الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي:
تراجع النمو لأسباب إقليمية ودولية

16.01.2020
عبد الوهاب تفاحة
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
زينة أبوزكي

الأمين العام للإتحاد العربي للنقل الجوي عبد الوهاب تفاحة، يمارس مسؤولياته بعمق بعيداً عن أي ضجيج إعلامي، منصرفاً إلى متابعة كل ما يتعلق بشؤون الطيران المدني وشجونه، ساعياً إلى توثيق التعاون بين الناقلات الوطنية العربية.  وعلى مدى ربع قرن، راكم الاتحاد العديد من الإنجازات لجهة تعزيز التعاون بين شركات الطيران الوطنية العربية على أكثر من صعيد، أما التعاون بين وزارات النقل فانه أمر آخر.  

عبد الوهاب تفاحة، ذو شخصية متوازنة متواضعة، يتجنب الحديث عن »الأنا». ويحظى بإحترام قادة شركات الطيران العربية إضافة إلى احترام المنظمات الإقليمية والدولية المعنية. يمارس مهامه بدقة كما دقة مواعيد الإقلاع، لكنه لا يحلق إلا في أجواء العمل والمتابعة.

يقول عبد الوهاب تفاحة في حديث خاص مع « الإقتصاد والأعمال» إن الجمعية العمومية للإتحاد قررت في اجتماعها الذي عقد مؤخراً في الكويت، عقد القمة العربية الأوروبية للطيران في 23 و24 مارس 2020، في بيروت. يشار إلى أن هذه القمة التي يشارك في تنظيمها الاتحاد الأوروبي والمنظمة العربية للطيران المدني إلى جانب الاتحاد العربي للنقل الجوي كانت قد عقدت في مسقط قبل عشر سنوات، كما قررت الجمعية عقد اجتماعها المقبل في شهر أكتوبر المقبل في بيروت أيضاً. 

ويضيف تفاحة ان القمة التي تشارك فيها الحكومات الأوروبية والعربية ستتناول ثلاثة محاور: أولاً، العلاقات التنظيمية والتي لها علاقة بحقوق النقل، والاتفاقات الثنائية، والتشريعات الأوروبية التي لها انعكاسات على العلاقات بين الدول العربية والأوروبية.

بيروت تستضيف في العام 2020 القمة العربية الأوروبية للطيران

ثانياً، الأمن والسلامة خصوصاً وأن أوروبا تشكل إحدى السلطات العالمية المعتمدة في تحديد معايير الأمن والسلامة في قطاع الطيران المدني.

ثالثاً: التعاون الفني على مستوى إدارة السعة الجوية، وهذه المواضيع أساسية بالنسبة للعلاقة بين المنطقتين. 

البيئة والتشريعات 

وعن أبرز مقررات الجمعية العمومية في الكويت، يقول تفاحة إنها تناولت محورين رئيسيين، الأول يتعلق بكيفية تعامل شركات الطيران مع البيئة، والثاني التشريعات الحكومية المؤثرة على القطاع. في ما يتعلق بالبيئة صادقت المنظمة الدولية للطيران المدني على مشروع CORSIA الذي ينص على أن أي دولة في العالم تنتج 0.5 في المئة من إجمالي انتاج انبعاثات  ثاني أوكسيد الكربون عالمياً عليها أن تتخذ إجراءات للحد من التلوث البيئي، فالإجراءات المطلوبة بعد 2020 تنص على ان لا تتخطى شركات الطيران معدل هذه الانبعاثات أي مليوني طن من ثاني أوكسيد الكربون وفي حال تخطت ذلك عليها شراءOFFSET CERTIFICATE من خلال سوق ثاني أوكسيد الكربون التي تحصل عليها من المنشآت التي تحولت إلى الطاقة النظيفة والتي بإمكانها إصدار هذه الشهادات إذا كانت معتمدة من الأمم المتحدة. وفي حلول العام 2020 سيتم تثبيت الانبعاثات على مستوى لا يتخطى 560 مليون طن كجزء من الاستثمار في الطاقة البديلة. ويشمل هذا الإجراء ثلاث شركات عربية هي الإماراتية والقطرية والسعودية، هذا فضلاً عن التحسين التقني من خلال تكنولوجيا محركات الطائرات للمساهمة في التخفيف من الانبعاثات. والمحور الثالث هو الوقود المستدام إن كان BIO FUEL  أو FOSSIL FUEL لإنقاص الأثر البيئي هذا فضلاً عن السعي لدى المصنعين ولا سيما في مجال المحركات من أجل تغيير جذري في صناعة الطيران لتكون أكثر انسيابية وأقل حرقاً للوقود والطلب من الحكومات استخدام BIO FUEL وتحسين البنية التحتية في المطارات ومعالجة التأخير الذي بدوره يزيد من انتاج ثاني أوكسيد الكربون. أما المحور الثاني فيتعلق بقرارات الحكومات  ولا سيما من ناحية اثقال القطاع بالضرائب كلما دعت الحاجة إلى مداخيل، ولا سيما في الدول السياحية التي تؤثر سلباً على التدفق السياحي المعروف بعائداته العالية أكثر بكثير من الضرائب. 

