الانفتاح والتعاون

يعززان التحوّل الرقمي في المنطقة

24.12.2019
تشارلز يانغ
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بقلم تشارلز يانغ*

تشهد مجتمعاتنا اليوم انتشارا متزايدا للأنظمة الرقمية والخدمات الذكية، التي تستفيد بشكل كبير من التطورات المتسارعة في عالم التكنولوجيا. وهذا ما يطلق عليه إسم "عملية التحول الرقمي". ولتحقيق الاستفادة الكاملة من الجيل الجديد من الاتصالات في المؤسسات التجارية، تحتاج الأعمال إلى إعادة هيكلة أنظمتها بالكامل، وليس فقط على مستوى البنية التحتية لتقنية المعلومات. واليوم، باتت أهمية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات واضحة وجلية، خصوصا بالنسبة للدول الساعية إلى دفع عجلة التنمية والتطوير. وينطبق هذا الأمر بصفة خاصة عندما تكون أنظمة تقنية المعلومات والاتصالات منفتحة على العمل المشترك وتضافر الجهود في مجالات حيوية كتعزيز الكفاءة والابتكار والنمو للاستفادة من جميع مزايا عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدءاً من شبكات الجيل الخامس، مروراً بالذكاء الاصطناعي وصولا إلى سلاسل التوريد.
 
بناء جسور التعاون والعمل المشترك هو السبيل الوحيد إلى تحقيق النجاح
 
لدينا قناعة بأن بناء جسور التعاون والعمل المشترك هو السبيل الوحيد إلى تحقيق النجاح في جميع مسعى بناء النظام الإيكولوجي الضروري لتحفيز الابتكار وإحداث التغيير وتحقيق الأهداف. ونعتبر أن الانفتاح من أهم مقومات تعزيز الشراكات الشاملة والمستدامة ذات المصلحة والمنفعة المشتركة. لا يمكن في العصر الرقمي لأي طرف أن يدّعي أنه قادر على القيام بكل الأعمال بمفرده. لذا، بات من المهم أن تختار المؤسسات شركاءها بناءً على احتياجاتها الحقيقية الداخلية لا على أساس احتياجاتها المتعلقة بتحديد المنتجات وأسعارها. لذلك إن الأنظمة الإيكولوجية المفتوحة والشاملة والمستدامة تعزز تواجد الموردين وتوافرهم وتنافسهم، وبالتالي تحقق مزيداً من الرخاء والازدهار لأعمالهم بما يعود بالنفع على جميع الأطراف. وهكذا يُمكن لجميع المعنيين بالنظام الإيكولوجي التطور معاً.
 
ولا شك أن أحد العوامل الأخرى المساهِمة في دعم بناء النظام الإيكولوجي المستدام والصحي اعتماد نهج التركيز على العميل أولاً. فعلى سبيل المثال، يتجه قطاع الصيرفة والتمويل نحو مرحلة جديدة عنوانها الذكاء والخدمات الرقمية لأن سلوك العملاء يتغير بشكل سريع. الاعتماد على الدفع من خلال الهاتف المحمول مثلاً يقلل من الطلب على بطاقات الدفع التقليدية والدفع النقدي، والعملاء باتوا معتادين على الوصول إلى الخدمات المالية عبر الإنترنت أو الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول أكثر من الاصطفاف في البنوك. لذلك كان لا بد للبنوك من تعزيز الخدمات التي تربطها بالعملاء، سواء كانت وسائل أو قنوات دفع أو حتى الأنظمة التي تتيح التعامل مع البيانات والتكنولوجيا الخاصة بذلك. وكل ذلك يتم مع الانتباه إلى أهمية التحكم بالمخاطر المترافقة مع تقديم خدمات متطورة. وهذا ليس أمرا سهلا، إذ أن هذه الخدمات مُعتمدة من جانب طيف واسع من العملاء الذين يملكون متطلبات مختلفة على رأسها حداثة خدمات الاتصالات. وهذا النوع من العملاء ينتشر في عدد من القطاعات المختلفة كتجارة التجزئة والرعاية الصحية وغيرها. وعندما تحقق البنوك كل هذه الأهداف، يُمكن زيادة حصتها في السوق من خلال بناء أنظمة إيكولوجية متكاملة.
 
اليوم نتعامل مع أكثر من 13 ألف مورِّد من جميع أرجاء العالم 
 
وقد ركزت شركتنا على نهج توفير خدمات ذات قيمة مضافة للجميع منذ تأسيسها قبل أكثر من 30 عاماً، وحرصنا على تحقيق مجموعة من الإنجازات على رأسها التفوّق في مجال الابتكار والتعاون مع أكبر عدد من مزوّدي الخدمات. واليوم نتعامل مع أكثر من 13 ألف مورِّد من جميع أرجاء العالم، وهذا خير مثال على اهتمامنا بالتعاون مع الجميع. نحن جادون في دفع عجلة التنمية الصناعية وضمان استمرارية الأعمال التي ستحافظ على استقرار أعمال شركتنا وشركائنا في الوقت ذاته، بغض النظر عن طبيعة التغيرات المستقبلية. 
 
