قطاع السياحة والسفر بعد كورونا

11.05.2020
د. أمين مكرزل
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم د. أمين مكرزل *

 

نعيش حالياً أوقاتاً عصيبة في خضم جائحة كورونا غير المسبوقة، والتي خلفت ما يقارب 300 ألف حالة وفاة في جميع دول العالم من دون استثناء، وكبّدت الاقتصاد أضراراً بالغة وخارجة عن السيطرة، وكان لهذه التبعات الإقتصادية أثر كبير على قطاع السفر والسياحة، وبالتالي على الفنادق والمطاعم وغيرها من الخدمات، وقد اضطرت شركات الفنادق ومنها شركة فنادق لوفر إلى إقفال فنادق حول العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد ظهور الأزمة في شهر فبراير الماضي وبدء موجة إلغاء الحجوزات والرحلات.

 ومن أجل الحدّ من الأضرار على الفنادق التي نديرها في الشرق الأوسط وأفريقيا، يجري التواصل بين مكتبنا في باريس ومكتبنا في دبي لإدارة العمليات ومواكبة تداعيات هذه الجائحة قدر المستطاع، وقد أدى هذا التواصل إلى اتخاذ الخطوات الآتية:

 أولاً: مراعاة وحماية الموارد البشرية أي الملاك والضيوف والموظفين؛ حيث وضعت الشركة استراتيجيات الوقاية وقد استفدنا من خبرات الآخرين ومنظمة الصحة العالمية (UNWHO) لتحسين تلك الاجراءات ووضع معايير الوقاية والنظافة والتعقيم.

 ثانياً: تمّ وضع بعض الفنادق بتصرف وزارات الصحة في بعض البلدان لإيواء الأطقم الطبية وللحجر الصحي وأحياناً لبعض السفارات لإيواء مواطنيها، مثل دولة الامارت العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة قطر وسلطنة عمان، وللأسف، قمنا بإغلاق بعض فنادقنا في بيروت والمملكة العربية السعودية حفاظاً على الأرواح وبأقل تكلفة اقتصادياً ومالياً. ولا بدّ من التنويه هنا بمبادرة بعض حكومات دول الخليج العربي لمساعدة القطاع الخاص والفنادق عبر دفع قسم من رواتب الموظفين المواطنين لفترة محددة، وإلغاء فواتير المياه والكهرباء المستحقة وضرائب السياحة والبلدية، وتأمين بعض المساعدة المالية.

 ثالثاً: إعتماد كل التقنيات الضرورية من أجل تنظيم سير العمل وعقد الاجتماعات عن بعد وذلك عبر كل التطبيقات المتوفرة (Zoomvideoconferencing).

 التأقلم والتكيف

 أما بالنسبة إلى عودة رحلات السفر، فسوف تستغرق بعض الوقت تحسباً للمرحلة الثانية والثالثة من انتشار فيروس كورونا، وهناك بصيص أمل أن تبدأ بعض شركات الطيران تسيير الرحلات تدريجياً كما يحصل حالياً مثلاً بين دبي وبيروت، وحتماً ستزداد تلك الرحلات مع انحسار الفيروس ويعود قطاع الطيران الى عافيته.

 ونأمل ونتوقع أن تبدأ ملامح التعافي بالظهور عندما تعلن منظمة الصحة العالمية عن انحسار الفيروس والسيطرة عليه، إلا أن الأفراد سيستمرون في اتخاذ الاجراءت والحذر من السفر حتى إيجاد اللقاح والدواء. وعليه، لا نتوقع أن يبدأ التعافي قبل الخريف أو شتاء العام المقبل، على أن يستغرق التعافي الكلي عاماً كاملاً.

 وعلى الفنادق أن تواكب الاحتياجات الجديدة التي برزت خلال أزمة كورونا وتتأقلم معها، ويشمل ذلك اعتماد وسائل الوقاية اللازمة مثل الكمامات والقفازات وأجهزة قياس الحرارة واعتماد إجراءات صارمة للتعقيم، كذلك وضع شروط معينة للمطاعم والمؤتمرات والاجتماعات، وذلك كله للحفاظ على سلامة الضيوف والموظفين.

 وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن تقارير المجلس العالمي للسفر والسياحة تفيد أن انتشار فيروس كورونا هو أسوأ ما اختبرناه من أزمات والمتضرر الأول والأكبر هو قطاع السياحة والسفر، فقد اطاحت هذه الجائحة بنحو 320 مليون وظيفة أي نحو عشرة في المئة من مجمل الوظائف العالمية.

 من الضروري أن تعزز الحكومات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لوضع الاستراتيجيات لكل بلد، وكذلك تعزيز الترويج من خلال وضع سياسات إعلانية وإعلامية. أما على صعيد الفنادق، فيجب أن تراعي حاجات الضيوف المستجدة مثل تقديم التسهيلات بالنسبة إلى إلغاء الحجوزات وتوفير كل الحاجيات المطلوبة كالمعقمات والقفازات والكمامات مجاناً في غرف الضيوف.

 القطاع  بعد كورونا

 إن عالم السياحة والسفر بعد كورونا لن يكون كما قبلها وأهم درس تعلمناه هو أنه ليس هناك أي شيء أهم من الصحة وعافية الإنسان، أما الفنادق فإنها سوف تتأثر حتماً بشروط واجراءات التباعد الإجتماعي، ويجب على منظمة السياحة العالمية (UNWTO) بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية (UNWHO) وكل اتحادات النقل الجوي ومنظمات الطيران العالمية أن تعتمد الاجراءات الوقائية المناسبة في جميع القطاعات كالطيران والقطارات ومحطات السفر والبواخر وغيرها.

 نأمل أن تمرّ هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن وأن يتعظ الجميع من أجل توحيد وتضافر كل الجهود لما فيه مصلحة البشرية جمعاء، كما  يجب أن تكون الأولوية لوضع خطط من أجل النهوض بالاقتصاد بعد هذه الجائحة والتأسيس لمستقبل أفضل وواعد للبشرية جمعاء. 

 * رئيس مجموعة فنادق لوفر وغولدن توليب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا