"ربيع العمر وخريف الوطن"

28.04.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عمر عبد الخالق
"أي ذنب اقترفناه ليكون ربيع عمرنا متزامناً مع خريف الوطن...المصيبة كبيرة والظلم كبير.." بهذه الكلمات وصف أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد  رند غياض مأساة الشباب اللبناني في هذه المرحلة المفصلية والمصيرية من تاريخ لبنان. مرحلةٌ يمكن أن تكون نقطة انطلاق نحو دولة حقيقية ومجتمع منتج، أو تكون نقطة انطلاق لإنهيار الدولة والمجتمع، ولموجة عارمة من هجرة الشباب والأدمغة.
وتختصر كلمات غياض قلق معظم الشباب اللبناني الذي يمر بفترة ضياع وخوف من النفق المظلم الذي لا نهاية له، وبات يلتقي حول عبارة واحدة : "جيلنا يواجه تحديات أصعب من جيل الحرب"، ففي زمن الحرب كان العدو واضحاً، بينما العدو اليوم هو الجوع الذي يغذيه فشل حكومي فاضح في إدارة الملفات، وهذا هو الأخطر. 
المصير المهدّد
الهمّ الجامع لدى كل اللبنانيين ومن كافة الفئات العمرية هو مصيرهم في ظل أزمة سياسية وإقتصادية ومالية هي الأسوا في تاريخ لبنان. ولكن "القنبلة الموقوتة" التي تتعامى عنها الطبقة السياسية الحاكمة هي حالة اليأس التي بدأت تصيب شباب لبنان بعد أن أقفلت أمامهم كل الأبواب، حتى باب الهجرة. وشعار " رح نسافر على أول طيارة إلى أي مكان ومنشتغل شو ما كان" لم يعد قابلاً للتنفيذ. فقد تغيرت الظروف عالمياً بعد فيروس كورونا. وبعض الدول مثل أميركا أعلنت وقف الهجرة إليها لفترة استثنائية وقد تلحق بها كندا وأستراليا وبعض الدول الأوروبية.
واللبناني اليوم عالق أمام هذه الوقائع ولا حلّ أمامه سوى البدء من جديد ومن الصفر لأن التفكير في الماضي لا يفيد اليوم. وثمة من يتوقع أن يصبح اللبناني في حال تنافس مع القوى العاملة من بعض الجنسيات في الشرق الأقصى، على اعتبار أن أي عمل في الخارج يسمح بتحويل 400 دولار أميركي لعائلته في لبنان بات كل ما يحتاج إليه في ظل الظروف الحالية. 
"الشغل مش عيب"
ومع العودة المتوقعة لعشرات آلاف العمال الأجانب العاملين في لبنان إلى بلدانهم، لن يكون مستغرباً أن نشاهد شباب لبنان بطموحاتهم وأحلامهم وشهاداتهم يعملون في وظائف هامشية... صحيح .. "الشغل مش عيب".. ولكن الصحيح أيضاً إن فقدان فرص العمل وسياسات الإفقار والإذلال هي عيب كبير، والعيب الأكبر مواصلة السكوت. 
المأساة تتكرر
وكما بدأنا حديثنا بتغريدة لـ غياض نشير إلى تحذير له منذ 5 سنوات، وللأسف لا يزال صالحاً حتى اليوم، وجاء فيه:" لأننا لا نملك القدرة على تغيير الواقع المر الذي تمر به البلاد شلل اقتصادي وتأزم سياسي،  لذا، وبعيدا من لغة الاتهامات والتخوين وتقاذف المسؤوليات، يتوجب على المسؤولين والأحزاب والتيارات السياسية أن يتجاوزوا، في هذه اللحظة المصيرية، خلافاتهم وانقساماتهم وأن "يتحرروا" ولو مؤقتاً من ارتباطاتهم الخارجية والضغوط عليهم، ليتحملوا مسؤولية إنقاذ البلد من أتون حرب لن تسامحنا الأجيال المقبلة إن تركناها تندلع من جديد، وكأننا لم نتعلم من تجارب الماضي الأليم."
 وبانتظار ذلك، فإن السواد الأعظم من شباب لبنان المتحرر أصلاً من أي ارتباط خارجي، لن ينتظر طويلاً ليتحرر من قيود الطائفية والمذهبية والمحسوبية ويبني دولة المؤسسات والعدالة. فهذا اللبناني الذي غزا العالم بفكره وأثبت قدرته على المنافسة في كل المجالات، لن يستلم لليأس ولن يسقط في الامتحان الصعب بل سيتعامل ، كما في كل مرة، مع الواقع ليقوم كطائر الفينيق ويحلق من جديد.