كذلك نهتم في هواوي باستشراف المستقبل من خلال دراسات عالمية موسّعة كان آخرها دراستنا السنوية "رؤية صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات في العالم". وقد أظهر التقرير الخاص بالدراسة أنه بحلول سنة 2025 سيكون هناك نحو 40 مليار جهاز ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأن 90 في المئة من تلك الأجهزة سيكون مزوّدا بمساعد شخصي ذكي. كما أشار التقرير إلى أن 12 في المئة من المنازل ستحتوي على روبوتات بحلول سنة 2025، وسيكون هناك 100 مليار جهاز متصل بالشبكة. وهذا الأمر سيساعد في دفع التحوّل الرقمي ضمن مجالات مختلفة، تشمل على سبيل المثال المرافق العامة ووسائل النقل والتصنيع والرعاية الصحية والزراعة والخدمات المالية. وسنشهد في هذا العالم الذكي المستقبلي حركة بيانات (Data) هائلة، كما سيتم تخزين 85 في المئة من داتا تطبيقات الشركات على السحابة الإلكترونية، وستعتمد 86 في المئة من الشركات العالمية على الذكاء الاصطناعي، وسترتفع معدلات استخدام البيانات ارتفاعاً هائلاً.
 
نتعاون مع شركات الاتصالات لتطوير تقنيات الجيل الخامس 
 
شبكات الجيل الخامس هي أحد أهم الأمثلة التي ينبغي تطبيق نهج الانفتاح والعمل المشترك لبناء نظامها الايكولوجي في منطقة الشرق الأوسط نظراً لما تحمله هذه التقنية من بعد تطويري لكافة القطاعات والصناعات. وفي هذا المجال، فإننا نتعاون مع عملائنا الاستراتيجيين وعلى رأسهم شركات الاتصالات بالإضافة لكافة الشركاء الآخرين المعنيين بتطوير تطبيقات الجيل الخامس في القطاعات والصناعات المتخصصة. ونعمل مع الجميع على بناء نظام إيكولوجي مزدهر لتوسعة آفاق الاستخدام التجاري المدروس لشبكات الجيل الخامس وحصد ثمار ذلك في كافة المجالات. على سبيل ذلك، نفذنا مجموعة من المشاريع المشتركة لتطوير تقنية تقسيم الشبكات والحوسبة الطرفية المتنقلة في الشبكات الذكية، والواقع الافتراضي والواقع المعزز، وإنترنت السيارات، وإجراء العمليات الجراحية عن بُعد، والتصنيع الذكي وغيرها. وهذا يوسّع نطاق النظام الإيكولوجي العالمي لشبكات الجيل الخامس ويضيف أبعاداً جديدة للتعاون مع كافة الشركاء في هذا المجال.
 
وبطبيعة الحال فإن تقنية المعلومات والاتصالات - باعتبارها صناعة قائمة على الاستخدام المكثف للمعرفة - تعتمد اعتماداً كبيراً على الكفاءات البشرية. كما أن النظام الإيكولوجي المزدهر يزيد الطلب على القوة العاملة المؤهلة تأهيلاً مناسباً. وينطبق هذا بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط حيث لا تزال هناك ثغرات بين أنظمة التعليم ومتطلبات سوق العمل في مجال التكنولوجيا. وبناءً على تحليل هيكل الطلب على الخبرات، وجدنا أن هناك ثلاثة تحديات رئيسية تواجه توفير الخبرات وتوزيعها في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، وهي: الفجوة بين العرض والطلب عموماً، وعدم التوافق بين جودة الخبرات والاحتياجات الفعلية في السوق، وتركّز الطلب على المواهب في مجال تقنية المعلومات الاتصالات ضمن الفئات الناشئة.
 
بناء الجدران والدخول في متاهات الجدالات والسجالات ليس في مصلحة أحد
 
ولمعالجة هذه التحديات وسد الفجوة الرقمية مع تعزيز الشمول الرقمي في الوقت ذاته، طوّرنا نظاماً إيكولوجياً للخبرات يسعى إلى تطوير المواهب المحلية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، وذلك في إطار مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركة. وتُعد مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات إحدى المنصات الأساسية التي نعمل عليها لبناء النظام الإيكولوجي للخبرات، حيث تستهدف المسابقة جذب اهتمام جيل الشباب إلى عالم التكنولوجيا ودمجهم فيها بشكل أكبر والعمل على صقل مهاراتهم وخبراتهم العملية تمهيداً للانتقال بهم ليكونوا قادة مستقبل التكنولوجيا في بلدانهم. وتجسد المسابقة نهج الانفتاح والتعاون وتضافر الجهود والعمل المشترك بين هواوي والجامعات وكافة الأطراف المعنية بتطوير المواهب من مختلف أنحاء العالم، ما يساعد على بناء وإثراء النظام الإيكولوجي العالمي للمواهب. وفي عام 2018، استقطبت هذه المسابقة أكثر من 40 ألف طالب من أكثر من 800 جامعة في 32 دولة ومنطقة بما في ذلك بلدان منطقة الشرق الأوسط.
 
صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات، ليس سوى جزءاً من النظام الايكولوجي العالمي الشامل والمتكامل الذي ينبغي أن نعمل جميعاً على بنائه. ولا بد من السعي الدائم لاستمرارية تطوير هذا النظام وفقاً لوعي وإدراك تام بأن خوض غمار الابتكار  لخدمة مستقبل البشرية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الانفتاح على الآخر وبناء جسور التعاون والعمل المشترك وتضافر الجهود. وغني عن القول أن النجاح في هذا المسعى لا يمكن أن يتم من خلال بناء مزيد من الجدران أو الدخول في متاهات جدالات وسجالات لا تخدم على الإطلاق هدف بناء النظام الايكولوجي المستدام الشامل والمتكامل الذي تعم فوائده الجميع، لخدمة الشعوب من خلال الابتكارات التكنولوجية.  
 

*رئيس شركة هواوي في منطقة الشرق الأوسط