أقدم ...
يا دولة الرئيس

06.05.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
لأن النظام اللبناني لا يمكن تغييره وإنما تعديله بأحسن الاحتمالات... ولأن اتفاق الطائف، على علاته، أنهى الحرب المشؤومة، وبات دستور لبنان الذي أقره مجلس نواب منتخب، فإن أي تعديل واجب أو مرغوب في هذا الدستور، لا يمكن أن يتم إلا في مجلس النواب وبالتوافق. وليس بقوة الأمر الواقع، أو الأعراف المفروضة بالاستقواء، ولا بقوة الشارع  و" إسقاط النظام". 
هل يمكن الرهان على مطرقة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإعادة الانتظام إلى النظام؟ 
مع إننا ندرك سلفاً ان الرئيس بري ليس الفارس الآتي من بعيد على "حصان أبيض" لينقذ النظام، فهو جزء أساسي من هذا النظام بكل ما له وعليه. ولكن هناك جملة أسباب موضوعية تجيز هذا الرهان، أهمها: 
* أنه رئيس مجلس النواب، مصدر السلطات وجامع الأفرقاء والطوائف والأحزاب. فتحت قبة هذا البرلمان يجب ان يبدأ وينتهي الحديث عن أي تعديل في النظام، وعن الإصلاح المالي والاقتصادي والسياسي، ومن خلال قوانين ولوائح تنفيذية، وليس على الشاشات أو في الشارع من خلال استعراضات كلامية، ومشاريع وهمية للسيطرة والتفرد تحت شعارات طائفية ومذهبية، قد تطيل العمر السياسي "لحراس هيكل الفساد والترهل"، ولكنها ستؤدي حتماً إلى انهياره فوق رؤوس الجميع.
إبن الدولة
* أن نبيه بري هو إبن وأخ وأب هذا النظام، ومشروعه السياسي الوحيد باعتباره رئيساً لحركة أمل هو الدولة. صحيح أنه يستفيد منها... ولكن الصحيح أيضاً أنه مستعد للاستماتة بالدفاع عنها. وبكلام أوضح إن نبيه بري الذي ورث عن الإمام السيد موسى الصدر قيادة حركة المحرومين (أي الطائفة الشيعية)، حقق إنجازاً تاريخياً للطائفة بالتعاون طبعاً مع حزب الله، ليخرجها من دائرة التهميش وتصبح مكوناً رئيسياً في التركيبة السياسية والاقتصادية والإدارية. بل أكثر من ذلك ان قوة حركة أمل واستمرارها مرتبط بقوة الدولة واستمرارها، لأنها لا تملك لا موارد ولا مؤسسات رديفة للدولة. ولذلك فإن نبيه بري لن يفرط بمكتسبات الطائفة الشيعية ولا بقوة حركة أمل. وهو بذلك قد يكون الأعمق قناعة والأكثر استعداداً للتضحية بالمكتسبات وتقديم التنازلات لترميم الهيكل ومنع سقوطه. كما أنه يدرك تماماً كما غيره من القيادات الذين خبروا الحرب الأهلية وذاقوا "مرارة الانتصارات" وقسوة التسويات، إن الدولة هي الملاذ الآمن الوحيد لهم ولأحزابهم ولطوائفهم. وأن وجود هذه الدولة واستمرارها قائم على التسويات و"المساكنة"، وأنه لا مكان فيها للشطب والإلغاء والانتصارات الحاسمة، ...وطبعاً، "لإسقاط النظام". 
... ورجل الدولة
* أن نبيه بري هو "نجار" سلالم النزول عن الأشجار... ومن موقعه السياسي الثابت كرئيس لحركة أمل المنضوية موضوعياً في محور الممانعة، حافظ على علاقات وثيقة بكافة الأطراف السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً. فكان دائما الحليف الثابت والصديق الوفي والخصم الشريف. وفي أحلك الظروف وحالات القطيعة واشتداد الصراعات ظل نبيه بري نقطة التقاطع بين الجميع ورجل الحوار والمبادرات، وظلت عين التينة "فقاسة أرانب" التسويات ومصنعاً "لسلام النزول عن الأشجار". 
أقدم يا دولة الرئيس
طلبت منا مؤخراً يا أبا مصطفى، قراءة الفاتحة على "الهيركات" وغيره من المشاريع التي ما أنزل الله بها من سلطان... فقرأناها معك مؤمنين، وبشرتنا بأن "الإنقاذ ليس سهلاً ولكنه ليس مستحيلاً" فأيدناك صابرين. وختمت بـ "وجوب السير بالإصلاحات وإصدار القوانين"، فنحن بانتظارك متأهبين. 
أما المطلوب فلا يحتاج إلى دراسات ولجان و "لازاردات" هذه الحكومة المظلومة بإمكاناتها وبمؤيديها ومعارضيها. 
مرتا .. مرتا .. المطلوب معروف وهو ببساطة "إنقلاب أبيض" من خلال مجلس النواب يبدأ بورشة تشريع جدية تستهدف وقف النزيف أولا وتدارك انهيار الهيكل، وليتم ذلك بجلسات علنية تضع القوى السياسية "كلها يعني كلها"، أمام مسؤولياتها وتحت أنظار "شعوبها". فقد انتهت اللعبة ... أقدم يا دولة الرئيس.