لبنان: إنشاء معمل دير عمار 2
تعددت الأسباب والتأخير واحد

14.10.2019
وزيرة الطاقة ندى البستاني
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

على الرغم تصريحات وزيرة الطاقة ندى البستاني عن قرب بدء العمل بإنشاء معمل دير عمار2، إلا أن الحلّ النهائي والحاسم لم يظهر بعد، بل تبيّن أن آليات معالجة المشكلة الأولى عبر تغيير صيغة التلزيم من عقد إنشاء المعمل لمصلحة الدولة إلى عقد بناء وتشغيل ومبيع طاقة للدولة، (B.O.T.) أنتجت مشاكل غير متوقّعة متصلة بكيفية الحصول على التمويل اللازم للشركة التي ستحلّ محل الملتزم الأساسي (الشركة اليونانية)، ومطالبتها بالحصول على ضمانات لتحويل المبالغ الناتجة عن مبيع الطاقة من الليرة إلى الدولار لتسديد قيمة التمويل، فضلاً عن تضارب مصالح الشركاء في هذه الشركة.

ما هي المراحل التي مرّ بها مشروع إنشاء معمل دير عمار 2؟ وما هي طبيعة المشاكل التي طرأت؟ ومتى يتوقع حسم الإشكالات الناشئة للبدء بالتنفيذ؟

توزيع الأسهم

في 8 أيلول 2019 تأسّست شركة « أفاكس داب2» برأس مال 225 مليون ليرة. مهمتها تنفيذ المشاريع الكهروحرارية (جمع التوربينات والتوربينات البخارية والمراجل وكافة الأقسام الأخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية)، ومساهموها غير مصرّح عنهم بعد في السجل التجاري. لكن بحسب مصادر مطّلعة، إن مساهمي هذه الشركة هم علاء الخواجة والشقيقان تيدي وريمون رحمة، وهي ستتملك العقد الذي التزمته الشركة اليونانية J& P AVAX بإنشاء معمل دير عمار2 في 2013. 

تملّك الشركة الجديدة لهذا الإلتزام ينطوي على تعديلات جوهرية وأساسية في بنية الشركة والعقد:

ــ توزيع أسهم الشركة الجديدة على الخواجة ورحمة جاء بعد سلسلة تعقيدات ومفاوضات بين الخواجة ورحمة مع غسان غندور وممثلي الشركة اليونانية. غندور كانت له حصّة أساسية في العقد تبلغ 17.5 في المئة والشركة اليونانية كانت ترغب في التنحي عن العقد مقابل مبلغ مالي يصل إلى 40 مليون دولار، وإبقاء حصّة لها في الشركة الجديدة تتضمن قيامها بالأعمال الإنشائية للمعمل. المفاوضات بين الأطراف الأربعة انتهت في 4 شباط الماضي، إلى قبول الخواجة ورحمة وغندور بمطالب الشركة اليونانية، على أن تتوزّع الحصص الباقية عليهم وأن تبقى حصّة غندور البالغة 17.5 في المئة من ضمن حصّة الشركة اليونانية، أي إن حصّتها ستبلغ 23.5 في المئة غير إنه بعد بضعة أشهر قرّر غندور الانسحاب نهائياً من هذه الصفقة ما رتّب أعباء إضافية على الشركة الجديدة انتهت بمعالجتها عبر شراء حصّته كاملة مقابل إبقاء حصّة للشركة اليونانية بنسبة 6 في المئة من الأسهم وصارت الحصص متوزّعة على الشكل الآتي: 48.5 في المئة لعلاء الخواجة، 45.5 في المئة للشقيقين رحمة، و6 في المئة للشركة اليونانية.

تعديل العقد

في 21 أيار 2018 أقرّ مجلس الوزراء صيغة جديدة للعقد مستبدلاً طبيعته من EPC (بناء لصالح الدولة) إلى عقد PPA  (بناء وتشغيل وبيع طاقة للدولة) لمدّة 20 سنة قابلة للتجديد خمس سنوات إضافية. هذا الأمر جاء لمصلحة الشركة الجديدة التي أجرت حسابات على عملية استرداد رأس المال والربح تشير إلى أن العائد على الاستثمار يغطّيه بشكل كامل بعد أقل من سبع سنوات، وأن نسبة الربحية تمتد على باقي السنوات بما يشكّل معدلاً سنوياً إجمالياً 14 في المئة. 

