الشهير بين الرئيسين السابقين جمال عبدالناصر وفؤاد شهاب الذي كرس احترام استقلال لبنان وشجع على قيام العهد الذي تميز باحترام التوازن في الداخل والخارج وكان العهد الوحيد الذي أرسى أسس الإدارة اللبنانية الحديثة والدولة بشكل عام. بالطبع هناك الكثير من الانقسامات في التركيبة اللبنانية. لكن لولا الرياح الإقليمية لم ينفجر لبنان من جديد في 1975 عندما كانت مصر قائدة العمل العربي المشترك، قامت بحماية الخصوصية اللبنانية وأبقت لبنان "الهش" دولة مساندة مما أبعده عن حرب 1967 وارتأت القيادة المصرية حينها عن حق أن أدوار لبنان الثقافية والمصرفية وصلاته مع الغرب تكون أنفع للعرب من دوره المحارب.
 
لكن الصاعق الفلسطيني ووصول حكم جديد في سوريا في 1970 قادا إلى تغيير في المعادلة وبدء تحولات لايزال لبنان يعاني منها، إذ أصبح أسير المحاور الإقليمية ومرتهنا للعبة لا تخصه. أعطى لبنان الكثير للقضية الفلسطينية والقضايا العربية ولا يتحمل وضعه أن يبقى رهينة كل التجاذبات. ومن هذا الباب دخل الرئيس الراحل رفيق الحريري على الخط بعد اتفاق الطائف في محاولة لاستعادة حيوية لبنان الاقتصادية واسترجاع دولته، وكان اغتياله في 2005 ذلك الزلزال الذي أتى ليبدأ مرحلة التوسع الإيراني على حساب ما تبقى من نظام عربي إقليمي بعد حرب العراق في 2003. ولولا مساعي جمهورية مصر العربية الحثيثة وغيرها بين 2005 و2008 لكان الوضع أكثر صعوبة وازداد فيه الخلل على كل الأصعدة.
 
ومنذ وصول الرئيس ميشال عون في 2016 ازداد الوضع سوءاً ولم تصمد التسوية الرئاسية التي أوصلته وازداد انخراط حزب الله الإقليمي والنفوذ الإيراني في لبنان وكل ذلك قاد، مع عامل الفساد التاريخي، إلى الانهيار الاقتصادي غير المسبوق وأمام سيناريو صومالي اًو فنزويلي، ومما لا شك فيه أن طلب دعم صندوق النقد الدولى لن يمر بسهولة مع استمرار الصراع الإقليمي- الدولي حول لبنان وخاصة الصراع اًو محاولة تركيب الصفقة بين واشنطن وطهران عبر لبنان اًو على حسابه. لا حياة ولا مستقبل للبنان من دون بعده العربي ومن دون المظلة العربية، ومصر هي المؤهلة للعب هذا الدور بين مكوناته وبين الأفرقاء الخارجيين. لذا نقترح إطلاق مبادرة مصرية إنقاذية لأن ضياع لبنان خسارة حتمية لكل العالم العربي. الحل الاقتصادي غير ممكن من دون الحل السياسي ومن دون محاولة تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي الأوسع والتأكيد على هويته العربية ودوره العربي.