محافظ المركزي الأردني:
إجراءات شاملة للإستقرار المالـي والمصرفي

09.10.2019
د. زياد فريز
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عاصم البعيني

رغم إرتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة والتقلبات الاقتصادية، نجح البنك المركزي الأردني عبر سياسة نقدية مُحكمة في مواكبة ودعم خطط الإصلاح الاقتصادي، كما ساهمت إجراءات البنك في تعزيز متانة القطاع المصرفي، إذ بلغ معدل كفاية رأس المال نحو 16.4 في المئة في نهاية العام الماضي، ترافق ذلك ما مع أظهرته نتائج اختبارات الضغط من قدرة المصارف على استيعاب أي مخاطر محتملة في ضوء أسوأ السيناريوهات المعتمدة. 

كذلك عمل البنك المركزي على تكريس بيئة حاضنة لخدمات التكنولوجيا المالية بما يعزز خدمات القطاع. 

محافظ البنك المركزي الأردني د. زياد فريز، شرح لـ«الاقتصاد والاعمال» مختلف التوجهات التي يعتمدها البنك المركزي سواء من خلال سياسته النقدية أو عبر إجراءات المحافظة على متانة القطاع.

 

 ما هي أولويات السياسة النقدية في ظل خطط الإصلاح والتصحيح المالي؟

 مرّ الاقتصاد الأردني بمراحل عدة صعبة فرضت عليه الكثير من التحديات، شهد فيها النمو تقلبات نتيجة التأثر بمعطيات اقتصادية خارجية، ما ساهم في ارتفاع الدين العام، والعجز في كل من الحساب الجاري لميزان المدفوعات والموازنة العامة.

ولمواجهة ذلك، كان لا بدّ من إجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية تمهد الطريق نحو الاعتماد على الذات، وإعادة وضع الاقتصاد على المسار الصحيح وعليه، جرى إقرار  برامج عدة للإصلاح كان آخرها للفترة (2016-2019)، مُدد حتى شهر آذار من العام المقبل، ويهدف الى وضع الدين العام على مسار مستدام، وإجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق بهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي.

الاستقرار النقدي والمالي

وكان للسياسة النقدية والمصرفية التي انتهجها البنك المركزي دور رئيسي في تعزيز الاستقرار النقدي، وبناء الاحتياطات الأجنبية، والحفاظ على سلامة الجهاز المصرفي، إذ جرى اتخاذ إجراءات عدة أهمها استحداث أدوات نقدية ساهمت في معالجة مشكلة السيولة النقدية بما يضمن توفير التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية، تنشيط قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدفع عجلة النمو وإيجاد فرص العمل، كما حرص البنك على الاستمرار في تطبيق أفضل الممارسات الدولية والرقابية بما يعزز متانة المصارف وقدراتها على مواجهة أية صدمات مستقبلية.

كذلك تبنى البنك هدف الاستقرار المالي جنباً إلى جنب مع هدف الاستقرار النقدي، حيث أصدر تعليمات خاصة بتعزيز الحاكمية لدى مؤسسات الجهاز المصرفي، وكذلك توسيع مظلته الرقابية لتشمل مؤسسات التمويل الأصغر، وقريباً شركات التأمين، كما تولى البنك المركزي مراجعة التشريعات الناظمة للمعاملات الإلكترونية مكّنت من الانتقال من بيئة دفع ورقية إلى إلكترونية. 

خطوات للتحفيز الاقتصادي

 كيف واكب البنك عبر السياسة النقدية الإصلاح المالي والاقتصادي؟

 شملت جهود المركزي استحداث أدوات نقدية جديدة كإتفاقات إعادة الشراء لأجل أسبوع ولأجل شهر»، و«عمليات السوق المفتوحة الدائمة»، و«عمليات المقايضة مقابل العملات الأجنبية»، كذلك جرى اعتماد «سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي» الهادف الى إعطاء إشارات واضحة حول موقف السياسة النقدية وتوجهاتها. 

كما منح البنك تسعة قطاعات رئيسية أسعار فائدة تفضيلية تبلغ 1.75 في المئة للمشاريع داخل العاصمة و1 في المئة خارجها ولآجال طويلة تمتد إلى عشر سنوات، وقد بلغ حجم القروض الممنوحة للمشاريع المستهدفة ضمن هذا البرنامج ما يقارب  722.4 مليون دينار حتى الآن من أصل 1.3 مليار دينار متاحة للإقراض ضمن هذا البرنامج، استفاد منها نحو 1.089 مشروع، ووفرت نحو 10.050 فرصة عمل.

