"غوغل" والهاتف الذكي يبسطان سيطرتهما على الانترنت

18.03.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني

قررت "غوغل" تعديل شروط ظهور المواقع في نتائج البحث ضمن موقعها Google.com، وقالت إن تقييم المواقع وإظهارها في نتائج البحث سيأخذ بالاعتبار إبتداءا من سبتمبر 2020، نسخة الهاتف الذكي Mobile Version من المواقع المشمولة بالبحث بالدرجة الأولى.

ومن المعروف أن لكل موقع نسخات متعددة تتيح الدخول إليه إما من الكومبيوتر أو الهاتف أو التلفاز وغيرها من الأجهزة. وهذا يعني أن المواقع غير المتوافقة مع نسخة الهاتف الذكي لن تنال علامات كافية تؤهّلها للظهور في مراكز جيدة ضمن نتائج البحث. وهذا قرار بالغ الأهمية، لأن من لا يظهر ضمن نتائج بحث غوغل، يكاد يكون "شبحا" لا أثر له على الإنترنت.

وللدلالة على مدى أهمية هذا القرار في عالم الانترنت، يكفي أخذ العلم أن 46 في المئة من المشتريات التي تتم عالمياً عبر الانترنت تبدأ عند محرك بحث غوغل. وبالنسبة إلى البلدان العربية، يمثّل قرار غوغل جرس إنذار للشركات وكذلك للحكومات التي تريد تعزيز وتطوير قنوات الاتصال مع مواطنيها، خصوصاً عندما نأخذ بعين الاعتبار أن 91 في المئة من سكان الإمارات على سبيل المثال يصلون إلى الإنترنت عبر هواتفهم، فيما تبلغ هذه النسبة في السعودية 88 في المئة. 

يتصارع أصحاب المواقع على الإنترنت لاحتلال أولى المراتب في نتائج "بحث غوغل" Google Search، وسواء تعلّق الأمر بنص أو صورة أو مقطع فيديو، يتعامل الناشرون بجدية مع متطلبات الظهور بمراتب متقدمة. وهذه السياسة المُعتمدة لدى الناشرين ليست تفصيلاً عابراً، بل عاملاً مُقررا في نجاح أو فشل أعمالهم، بخاصة أن عدد المرات التي يُستخدم فيها محرك البحث عند غوغل يبلغ ما معدله 40 ألفاً في الثانية. ومن الأهمية بمكان أن يحصل الناشر، بغض النظر عن محتوى منشوراته، على مركز متقدم في نتائج بحث غوغل. ومع أن محركات البحث عديدة وأهمها Bing، Baidu، Yahoo، Yandex، Ask وغيرها، فإن محرك بحث غوغل هو الأشهر ويستخدمه 92.7 في المئة من مجمل الباحثين على الانترنت (إحصاءات Reliablesoft – كانون الثاني/يناير2020)، أما Bing الذي يحلّ في المركز الثاني فلا تتعدى حصته 2.45 في المئة! وهذا يعني أن الموقع الذي لا يلبي شروط غوغل سيصبح في موقف لا يُحسد عليه.

يف يعمل محرك غوغل؟

تشير شركة غوغل في موقعها إلى أنها تعتمد أسلوب "الزحف الرقمي" للبحث في صفحات الانترنت، وفي كل مرة يطلب منها مستخدم البحث عن كلمة، فإنها "تزحف" من خلال برمجياتها إلى الإنترنت لإيجاد المطلوب، "لأنه لا يوجد سجل مركزي جاهز يضم جميع صفحات الإنترنت"، فضلا عن أن إنشاء مواقع الإنترنت الجديدة هو عمل متواصل، ويصل إلى 547 ألف موقع جديد يومياً. وتذكر الشركة أنها لا تبحث في الإعلانات المدفوعة، فقط بل تبحث في المنشورات التي تصنّفها "أصلية" وتعطيها المراكز الأولى دائماً. وهذا لا يعني أنها لا تشمل ببحثها المنشورات المكرّرة، لكنها تعطيها علامات أدنى، وتالياً فرصاً أقل في احتمال ظهورها في نتائج البحث.

ما أهمية نسخة الهاتف الذكي؟ 

اشتراط غوغل توافق الموقع مع الهاتف الذكي للظهور في نتائج البحث له أسباب ودلالات عدة:

أولاً، من بين 4.54 مليارات حول العالم يستخدمون الانترنت (إحصاءات Statista فبراير 2020)، ثمة 4.18 يصلون إليها عبر الهاتف الذكي. 

ثانياً، من بين نحو 3.8 مليارات يستخدمون وسائل التواصل الرقمية ثمة 3.75 مليارات يعتمدون على هاتفهم الذكي للوصول إلى المواقع.

ثالثاً، بحسب غوغل معظم المواقع التي تظهر في محرك البحث لديها متوافقة مع الهاتف الذكي، لكن ثمة 30 في المئة من إجمالي هذه المواقع لم تقم بالتعديلات المطلوبة ولذلك لا يمكن الدخول إليها من خلال الهاتف. 

رابعاً، معظم عمليات البحث والتصفح على غوغل تتم من خلال الهواتف الذكية. يبلغ عدد مستخدمي الهاتف الذكي 5.19 مليارات (المصدر:Hootsuite - يناير 2020)، ومن بينهم ثمة 80 في المئة يعتمدون على هاتفهم للبحث على الانترنت.

لهذا يبدو أن مستقبل الأعمال على الانترنت مرتبط بشكل وثيق بالهاتف الذكي، وهو وحده سيقرر من سينجح ومن سيفشل، وغوغل على دراية كاملة بالموضوع، وقرارها حول توافق المواقع مع الهاتف الذكي يعدّ أمراً حيوياً لاستمرار سيطرتها في عالم الإنترنت.

الأمر الآخر الذي يجب أن يكون واضحاً لدى أي شركة تريد حجز مكان لها في مستقبل الإنترنت، هو أن أعمالها من الآن فصاعداً يجب أن يُخطّط لها بعد الأخذ بالاعتبار متطلبات الهاتف الذكي وتوجهات استخدامه سواء في الترفيه أو الدفع الالكتروني أو المعرفة وغيرها من الأعمال.