رئيس مجموعة البركة: إعادة النظر بخطط التوسع
والعمل لتوسيع قاعدة العملاء

28.04.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عاصم البعيني

على الرغم من التداعيات التي تركتها تداعيات فيروس كورونا، تتطلع مجموعة البركة المصرفية إلى الاستفادة المتوفرة من الفرص عبر توفير التمويل لعملاء جدد من ذوي الملاءة المالية ممن تأثروا بهذه التداعيات. وتستند المجموعة في ذلك إلى أسس مالية صلبة وسيولة مرتفعة نتيجة السياسة المتحفظة التي تعتمدها. من جهة أخرى أوضح الرئيس التنفيذي للمجموعة في حوار مع "الاقتصاد والاعمال" أنه سيعاد النظر بخطط التوسع حتى تنجلي التداعيات بما يمكن من تقدير الأضرار التي لحقت بالأسواق واستعداد الدول للتعافي.

 

ينطلق الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف في حديثه من واقع توجه المصارف والمؤسسات المالية شأنها شأن أي شركات أخرى، تفعيل خطط الطوارئ ليدها، بما يضمن تحقيق استمرار الأعمال سواء من الناحية التشغيلية أو التقنية، وذلك إلى جانب مواصلة تقديم الخدمات لكافة العملاء وتأمين خطوط التمويل وتكثيف مراقبة محافظ العملاء وغيرها.

 

إجراءات البركة والأسبقية 

أما بالنسبة لمجموعة البركة ووحداتها التابعة يقول يوسف إنه وبالإضافة إلى تلك الإجراءات الاعتيادية المعتمدة في حال وجود أي أزمة عالمية، عملت المجموعة على اعتماد عدة خطوات صحية احترازية، مشيراً إلى أن من بينها ما تمثل بالتوسع في الخدمات المقدمة عبر المنصات الالكترونية.

وتشكل هذه الخطوة بالنسبة للرئيس التنفيذي مصدر اعتزاز، نظراً لكون المجموعة والوحدات التابعة بدأت منذ عدة سنوات تنفيذ خطة التحول الرقمي، موضحاً أن الظروف السائدة مهدت لتفعيل هذه الاستراتيجية التي أثبتت نجاحها.

أما في الشق المالي والأهم، فيوضح يوسف أن المجموعة والوحدات التابعة تحظى بسيولة مرتفعة، وهو ما مكنها من تعزيز تواصلها مع عملاء محتملين من أفراد ومؤسسات من أصحاب الملاءة المالية في أكثر من دولة عدة لعرض المساعدة عليهم، بهدف توفير الدعم للقطاعات الواعدة المتأثرة بالأزمة وتملك في الوقت نفسه أسس متينة للتعافي والنمو. هذا وشملت حركة الاتصالات بطبيعة الحال عملاء المجموعة في مختلف الدول لتأمين خطوط التمويل التجاري وحركة الصادرات والواردات، بما يعزز مساهمة المجموعة في استدامة تدفق السلع للبلدان التي يتواجد فيها هؤلاء.

 

دروس مهمة

أما فيما يتعلق بالدروس والعبر من الأزمة الحالية، يتوقع يوسف أن تكون المؤسسات المالية أكثر حرصاً على منح التمويل القطاعات المرتبطة بشكل وثيق بالاقتصاد الحقيقي، وخصوصاً ذات الصلة بالصحة والتعليم وغيرها، هذا بالإضافة إلى ازدياد أهمية الخدمات المصرفية الالكترونية. أما بالنسبة للمصارف، فمن المتوقع أن تبرز أهمية تكوين احتياطيات مالية مرنة يمكن استخدامها في مثل هذه الظروف الحرجة. 

 

تأثير الأزمة

وحول التداعيات المحتملة للأزمة الحالية على المجموعة ووحداتها التابعة، يبدأ يوسف حديثه من العام قبل الدخول في الخاص. ويلفت النظر بالقول إنه من الواضح أن هذه الأزمة ستترك تداعيات عميقة على كافة القطاعات دون استثناء حول العالم، مشيراً إلى أن حجم هذه التداعيات سيختلف بين بلد وقطاع ومؤسسة مالية وأخرى استناداً إلى عوامل ومعطيات عدة. في المقابل، سيكون هناك قطاعات أخرى كالتجارة الالكترونية والصناعات الدوائية والصحية وتجارة التجزئة وغيرها مستفيدة من هذه الأزمة.

