«الروابي للألبان»:
التفـوّق بالابتكـار

16.09.2019
د. أحمد التجاني
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني

بدأت شركة الروابي للألبان مسيرتها العام 1989 من خلال مزرعة ضمت 500 بقرة مستوردة، وباتت اليوم تضم 15 ألف بقرة وهي من كبار مزوّدي الحليب في أسواق الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وحصلت في مسيرتها على عدد من الشهادات الدولية والجوائز المحلية والعالمية. ولدى هذه الشركة قصة نجاح تستحق أن تُروى، إذ تمثّل معلماً للساعين إلى النجاح في المنطقة والعالم.

«الاقتصاد والأعمال» حاورت د. أحمد التجاني الرئيس التنفيذي للشركة وأحد الروّاد المؤسسين العام 1989.

 ولدت شركة الروابي منذ ثلاثين عاماً مضت. هل تحدّثنا عن ظروف التأسيس؟

 كان إنتاج الحليب في الإمارات العربية المتحدة في العام 1989 محدوداً جداً، حيث لم يكن في ذلك الوقت سوى شركتي ألبان وهما - مزرعة العين للألبان، ومزرعة ألبان الدقداقة وكانتا تنتجان معاً نحو 15 الف لتر من الحليب، ولم تكن كافية لأن عدد السكان في الإمارات كان آنذاك نحو مليونين وكان في تزايد.

كنت أعمل محاضراً في ذلك الوقت في جامعة الملك فيصل في المملكة العربية السعودية، إتصلت بي الهيئة العربية للإستثمار والإنماء الزراعي، وطلبت مني الحضور لإجراء مقابلة، أخبروني أن هناك فرصة كبيرة في دبي لإنشاء شركة ألبان، ووقع الاختيار عليّ من بين 24 مرشحاً للقيام بتأسيس وتطوير الشركة.

بناءً على ذلك، قمنا من خلال الهيئة بالإتصال بحكومة دبي ومؤسسة الخليج للإستثمار، وقمنا بالتعاون مع ثلاثة مستثمرين محليين من القطاع الخاص - مجموعات النابودة والملا والعويس، بضخ نحو عشرة ملايين دولار للبدء بتأسيس الشركة. قمنا بإستيراد 500 بقرة، وأنشأنا مصنعاً للتجهيز والمعالجة، وقسماً خاصاً لحلب الأبقار، وكنا قد أنهينا دراسة الجدوى وخطة العمل في حلول شهر مارس 1990، بعد تسعة أشهر وفي شهر ديسمبر1990 دخلنا فعلياً في السوق.

يقلّدنا المنافسون لكن بعد مرور سنوات على إطلاقنا المنتجات

 كيف استطاعت الروابي تجاوز المنافسة في السوق؟

 في الواقع، كانت المنافسة الحقيقية تأتي من المملكة العربية السعودية لأن تكلفة إنتاج الحليب هناك أقل بكثير من هنا، حيث يوجد دعم حكومي في مجالات علف الأبقار والكهرباء والمياه، وهم يتنافسون معنا في السوق نفسها، في السعر نفسه وفي التاريخ نفسه، لذلك ركّزنا على الإبتكار والإبداع والتحكم في التكاليف لتكون فعّالة وناجعة قدر الإمكان، وتقديم منتجات عالية الجودة بنفس تاريخ الإنتاج.

كانت الروابي سبّاقة وفريدة في تقديم أولى الأفكار المبتكرة، فكنا أول من طرح قوارير بلاستيكية، وعبوات عائلية، وعصائر طازجة، ومنتجات تغذية مفيدة مثل اللبن «الوظيفي» نيوتري بوست وحليب فيتامين د وحليب سوبر المدعم بالفيتامينات. عادة ما يقوم منافسونا بمراقبتنا، ثم بتقليدنا، لكن ذلك يحدث بعد عامين أو ثلاثة أعوام نكون خلالها قد استحوذنا فعلياً على السوق ورسّخنا حصتنا السوقية.

لدينا في الروابي فريق خاص للإبتكار والإبداع.  يتألف هذا الفريق  من أذكى الأشخاص العاملين في الشركة؛ وقد يشمل هذا الفريق حارس الأمن، أو أي شخص وهكذا حتى الوصول الى الإدارة العليا. نلتقي مع هذا الفريق كل أسبوعين، حيث يقوم بإبتكار أفكار مبتكرة، وأحياناً تكون أفكارهم رائعة، فنقوم بتنفيذها على أرض الواقع.

كذلك، وفي نهاية العام، تقوم الإدارة بوضع ثلاثة أهداف مؤسسية للعام التالي، بعد ذلك، يتعيّن على كل مدير وضع ثلاثة أهداف تتوافق مع أهداف الشركة الثلاثة، كما يتعين على كل رئيس قسم تابع له تقديم ثلاثة أهداف. تتعاقب هذه العملية تسلسلياً من مجلس الإدارة إلى المستويات الإدارية الدنيا في الشركة، هذه الأهداف الموضوعة ليست مجرد أهداف عامة، لكنها أهداف ذكية مع تدابير وإجراءات محددة وشفافة تتم مناقشتها وتحديثها أسبوعياً في كل قسم، كذك نقوم بتجديد وتحديث إستراتيجيتنا المؤسسية كل ثلاث سنوات؛ ونحن الآن في صدد إعداد استراتيجيتنا للأعوام من 2020 إلى 2023.

