شركات الطيران:
بين الإفلاس والدعم الحكومي

21.03.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إنها بدون أدنى شك الأزمة الأثقل وطأة على قطاع الطيران حتى الآن، الذي يعتبر الحلقة الأضعف لناحية التأثر بالتدابير التي تتخذها الحكومات لإحتواء انتشار وباء كورونا. وذلك لطبيعة القطاع من ناحية الازدحام والأماكن المغلقة والتنقل بين دول وبيئات مختلفة، هذا فضلاً عن الوقت الطويل الذي يمضيه المسافر داخل الطائرات والمطارات. 
وكان قطاع السفر والطيران أول من تأثر فور انتشار "كورونا" في الصين، ما دعا منظمة الطيران المدني الدولي"إيكاو" التابعة للأمم المتحدة حينها إلى الاعلان عن أن أرباح شركات الطيران العالمية ستسجل "تراجعاً محتملاً بما بين 4 إلى 5 مليارات دولار". وأضافت أن "حوالى 70 شركة طيران ألغت جميع الرحلات الدولية المتّجهة من وإلى البر الرئيسي للصين، وإن 50 شركة طيران أخرى قلّصت عملياتها الجوية ذات الصلة". وأدت هذه الإجراءات " إلى انخفاض بنسبة 80 في المئة في سعة شركات الطيران الأجنبية للمسافرين مباشرة من وإلى الصين، وانخفاض بنسبة 40 في المئة في سعة شركات الطيران الصينية ".
ولفتت إيكاو إلى أن الربع الأول من العام الجاري قد يسجل "انخفاضاً بنسبة تتراوح بين 39 في المئة و41 في المئة في سعة الركاب، أي أقل بما بين 16,4 و19,6 مليون مسافر، مقارنة بما كانت تتوقّعه شركات الطيران". ولفتت المنظمة إلى أنه "قبل الوباء، كانت شركات الطيران تخطّط لزيادة طاقتها بنسبة 9 في المئة على الرحلات الدولية المتّجهة من وإلى الصين خلال الربع الأول من عام 2020 بالمقارنة مع عام 2019". 

توقف الشركات الأوروبية 

مع انتشار فيروس "كورونا" الذي صنفته منظمة الصحة العالمية "بالجائحة"،  شهد قطاع الطيران تدهوراً دراماتيكياً مع توجه عدد من شركات الطيران العالمية نحو تقليص عدد رحلاتها وخفض رواتب كبار موظفيها ومنح البعض الآخر اجازات غير مدفوعة للحد من التكاليف وبالتالي الخسائر. هذا بالإضافة إلى توجه بعض البلدان إلى إغلاق مطاراتها ومرافئها وهو ما سوف يزيد من حجم الكارثة على قطاع النقل برمته.
فبعد الصين بدأت الأزمة تزحف نحو أوروبا حيث أعلنت عدة شركات طيران أوروبية أنها سوف تخفض رحلاتها بنسبة تصل إلى 90 في المئة وسط الانخفاض الحاد في الطلب على السفر جواً بسبب تفشي الفيروس.  وكشفت مجموعة لوفتهانزا الألمانية أنها سوف تسير 5 في المئة من رحلاتها المجدولة حتى 19 نيسان/أبريل المقبل، حيث يبدو أن تأثير تفشي فيروس كورونا على الشركة أكبر من المتوقع. كما لفتت الشركة  إلى أن هناك نحو 700 طائرة من بين أسطولها البالغ 763 طائرة على الأرض حالياً. من جهتها أعلنت مجموعة ايرفرانس – كاي أل إم انها بدورها سوف تقلص طاقتها الاستيعابية إلى ما بين 70 و90 في المئة خلال الأشهر المقبلة نتيجة تفشي الوباء المستجد، ما يعني الشركة سوف توقف العمل تماماً بأسطولها من طائرات A380 و B747. وأعلنت شركة "آي.إيه.جي" الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية، إنها سوف تخفض طاقتها الاستيعابية خلال شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو بنسبة 75 في المئة على الأقل. وقال الرئيس التنفيذي للشركة ويلي والش إنه يتوقع أن "يظل الطلب ضعيفاً خلال فترة الصيف". من جهتها قالت شركة "إيزي جت" البريطانية للطيران المنخفض التكلفة إنها قامت "بإلغاءات أخرى مهمة"، وأشارت الشركة إلى أن تعليق الرحلات "سوف يستمر على أساس متجدد في المستقبل المنظور ويمكن أن يؤدي إلى توقف غالبية أسطول "إيزي جت". وتتوقع شركة "ريان إير" الإيرلندية للطيران المنخفض التكلفة توقيف معظم أسطولها عبر أوروبا خلال الأيام المقبلة، مع خفض طاقتها بنسبة تصل إلى 80 في المئة خلال الشهرين المقبلين دون استبعاد التوقف الكامل للاسطول". كما وأعلنت شركة الطيران الاسكندنافية "ساس" أنها سوف تسرح مؤقتاً 90 في المئة من العاملين فيها أي نحو 10 آلاف موظف وتوقف معظم رحلاتها، الأمر الذي دفع حكومات كل من بريطانيا، فرنسا، هولندا والمانيا إلى البحث في سبل دعم صناعة الطيران في أوروبا. 