وفي السياق نفسه، يتوقع يوسف تسجيل المؤسسات المالية وغيرها انخفاضاً في أرباحها خلال العام الحالي، إلى جانب تدهور جودة بعض محافظ التمويل، خصوصاً للعملاء في القطاعات الأشد تضرراً كالطيران والسياحة، إلى جانب بعض الاضطرابات في خطوط تمويل المؤسسات وميل العملاء الأفراد لسحب ودائعهم، لافتاً إلى أن هذه العوامل ستترك ضغوط مؤقتة على المؤسسات المالية.

 

استجابة إيجابية

رغم هذه المعطيات غير الإيجابية، يرى يوسف أن الاستجابة الواسعة للمصارف المركزية لهذه التداعيات واتخاذها العديد من الإجراءات الداعمة للمصارف في مواجهتها، تبعث على الارتياح، كذلك هو الحال مع الحزم الاقتصادية والمالية الواسعة المقدمة من الحكومات لدعم الفئات والقطاعات المتضررة، إلى جانب الإجماع والتصميم على المستوى العالمي لإعادة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي سواء على مستوى الجهود الجماعية أو كل دولة على حده.

بطبيعة الحال، تعد مجموعة البركة المصرفية ومجموعتها التابعة جزءاً من هذه المنظومة، وهنا يقول يوسف إن ما يميز تجربة المجموعة بشكل خاص هو التنوع الجغرافي الواسع لوحداتها المصرفية، إلى جانب تركز العمليات في نشاطات وأعمال مستدامة، ما يجعل الطلب عليها حقيقي حتى في خضم أزمة تفشي الوباء، ويخلص إلى القول:" نحن تتطلع لتجاوز تداعيات هذه الأزمة سريعا بعد انحسار الفيروس."

 

على المصارف أن تكون مزيداً من الاحتياطيات المالية 

 

بين الفرص والتوسع

اتسم نشاط مجموعة البركة المصرفية بالتوسع النهم والمدروس في آن معاً على مدى السنوات، وهنا يطرح تلقائياً التساؤل عن الفرص المحتملة في ظل الأزمة مع تراجع قيم الأصول وعن خطط التوسعات السابقة للمجموعة. وهنا يقول يوسف من الطبيعي أن يجري مراجعة خطط التوسع والتعرف على حجم الضرر الذي لحق بالأسواق وخطط الدولة للتعافي من هذه الأضرار، ويضيف:" نعتقد بصورة عامة أن كافة دول العالم سواء حكومات أو شركات سوف تكون بحاجة ملحة وكبيرة للاقتراض للنهوض بعملياتها من جديد وعلى المصارف أن تكون مستعدة لذلك".

 

معايير وأسس الإقراض

أما في ما قد تفرزه الأزمة من تشدد في الإقراض، يبدو يوسف بعيداً عن التعميم في الإجابة، ويوضح أن التشدد لن يكون سياسة مطلقة إزاء كافة القطاعات، فالأمر بالنسبة له يتوقف على عدة معايير: القطاعات والنشاطات كل على حده وحجم تضررها من الأزمة، قابليتها لسرعة التعافي، وحجم التدخل الحكومي لدعمها، وطبيعة علاقة العملاء بالمصرف وحجم هذه العلاقة، مشيراً إلى أن هذه المعطيات يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار، انطلاقاً من القناعة - كما يقول - بإن على المصارف التعامل بروح من المسؤولية مع عملائها خصوصاً ممن لديهم علاقة طويلة الأمد مع المصرف أو أصحاب السجلات الإيجابية، وكذلك أولئك ممن لديهم أو يمتلكون علاقة بحجم أعمال كبيرة. ويوضح:" أن هذه الشرائج من العملاء ستسعى المصارف لمساعدتهم قدر المستطاع"، هذا بالإضافة إلى التوقعات بأن تشهد القطاعات المستفيدة من الأزمة تمويل أكبر حجماً، فيما ستظهر قطاعات أخرى قابلية سريعة على التعافي، وهي الأخرى ستحظى بتمويلات أكبر.