من ناحية استخدام التكنولوجيا، قمنا بتطبيق استخدام مستشعر إلكتروني للكشف عن ارتفاع درجة حرارة جسم البقرة، وآخر للكشف المبكر عن الأمراض، كذلك قمنا قبل خمس سنوات بتطبيق تقنية تسمىEmbryo Transfer، (تقنية نقل الأجنة)، أيضاً لدينا أنظمة روبوتية لتوزيع العلف للأبقار ونستخدم روبوتات في مصنع المعالجة لنقل الزجاجات المملوءة إلى الصناديق ثم إلى حاويات التكديس وإلى المستودع.

نستخدم مستشعرات إلكترونية لمراقبة حرارة الأبقار وأمراضها

 إذا أخذنا في الاعتبار أحوال الطقس في دولة الإمارات العربية المتحدة، ماهي التدابير التي تتخذونها لضمان سلامة وصحة الأبقار؟

 أبقارنا في الروابي هي من سلالة فريزيان هولشتاين، وهذه السلالة من أفضل الأبقار المنتجة للحليب، تأتي هذه الأبقار من المناطق الشمالية لهولندا وألمانيا، بالقرب من بحر الشمال، وطقس هذه المناطق بارد جداً. من الطبيعي أن الإجهاد الحراري يسبب فقدان الأبقار لشهيتها مما يعني أنها لا تأكل جيداً ما يؤثر سلباً على قدرة البقرة على إنتاج الحليب وعلى خصوبتها أيضاً وأنها لا تقوم بالحمل والإنجاب. لذلك، فإننا نولي إهتماماً كبيراً لما نسميه نحن راحة البقر. قمنا بإستيراد نظام تبريد يقوم برش المياه بإستخدام ضغط الهواء لتقليل درجة الحرارة من 50 إلى 28 درجة مئوية.

 هل حدثتمونا عن متحف الروابي للألبان؟

 إنه المتحف الوحيد في الشرق الأوسط لصناعة ومنتجات الألبان، هذا المتحف هو جزء من مبادرتنا لجذب طلبة المدارس وعائلاتهم لزيارة الروابي لإكتساب المعرفة والتعلم. ففي المتحف، يمكنهم التعرف على كيفية إنتاج منتجات الألبان في الأيام الخوالي الماضية، بعد ذلك، يقومون بزيارة المزرعة لمشاهدة قسم الحلب، والتغذية الأوتوماتيكية للأبقار، كما يمكنهم لمس العجول والتفاعل معها. أيضاً قمنا بإستحداث برنامج للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين خمس سنوات وإثني عشر عاماً، حيث يمكنهم من خلاله أن تكون لهم صلة شخصية مع أحد عجول المزرعة. نقوم من خلال هذا البرنامج بإرسال معلومات للأطفال المشتركين وصور حول كيفية نمو العجول المستولدة وكيفية تربيتها، ومتى ستولد وهكذا، يمكن للأطفال مشاركة هذه المعلومات والصور مع الآخرين وكذلك التواصل معنا بإستمرار.

  ماهي خططكم المستقبلية للشركة؟

 نقوم بالعمل مع وزارة الصحة، ولدينا توقعات بشأن الأمراض المنهكة التي تؤثر على الصحة العامة للناس في المستقبل، مثل السمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم ونقص فيتامين «د»، وسبق لنا أن قدمنا حليباً معززاً بفيتامين «د» في السوق، ونحن نعمل على تطوير منتجات الألبان الأخرى التي ستقوم بالمساعدة على معالجة المشاكل الأخرى. يقوم الناس عادة بإهمال الإفطار كوجبة، لذلك قمنا بحساب متطلبات الجسم لمدة ثماني ساعات، وسوف نضمنها في زجاجة بحجم 200 مل، أما من ناحية الإنتاج، نقوم بدراسة طرق ووسائل لزيادة الأتمتة وتركيب المزيد من الروبوتات، هذا هو المستقبل الذي ستتوجه إليه الروابي في الأعوام الخمسة المقبلة.

شهادات وتميّز 

حصلت الشركة خلال مسيرة نجاحها على شهادات الأيزو ISO-9001  وISO-14001 و ISO-2200 وشهادات نظام تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة في سلامة الغذاء HACCP، كما حصلت على الكثير من الجوائز المحلية والعالمية مثل جائزة Super Brands ضمن أفضل العلامات التجارية الشهيرة، وجائزة أفضل الممارسات البيئية، بالإضافة إلى إدراجها ضمن أقوى 40 علامة تجارية في العالم العربي من قبل مجلة فوربس عامي 2008 و2015،  كذلك حصلت الشركة العام 2015 على جائزة AgraMe  الشرق الأوسط لأفضل الإبتكارات في مجال الألبان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجائزة بلدية دبي للتميز في الأمن الحيوي والنظافة، لتميزها في إجراءات التحسين والتدابير الوقائية الخاصة برعاية الثروة الحيوانية.