انتقال "العدوى" إلى أميركا 

ومع اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر السفر من وإلى أوروبا لمدة ثلاثين يوماً في خطوة لاحتواء انتشار "كورونا" ارتفعت اصوات استغاثة شركات الطيران الأميركية لتطالب الحكومة بمنحها حزمة مساعدات بقيمة 58 مليار دولار بما في ذلك قروض وضمانات قروض وإعفاءات ضريبية. وفي سياق متصل، طالبت "بوينغ" بدعم ومساعدات مالية بقيمة 60 مليار دولار. كما أشارت مصادر إلى أن شركة ا"يرباص "سوف تتقدم بطلب مساعدات مالية حكومية إذا استمرت أزمة كورونا عدة أشهر أخرى. 

تدهور الأسهم 

وكان من الطبيعي أن يترجم شلل حركة النقل الجوي بانخفاض في الأسهم، وقد وصف أحد الخبراء الوضع بالقول: "يبيع المستثمرون أسهمهم في أي شيء يتحرك". فبحسب مؤشر S&P 500 فإن قطاع الطيران شهد انخفاضاً في أسعار الأسهم بنسبة 45 في المئة، وانخفضت اسهم "يونايتد ايرلاينز" بنسبة 58 في المئة واسهم مجموعة الخطوط الأميركية، "دلتا ايرلاينز" و"ألاسكا ايرلاينز" و"ساوسويست ايرلاينز" بنسبة 33 في المئة. كذلك الأمر بالنسبة لأسهم الشركات الأوروبية حيث اتخفضت آي أي جي بنسبة 25 في المئة، "رايان اير" 18 في المئة، "إيزي جت" 17 في المئة ونفس النسبة لمجموعة ا"يرفرانس كي أل أم". 
في ظل هذا الانخفاض الحاد في حركة النقل الجوي العالمي وتخبط شركات الطيران التي تواجه أزمة تخطت كل التوقعات، يستعد المسؤولون التنفيذيون لأسوأ السيناريوهات بما في ذلك انخفاض أعمق في الطلب أو تعليق شامل لمعظم الرحلات الجوية التجارية. 
ويبقى السؤال ما هو مصير هذه الشركات؟ هل سيكون الإفلاس؟ فحتى لو تدخلت الحكومات وقدمت الدعم وبقي استمرار تفشي فيروس كورونا ستكون الدول عاجزة عن انقاذ قطاعاتها الاقتصادية بما فيها قطاع النقل. والجواب يبقى بين يدي"كورونا" ووتيرة انتشاره أو انحساره.