التعاون العربي

وعن التعاون العربي يقول تفاحة:«هناك شقان من التعاون على مستوى الاتحاد، ومما لا شك أن التعاون بين شركات الطيران ممتاز ومردوده على الأعضاء كبير إن من خلال اتفاق الوقود الذي يوفر ما بين 70 - 80 مليون دولار سنوياً، ومشروع نظم التوزيع الشامل التي توفر 110 ملايين دولار سنوياً والتعاون في الصيانة والتعمير كما على مستوى تبادل المعلومات الأمنية والخدمات الأرضية في الخارج، حيث أن هناك 10 محطات مشتركة في العالم. 

إتفاقية دمشق

أما على مستوى الحكومات العربية فيمكنني التأكيد أن القناعة والإرادة موجودتان لدى الكثير من الدول العربية لتطوير الإطار التنظيمي والذي نشأ عنه إطار قانوني لعملية تحرير الأجواء في العالم العربي وهو اتفاقية دمشق لعام 2004، والتي دخلت حيز التنفيذ بعد توقيع خمس دول عربية عليها، كما إن هناك بلدان اعتمدت سياسات تحررية بمعزل عن الاتفاقية، فالهدف إطلاق حرية النقل ضمن ضوابط واضحة تشكل شبكة أمان في عدم استخدام هذه الاتفاقية لضرب شركات من خلال ممارسات غير تنافسية بل حرية التشغيل ضمن القواعد التشغيلية بما فيها الحرية الخامسة، والتي ممكن ان تصل إلى تبادل الملكية والوصول بالتالي إلى شركات طيران تحمل علم بلدها ولكن تتواجد في أكثر من بلد عربي، وهذا إذا طبقت اتفاقية دمشق بالكامل وهو الهدف الأسمى منها، والتي حتى الآن لا تطبق الإتفاقية إلا بأدنى حدودها أي مسألة تحرير الأجواء.

الاتحاد يقرّ تدابير للأثر البيئي ويستغرب الضرائب على القطاع

ومما لا شك فيه أن الظروف السياسية هي التي حالت دون تنفيذها، ولا ألوم هنا الدول العربية إن تأخرت بالتنفيذ لكن ألومها في حال تراجعت عن الحريات التي تم منحها. 

أسطول حديث 

ويشير الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي إلى أن الأسطول العربي شهد خلال العامين الماضيين (حتى سبتمبر 2019) دخول 214 طائرة جديدة وخروج 194 طائرة ما يعني زيادة 20 طائرة فقط. وهذا رقم لم نعتد عليه من قبل حيث كان معدل الطائرات الجديدة في العقد الماضي يتراوح مابين 50 إلى 100. ويضيف انه خلال العام الحالي (حتى نهاية أكتوبر)، فاق عدد الطائرات الخارجة من الخدمة تلك الداخلة بتسع طائرات، ولكنه يلفت في المقابل إلى أن الأسطول العربي يعتبر من الأحدث في العالم بعدل 7.7 سنة لعمر الطائرة مقارنةً بأوروبا وأميركا التي يتراوح عمر الطائرة ما بين 12 و14 سنة، وهذه سياسة معتمدة في العالم العربي لتخفيض كلفة الصيانة واستهلاك الوقود، هذا فضلاً عن توجه بعض شركات الطيران الكبرى في المنطقة إلى طائرات ذات المدى المتوسط واستبدال الطائرات الكبيرة بطائرات متوسطة لمواءمة السعة مع النمو. 