الصيغة الجديدة للعقد، ورغم أنها كانت مكسباً للشركة الجديدة التي ستستثمر على المدى الطويل، إلا أنها رتّبت عليها أعباء إضافية بعد التطورات المالية والنقدية الأخيرة في لبنان. ففيما ارتفعت أسعار الفوائد على قروض الدولار الأميركي لتبلغ 14 في المئة، وبدأت السوق تشهد شحّاً من الدولارات، بات على الشركة الملتزمة أن تبيع الطاقة للدولة اللبنانية وأن تقبض ثمنها بالليرة اللبنانية، وأن تحصل على التمويل المصرفي بالدولار الأميركي. 

التمويل والدولار

مخاطر هذا الشكل من أشكال الاستثمار تعدّ كبيرة في بلد معرّض لهزّات مالية، فضلاً عن أن مستويات الربحية بدأت تنخفض بسبب هذه التطورات، ما دفع الشركة إلى إعادة التفاوض مع الدولة اللبنانية على سعر شراء الكهرباء وطلب ضمانات منها  لتأمين تحويل الليرات المقبوضة إلى دولارات جاهزة لتسديد قيمة التمويل المصرفي. أثّر هذا الأمر على عملية التمويل بكاملها، لأن الشركة الجديدة عليها أن تؤمن تمويلاً تصل قيمته إلى 580 مليون دولار منها ما يضخّ نقداً في رأس المال، ومنها ما يتم تأمينه عبر قرض مصرفي يتولى بنك عوده إدارة عملية تمويله.

المشكلة التي وقعت فيها الشركة أنها لم تتمكن من انتزاع ضمانة مصرف لبنان لقبض ثمن مبيع الطاقة بالدولار، لكنها حصلت على وعد بزيادة ثمن الطاقة المنتجة بما يعوّض نسبة من الفرق في سعر الصرف، كذلك قالت المصادر إن هناك مفاوضات مع صندوق أميركي لتقديم التمويل اللازم لإنطلاقة المشروع، وأن هذا الأمر هو المسألة الحاسمة التي ستدفع الشركة الجديدة إلى بدء تنفيذ العقد الذي انتقل إليها من الشركة اليونانية.

متى البدء بالتنفيذ؟

في حال تكلّلت المفاوضات بالنجاح، فإن الصيغة الجديدة من العقد ستفسح المجال امام الدولة اللبنانية ــ وزارة الطاقة بالانتقال إلى الخطوات التنفيذية وبدء إنشاء المعمل وإنهاء الخلاف مع الشركة اليونانية التي كانت تطالب بتعويضات عطل وضرر جراء عدم تسليمها الموقع وعدم تسلم الوزارة التوربينات وسواها من التجهيزات التي اشترتها لبدء التنفيذ بقيمة 150 مليون دولار. كذلك، فإن الشركة اليونانية تكون قد فازت بحصة من العقد وبمبلغ تعويض مقدر بنحو 40 مليون دولار دفعه المستثمرون الجدد.

وكان تلزيم إنشاء المعمل بدأ في العام 2013، إلا أن الخلافات السياسية اندلعت حول من يدفع قيمة الضريبة على القيمة المضافة البالغة 50 مليون دولار ما أدّى إلى تعطيل المشروع ولجوء الشركة اليونانية إلى التحكيم الدولي ضدّ الدولة اللبنانية تطالبها بعطل وضرر عن تأخر الأشغال ابتداءً من تشرين الأول 2013 إلى اليوم أو ما توازي قيمته 150 مليون دولار. التعطيل حرم اللبنانيين 5 ساعات من الكهرباء يومياً منذ 2013  إلى اليوم لأن المعمل المزمع إنشاؤه كان بقدرة إنتاج 550 ميغاواط.

رغم كل ذلك، لا يزال هناك من يشير إلى أن الشياطين تكمن في تفاصيل الاتفاق ولهذا السبب لم يعلن بعد عن إنجاز هذا الاتفاق وعرضه على مجلس الوزراء، فيما صرّحت وزيرة الطاقة ندى البستاني في أكثر من مناسبة عن اقتراب موعد بدء التنفيذ الذي لم يبدأ بعد