منح تسعة قطاعات رئيسية فوائد تفضيلية

كما وقّع البنك بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي اتفاقات عدة مع مؤسسات إقليمية ودولية بقيمة 440 مليون دولار لتوفير خطوط ائتمان للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تتم إعادة إقراضها من خلال المصارف المرخصة، حيث تمّ استغلال ما يزيد على نصف هذه المبالغ، ما ساهم في توفير أكثر من 3300 فرصة عمل.

كذلك رفع البنك رأس مال الشركة الأردنية لضمان القروض بالتعاون مع البنوك بنحو 200 في المئة، مع منحها قرضاً بقيمة 100 مليون دينار للاستثمار في السندات الحكومية، والاستفادة من عوائدها لغايات تعزيز برنامج ضمان ائتمان الصادرات الوطنية.

كما أطلق البنك الإستراتيجية الوطنية للإشتمال المالي 2018-2020، وتزامن ذلك مع إطلاق  أنظمة عدة في مجال الدفع والتحويل والتفويض الآلي، ونظام تسوية وإيداع الاوراق المالية الحكومية (DEPO/X) لإدارة الدين الحكومي والمزادات بشكل آلي متكامل ومركز لإيداع وتسوية الأوراق المالية الحكومية، وكذلك نظام عرض وتحصيل الفواتير الكترونياً (e-FAWATEERcom)، ونظام البدالة الوطنية للدفع بواسطة الهاتف النقال (JoMoPay). 

 كيف يستفيد الاقتصاد الوطني من حزم الدعم التي حصل عليها من بعض الدول الشقيقة والجهات المانحة؟

 يتلقى الأردن منحاً وقروضاً ميسرة ومساعدات فنية من بعض الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة ومختلف الجهات المانحة والمؤسسات التمويلية الدولية، وهي تساهم في تغطية الفجوة التمويلية للموازنة العامة، بالإضافة إلى تعزيز مستوى الاحتياطات من العملات الأجنبية، الأمر الذي يساعد على التخفيف من وطأة التحديات الاقتصادية والاجتماعية  وتعزيز النمو.

مؤشرات مصرفية إيجابية  

 كيف تقيمون أداء القطاع المصرفي خلال العام الماضي؟

 تتمتع المصارف بمتانة مالية واضحة نتيجة ارتفاع معدل كفاية رأس المال ومستويات مريحة من السيولة. وعلى الرغم من كافة الظروف حافظ القطاع على سلامة أوضاعه وهو ما تجلّى في نهاية العام الماضي: 

- جودة الأصول: بلغت الديون غير العاملة نحو 4.9 في المئة من الإجمالي، بتغطية نحو 79.3 في المئة.

16.94 في المئة معدل كفاية رأس المال في المصارف

- كفاية رأس المال: بلغت نحو 16.94 في المئة، مقارنة بنحو 12 في المئة محددة من قبل البنك، وهي تعدّ من الأعلى في الشرق الأوسط ما يعكس قدرة المصارف على مواجهة المخاطر واستيعاب الصدمات المحتملة.

-السيولة القانونية:بلغت 131.9في المئة، وهي بدورها أعلى من تلك التي حرص المركزي على تكريسها والبالغة 100 في المئة.  

- الربحية:حافظت على استقرارها مقارنة مع نهاية العام 2017، وبلغ معدل العائد على الموجودات 1.2 في المئة، ومعدل العائد على حقوق الملكية نحو 9.3 في المئة مقارنة مع نحو 9.1 في المئة في نهاية العام 2017. 