وحول مدى وجود توجه لدى المجموعة إلى الأسواق الدولية للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، يبدو يوسف واضحاً بالقول:" لا توجد لدينا على مستوى المجموعة خطط من هذا النوع حالياً، غير أنه يبقى للوحدات المصرفية التابعة خططها المختلفة وفق احتياجاتها في أسواقها".

 

كورونا أثبت صوابية الاستثمار في التعليم والصحة 

الصناعة ما بعد كورونا

مع الاستعداد لبدء فتح الاقتصادات ولو بشكل جزئي ستكون الأنظار شاخصة على مرحلة ما بعد كورونا وعن توقعاته لواقع الصناعة المصرفية بعد انكفاء الفيروس، يلفت يوسف النظر بثقة تامة:" أرجو ألا تتفاجؤوا إن قلت أن المعالم المتوقعة أو على الأقل التي نأمل أن تتحول إليها الصناعة المصرفية في مرحلة ما بعد كورونا نحن في مجموعة البركة المصرفية، ومجموعة البركة عموماً، أدركناها وسعينا لتطبيقها منذ تأسيس المجموعة اَي قبل نحو 45 عاماً.

ويضيف:" أن هذه المعالم الجديدة التي نأمل ان يدركها معنا العالم بأجمع ويعمل على المساهمة في الدفع بها، تتمثل في أهمية التركيز على رفاهية البشرية وتنمية المجتمعات، وأن تكون الحافز الأساسي في العمل، مشيراً إلى أنها تتجلى في فلسفة المساهمة بإعمار الأرض انطلاقاً من الايمان العميق بما جاءت به الشريعة.

ويوضح أنه لا بد من أن تتوجه جهود البشرية نحو الاستثمار في الانسان والتركيز على الخدمات والقطاعات المحققة للرفاهية وفي مقدمها التعليم والصحة ومحاربة الفقر وخلق الوظائف، إلى جانب ضرورة تكريس الموارد المالية والتقدم التكنولوجي للتسريع في تحقيق هذه الأهداف.

 

أثر الانكماش

أما في ما يتعلق بأثر الانكماش الاقتصادي في المنطقة وتراجع أسعار النفط على بيئة الأعمال، يوضح يوسف أن الانكماش العالمي يبدو مرحلة لا بد منها وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، كذلك توقعاته بالنسبة لاقتصادات دول الخليج، حيث يتوقع انخفاضها بنحو 3 في المئة خلال العام الحالي نتيجة تداعيات الفيروس وانخفاض أسعار النفط. ومع ذلك يتوقف يوسف ليشير إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن دول المنطقة مرت على مدى الأربعين سنة الماضية بالكثير من الأزمات المشابهة في شدتها من حيث التأثير الاقتصادي، وفي كل مرة كانت تخرج فيها بأفضل مما كانت عليه لكونها قطعت أشواطاً عدة في إرساء أسس اقتصادية متينة مع التنويع الاقتصادي، مشيراً إلى أن القطاع النفطي في ضوء ذلك، لم يعد يمثل أكثر من 25 فبي المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان. ولكنه يرى في المقابل أن التأثير سيكون بصورة أكبر في جانب الصادرات والإيرادات النفطية الحكومية، ولكن مفاصل الاقتصاد باتت تتحرك بأكثر من عجلة وسوف يساعد ذلك في التعافي من تداعيات الأزمة قريبا. كذلك بالنسبة للطلب على النفط سوف يرتفع حال انحسار الأزمة نتيجة لحاجة كافة الدول المتضررة للنهوض الاقتصادي سريعا. كما أن معظم هذه الدول تملك احتياطيات مالية ضخمة تساعدها على تنفيذ خطط واسعة للتعافي الاقتصادي.