الطيران الاقتصادي

وعن شركات الطيران الاقتصادي يقول تفاحة: «هي شركة طيران منظمة ولكن لديها نموذج عمل يختلف عن سواها ولدينا طيران العربية وفلاي دبي وشركات أخرى هم أعضاء تنطبق عليها الشروط والمواصفات نفسها، التشغيل التجاري وشهادة سلامة معتمدة دولياً وغيرهما من الشروط الأساسية».  

الأوضاع الاقتصادية والسياسية 

وعن تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة على قطاع الطيران المدني، يقول تفاحة:«هذه الأوضاع تنقسم إلى قسمين سياسي واقتصادي التي بدورها تنقسم إلى داخلي وخارجي. في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي العربي فقد تأثر سلباً بتراجع أسعار النفط، ما أدى بالتالي إلى تراجع الطلب على السفر. أما على مستوى عدم الاستقرار السياسي، فهناك مجموعة من الدول العربية تراجعت إمكاناتها نتيجة عدم الاستقرار السياسي مثل تونس والجزائر وليبيا التي تراجع عدد المسافرين فيها من خمسة ملايين  إلى مليون  هذا فضلاً عن التغيرات السياسية والهجمات الإرهابية في مصر على الرغم من الانتعاش الذي شهدته السياحة مؤخراً، بالإضافة إلى النزاعات في اليمن، العراق، سورية ولبنان والسودان، وهذا عنصر مؤثر جداً لأن معظم البلدان التي شهدت أزمات سياسية كانت وجهات سياحية أساسية. 

الأسطول العربي هو الأحدث عالمياً بمتوسط عمر يبلغ 7,7 سنوات

أما على المستوى العالمي، يشير تفاحة إلى أن شركات الطيران العربية يمتد نشاطها إلى كل العالم وكانت تعتمد على حركة النقل القاري مثل الخطوط المغربية والإماراتية والقطرية والاتحاد. وقبل الأزمة المالية العالمية العام 2008 كان النمو يعتمد على الحركة من وإلى العالم العربي الذي كان يشهد استقراراً سياسياً وأمنياً، ما شكل شبكة أمان لشركات الطيران العربية. ولكن بعد الأزمات السياسية في العالم العربي، باتت شبكة الأمان تتمثل في النقل القاري والدولي مع التخفيض في السعة المعروضة وبالتالي تخفيض الأسعار لزيادة عدد الركاب، خصوصاً في ظل تراجع نمو الاقتصاد العالمي وتداعيات الحروب التجارية بين الدول الكبرى.  

تراجع النمو في القطاع

 ويضيف تفاحة انها المرة الأولى التي يواجه فيها قطاع الطيران العربي أزمتين على المستوى العربي والعالمي ما أدى إلى تفاقم التراجع في مستويات النمو، حيث بلغ متوسط النمو، في النقل العربي مابين العامين 2000 و2010 نحو 10 في المئة في المطارات العربية، وانخفض متوسط النمو من 6.4 مابين العامين 2011 إلى 2015 وإلى 4.4 في المئة خلال السنوات الأربع الأخيرة، ولا نتوقع تحسناً كبيراً إلا إذا حصلت متغيرات على المستويات السابق ذكرها إقليمياً وعربياً. أما نمو شركات الطيران العربية، فوصل إلى نحو 12 في المئة قبل العام 2010 ولكن في الفترة الأخيرة لم يتخط النمو 5 في المئة.