أثر معيار IFRS9

  ماذا عن أثر تطبيق المعيار المحاسبي الرقم 9 (IFRS9) على المصارف، وخصوصاً على معدلات القروض غير العاملة؟

 أصدرنا التعليمات الخاصة بهذا المعيار وتضمّنت متطلبات الحوكمة بما يضمن سلامة التطبيق وكذلك متطلبات المحاور التي يغطيها أي التصنيف، والقياس، والخسارة الائتمانية المتوقعة ومحاسبة التحوط، وكان له أثر متفاوت على المصارف، وعلى الرغم من أن تطبيقه ساهم في ارتفاع الديون غير العاملة إلى الإجمالي إلى 4.9 في المئة في نهاية العام الماضي إلى 4.2 في المئة في نهاية العام الذي سبقه، فهي تعدّ مقبولة، كما انخفضت نسبة كفاية رأس المال إلى 16.94 في المئة مقارنة بنحو 17.8 في المئة نتيجة رصد المصارف مخصصات إضافية من حقوق المساهمين، وكذلك مخصص الخسارة الائتمانية المتوقعة مقابل التعرضات الائتمانية. ومع ذلك نتوقع أن يساهم تطبيق المعيار على المدى المتوسط والبعيد في تعزيز متانة المصارف عبر تحسين الشفافية والاعتراف في الوقت المناسب بخسائر الائتمان والمساهمة في بناء احتياطات إضافية لمواجهة المخاطر الائتمانية.

نتائج اختبارات الضغط 

 ما هي أبرز نتائج اختبارات الضغط على المصارف في ضوء نتائج العام الماضي، وهل من مصارف قد تضطر الى رفع رؤوس أموالها؟

 جرى وضع سيناريو افتراضي يتمثل بمعطيات عدة هي: تفاقم الظروف الإقليمية المحيطة، وتراجع حجم المساعدات، وانخفاض الدخل ‏السياحي والاستثمار المباشر، وتراجع الصادرات وارتفاع مؤشر التضخم، ما قد يؤدي إلى تباطؤ ملحوظ في ‏معدلات النمو وارتفاع البطالة وتراجع السوق المالية، كما جرى أيضاً افتراض استمرار ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار على الرغم من انخفاضها في شهر تموز 2019، ‏وكذلك توجه البنك الى رفع أسعار الفائدة على ‏الدينار للمحافظة على جاذبيتها. 

 

 أثبتت اختبارات الضغط متانة القطاع المصرفي

وفي ضوء افتراض حصول هذا السيناريو بيّنت نتائج الاختبارات أن نسبة كفاية رأس المال ستبلغ نحو 15.7 في المئة و14.8 في المئة على التوالي خلال العامين المقبلين، أي أنه وبإفتراض أسوأ السيناريوهات فإن نسبة كفاية رأس المال ستبقى أعلى من الحد الأدنى الرقابي والمحدد عند 12 في المئة. أما على المستوى الفردي فلن يكون أي مصرف مضطراً الى رفع رأس ماله بناءً على هذه النتائج. 

نمو إيجابي متوقع للتسهيلات 

  ما هي توقعاتكم للطلب على التمويل خلال العامين الحالي والمقبل؟

 وفقاً لقانون الموازنة العامة للعام الحالي، تقدر الاحتياجات التمويلية للحكومة المركزية (الموازنة العامة وشركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه) بنحو 6.749 ملايين دينار، منها 4.236 ملايين إعادة تدوير قروض داخلية، وفي المقابل تبلغ المصادر التمويلية المتاحة نحو 6.759 ملايين دينار، منها نحو 22.4 في المئة اقتراض خارجي. 

أما في خصوص العام المقبل، فتقدر الاحتياجات التمويلية للحكومة المركزية وفقاً لقانون موازنة العام الحالي، بنحو 5.522 ملايين دينار، منها 3.165 ملايين إعادة تدوير قروض داخلية. أما المصادر التمويلية المتاحة فتقدر بنحو 5.523 ملايين دينار، يشكل الاقتراض الخارجي منها 672 مليوناً أي ما نسبته 12.2 في المئة.

وفي ما يتعلق بالقطاع الخاص، فقد ارتفع رصيد التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل المصارف للقطاع الخاص في نهاية النصف الأول من العام الحالي 2019 بنحو 3.3 في المئة، مشكلة ما نسبته 88.5 في المئة من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل المصارف، ونحو 79 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تواصل التحسن وتنمو بنسبة أعلى من العام الماضي والبالغة 5.8 في المئة. 

