لوحات ذكية للسيارات في دبي:

بين الأمن والسلامة وحماية الخصوصية

10.12.2019
السيارات المتصلة بالانترنت تطرح أسئلة حول خصوصية الأفراد
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني
تحت عنوان "رصد الاختناقات المرورية وسلامة الطرقات"، قررت دبي المضي قدما في مشروع تركيب اللوحات الذكية Smart Plates على السيارات بعد توقيع "هيئة الطرق والمواصلات" مذكرة تفاهم مع شركة "ريفايفر أوتو" الأميركية. المشروع بحسب الهيئة يستهدف تحديد الاختناقات المروية ومكافحة السرقات وتسهيل الدفع الإلكتروني وصلاحية تأمين وترخيص المركبات، ومراقبة مدة ومسارات رحلات السيارات ومكافحة سرقتها ورصد حوادثها. وسبق أن جُرّبت هذه اللوحات عام 2018 في دبي ضمن مشروع لإطلاق نداء الاستغاثة تلقائيا لدى تعرّض السيارة لحادث وعرض تحذير ضوئي عند تعرّضها للسرقة. ويفتح المشروع الجديد الباب أمام عدد من الأسئلة خصوصا وأن التكنولوجيا تطورت في هذا المضمار إلى درجة كبيرة، ووسّعت من مدى انكشاف المعلومات الشخصية للأفراد وطرق تجميعها واستخدامها، في الوقت الذي لا تزال فيه القوانين تتأخر عن التفاعل مع حماية الخصوصية الفردية. 

البيانات مُربحة أكثر من السيارة 

هذا المجال ليس تفصيلا بسيطا، إذ أنه لا يتعلق فقط بحق الفرد بالخصوصية، بل أيضا يشكل "بزنس" بالغ الأهمية بالنسبة للأطراف التي تحصل على البيانات التي تولّدها السيارات يوميا. وبحسب دراسة لشركة ماكنزي فإن قيمة البيانات التي تجمعها شركات السيارات من سياراتها المتصلة بالإنترنت، قد تبلغ قيمتها عالميا نحو 750 مليار دولار بحلول سنة 2030. 
ولشرح سبب ارتفاع قيمة هذه المعلومات، يكفي أن نعرف أن الشركات تستطيع من خلال مراقبة سياراتها على الطرقات معرفة كمية هائلة من المعلومات سواء تعلق الأمر بتعطل السيارة وعدد الحوادث التي تتعرض لها ومعنى ذلك بالنسبة لشركات التأمين والمطاعم التي يرتادها السائق والمسافة التي يقطعها يوميا وغيرها من المعلومات. وقد وُفّق أحد خبراء شركة "دويتشه تيليكوم" في مقالة له على موقع الشركة بوصف الأمر على الشكل التالي: "البيانات التي تقدمها السيارة المتصلة بالإنترنت، هي أكثر ربحية من السيارة نفسها". 
ومع الأخذ بالاعتبار الفرق بين الأهداف التجارية للشركات وأهداف الحكومات، فمن البديهي القول أن اللوحات الذكية ستتيح معرفة المسارات التي يسلكها السائق والعناوين التي يزورها وأنماط استخدامه لسيارته، ومن هنا يمكن التساؤل حول الجوانب التنظيمية المتعلقة بـ "الداتا" Data التي سيتم جمعها ضمن مشروع اللوحات الذكية في دبي، خصوصا وأنها تصنّف تحت بند المعلومات الشخصية التي ترعاها أنظمة وقوانين الخصوصية، وما إذا كانت القوانين الاتحادية الإماراتية توفر تغطية قانونية متكاملة لهذا القطاع المُستجد في دبي. ومن الأسئلة البديهية التي تُطرح في هذا المجال، هو ما إذا سيُترك لصاحب السيارة حرية اختيار عدم تركيب اللوحة الذكية أم لا، وما إذا كان سيمتلك حرية إزالة البيانات المسجّلة عنه. 

الدستور الإماراتي 

من المعروف أن الدستور الإماراتي يكفل في المادة 31 منه حرية المراسلات من خلال وسائل الاتصالات كما يكفل سريتها "وفقا للقانون". ومن المعروف أيضا أن قوانين العقوبات الاتحادية في الإمارات الصادرة عام 2016 والخاصة بمكافحة جرائم تقنية المعلومات وحماية الخصوصية، ترعى الجوانب المتعلقة بخصوصية البيانات الناتجة عن استخدام الأفراد للأجهزة الرقمية المختلفة. 

التجربة الأوروبية   

عام 2016 وافقت مفوضية الاتحاد الأوروبي على مجموعة من القوانين والقواعد المتعلقة بالخصوصية والبيانات الشخصية، وحملت هذه القوانين مجتمعة إسم "لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي" GDPR. وتحمي هذه القوانين الأفراد فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية واستخداماتها. ولحظت القوانين الجديدة ما اسمته "السيارة المتصلة" Connected Car، لأنها اعتبرت السيارة ملكية شخصية وكل البيانات الناتجة عنها تخضع لقوانين الـ GDPR وهي تحمل صفة المعلومات الشخصية وتستفيد من قوانين الخصوصية الرقمية.    
أما في الولايات المتحدة، فقد تم تطبيق مجموعة من قوانين الخصوصية التي تشمل السيارات وسائر الأجهزة الرقمية المتصلة بالانترنت، وسمحت للأفراد بحق قبول أو رفض مشاركة البيانات الناتجة عن استخدامهم لسيارتهم. لكن حتى اليوم لا تزال مسألة الخصوصية المتعلقة بالبيانات الصادرة عن السيارات المتصلة تثير نقاشات ومطالبات بتعديل القوانين نظرا لقصورها عن حماية حق الأفراد بالخصوصية.