رفع مستوى الشمول إلى 41.5 في المئة 

  ما هي أبرز أهداف الرؤية الاستراتيجية للإشتمال المالي

(2018-2020)؟

 ضمن مبادرة هي الأولى في المنطقة، أطلق البنك المركزي الاستراتيجية الوطنية للإشتمال المالي 2018-2020، وهي تركّز على خمسة محاور رئيسية هي: الخدمات المالية الرقمية، والتمويل الأصغر، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتثقيف والوعي المالي، وحماية المستهلك المالي، وستعمل الاستراتيجية على تعزيز العلاقة بين الإشتمال المالي وأهداف التنمية الاجتماعية المستدامة لعام 2030 والصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتهدف الاستراتيجية الى رفع مستوى الشمول 41.5 في المئة في العام المقبل مقارنة بنحو 33.1 في المئة في العام 2017، بالإضافة إلى خفض فجوة الوصول إلى التمويل إلى 35 في المئة مقارنة بنحو 53 في المئة ترافق ذلك مع تسجيل إنجازات عدة كان من بينها الترخيص لـتسع شركات تمويل أصغر خلال العام الماضي ووضع الأطر الرقابية على القطاع، كما خصص المركزي ما لا يقل عن 10 في المئة المعاد اقراضها من خلاله لشركات التمويل الأصغر، حيث تم تخصيص عشرة ملايين دينار من حصيلة قرض الصندوق العربي ليعاد إقراضه الى شركات التمويل الأصغر، هذا بالإضافة إلى زيادة مخصصات صندوق ضمان قروض المشاريع الناشئة من 50 الى نحو 83 مليون دينار، كذلك أسست المصارف شركتين استثماريتين، هما شركة المصارف التجارية للاستثمار برأس مال 100 مليون دينار، وشركة البنوك الإسلامية للاستثمار برأس مال 25 مليون دينار، بهدف الاستثمار في الشركات المتوسطة.

440 مليون دولار خطوط ائتمان للمشاريع الصغيرة والمتوسطة 

  ماذا عن رؤية البنك لمواكبة معايير الإمتثال في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟

 يراجع البنك بشكل دوري الأنظمة والإجراءات المتعلقة بمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب(AML/CFT)، وذلك لضمان الالتزام بالمعايير الدولية والتشريعات والمخاطر الناشئة عن هذه العمليات وذلك عبر:

- إصدار تعاميم وأدلة ارشادية ذات الصلة وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة عن اللجنة الوطنية الخاصة بهذه العمليات وعكس بنودها على استراتيجية البنك.

- تطبيق نظام الـتفتيش المبني على المخاطر(Risk Based Approach)   في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقاً لتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF). 

إهتمام خاص  بـ  Fin Tech

 كيف يعمل المركزي على تكريس بيئة تطوير خدمات التكنولوجيا المالية؟

 عمد البنك المركزي بالتعاون مع الأطراف ذات العلاقة والمصارف لاتخاذ إجراءات عدة على أصعدة مختلفة:

- إصدار قانون المعاملات الإلكترونية لعام 2015 والذي اعتبر تحويل الأموال بوسائل الكترونية وسيلة مقبولة للدفع، بما فيها الجهات الرسمية والعامة. واستناداً إلى القانون نفسه جرى إصدار نظام الدفع والتحويل الإلكتروني لعام 2017، كما وضع البنك الأدلة الاسترشادية للمؤسسات المالية والمصرفية متضمنة إجراءات استخدام بعض التقنيات المالية الحديثة كالحوسبة السحابية، وأيضاً وضع الأطر التنظيمية للأمن المعلوماتي والتكيف مع المخاطر السيبرانية وتبادل المعلومات بشأنها.

- تبنى البنك المركزي استراتيجية وطنية شاملة وطموحة للأعوام

(2016-2013) حيث طور البنك نظام التسويات الإجمالية الفوري (RTGS-JO) وخدمات تحصيل الفواتير الكترونياً، وخدمات الدفع بواسطة الهاتف النقال.

- إنشاء مختبر ابتكارات التكنولوجيا المالية التنظيمي في البنك المركزي

FinTech Regulatory Sandbox الذي يساعد على تشجيع إجراء الاختبارات والفحوصات اللازمة لإبتكارات التكنولوجيا المالية وتوفير بيئة آمنة لها. 

- كذلك يسعى المركزي بالتعاون مع المصارف الى تشكيل فريق للإستجابة لحوادث أمن الحاسوب (FINCERT)، بهدف تمكين الجهاز المصرفي من تحسين ضوابطه الأمنية وتطوير آليات لمكافحة الانتهاكات السيبرانية واتخاذ ضوابط وإجراءات وقائية لتعزيز التأهب للإستجابة للحوادث السيبرانية والمخاطر الناشئة عنها والمحتملة.