«أبيكورب»: 209 مليار دولار
لإستثمارات الكهرباء

22.08.2019
أحمد علي عتيقة
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
زينة أبوزكي

قدّرت الشركة العربية للإستثمارات البترولية «أبيكورب» حاجة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الطاقة الكهربائية بنحو 88 جيغاواط خلال الفترة ما بين 2019-2023، وقدّرت الإستثمارات المطلوبة لتوفيرها بنحو 209 مليارات دولار، وتتوزع هذه الاستثمارات بواقع 142 مليار دولار لبناء محطات التوليد ونحو 68 ملياراً للنقل والتوزيع، وقدرت الشركة حجم الاستثمارات في قطاع الطاقة عموماً في المنطقة خلال هذه الفترة بنحو تريليون دولار. 

تقول «أبيكورب» في تقرير عن الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2019 - 2023 إن هناك نحو 87 جيغاواط من الطاقة المطلوبة هي عبارة عن مشاريع قيد الإنجاز، منها نحو 74  جيغاواط ستكون قيد التشغيل خلال السنوات الخمس المقبلة، وتتصدر الإمارات هذه المشاريع بنسبة 19 في المئة، تليها السعودية بنسبة 17 في المئة ومصر بنسبة 16 في المئة، وستبلغ حصة محطات التوليد العاملة على الغاز الطبيعي ثلاثة أرباع المشاريع قيد التنفيذ في كل من السعودية، مصر والعراق. 

الطاقة المتجددة 

توقّع تقرير «أبيكورب» أن تنمو الإستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتصل إلى 34 في المئة من إجمالي الاستثمارات في مجال الطاقة، مستفيدة من آليات تمويل مخصصة ومرنة، ومع ذلك، فلن تحقق الكثير من الدول الأهداف الموضوعة للتوسّع في استخدام الطاقة المتجددة لأسباب تقنية وتنظيمية وتمويلية. وذكر التقرير أن تمويل هذه المشاريع العالية المديونية في المنطقة لا يزال مبنياً على هيكل حق عدم الرجوع أو حق رجوع محدود مع نسب الدين إلى حقوق الملكية في نطاق 60:40 إلى 80:20، وربما 85:15 للمشاريع ذات المخاطر المنخفضة المدعومة بضمان دفع حكومي.

وأضاف أن القطاع الخاص لا يزال حذراً في ما يتعلق بإدارة المخاطر بالنسبة الى الأداء والتكنولوجيا وفعالية التكلفة كما التمويل الذي لا يزال يعتمد إلى حد كبير على الإصلاحات في القطاع، حيث تبقى حصة الاستثمارات الحكومية مرتفعة وتصل إلى 78 في المئة، ويبدو واضحاً أن هناك حاجة إلى المزيد من الإصلاحات وإعادة الهيكلة، كما للمزيد من التكيّف مع نماذج الأعمال التقليدية للسماح بمشاركة أوسع للقطاع الخاص. 

وتقدّر «أبيكورب» أن المنطقة سوف تحتاج إلى زيادة في إنتاج الطاقة الكهربائية بمعدل 4 في المئة سنوياً ما بين العامين 2019 و2023، وهو ما يتوافق مع سعة إضافية قدرها 88 جيغاواط، مما يتطلب استثمارات بقيمة 142 مليار دولار للتوليد و68 ملياراً للنقل والتوزيع. ومع قيام الحكومات بتسريع خطط الاستثمار الخاصة بها فإن القدرة الإنتاجية البالغة 74 جيغاواط ستكون جاهزة للتشغيل في حلول العام 2023. وقدّرت «أبيكورب» أن الاستثمار في القطاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما بين العامين 2019 و2023 قد يصل إلى تريليون دولار وأن حصة الكهرباء ستكون 36 في المئة في قطاع الطاقة مدفوعاً بالطلب المتزايد على الكهرباء والإهتمام بالطاقة المتجددة.

تحتاج دول المنطقة إلى طاقة كهربائية قدرها 88 جيغاواط خلال الفترة  2023 - 2019 

يبلغ حجم المشاريع قيد التنفيذ حالياً أكثر من 90 مليار دولار، مما يضيف ما يقرب من 87 جيغاواط من السعة، ومن المتوقع أن تصل إلى 74 جيغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة. تمثل السعودية ومصر والإمارات وحدها نصف الاستثمارات المتوقعة في قطاع الطاقة، في حين تمثل الطاقة المتجددة نصف استثمارات القطاع، و34 في المئة من إجمالي الاستثمارات المخطط لها والملزمة مقارنةً بـ 22 في المئة العام 2017 و31 في المئة العام 2018 حسب توقعات «أبيكورب»، وعلى الرغم من أن الزيادة في العام الماضي ليست كبيرة، فمن المتوقع أن تعزز مستويات الاستثمار هذه التزام البلدان بزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها.

السعودية: زيادة في القدرات تفوق النمو 

على الرغم من انخفاض نمو الطلب مقارنةً بالإتجاهات السابقة، من المتوقع أن تضيف المملكة 26 جيغاواط في حلول العام 2023، منها 90 في المئة من الطاقة التي تعمل على الغاز، كما إن للمملكة خطة طموحة لتنويع مصادر توليد الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة والنووية، وتستهدف المملكة 27.3 جيغاواط من الطاقة المتجددة في حلول العام 2023 و58.7 جيغاواط في حلول العام 2030 بالإضافة إلى 17 جيغاواط من الطاقة النووية العام 2040 التي يحكم تنفيذها قيود عدّة . 

الامارات: الطاقة النووية 

العام 2017 أطلقت الإمارات إستراتيجيتها للطاقة 2050، بهدف مضاعفة مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي الطاقة فيها إلى 50 في المئة في حلول العام 2050، وتعمل الدولة بقوة على تنويع مصادر الطاقة في منظومة الطاقة لديها، وتقدر «أبيكورب» أنه نحو 14 جيغاواط إضافية هي قيد التنفيذ. 

الإمارات هي الدولة الوحيدة في الخليج التي لديها حقل نووي قيد الإنشاء والتي تتعاون بشأنه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما وقّعت 123 إتفاقية مع الوكالة الأميركية للطاقة الذرية التي زودت الإمارات بمخطط توجيهي مفصل من أجل تطوير بنية تحتية من أجل إطلاق برنامج طاقة نووية، كما إن مؤسسة الطاقة الكهربائية الكورية تبني أربعة حقول طاقة نووية 1.4 جيغاواط بكلفة أولية تبلغ 20 مليار دولار مع 20 ملياراً إضافية لتشغيل الحقول على مدى 60 عاماً. 

مصر: انجازات وإصلاحات 

إرتفع الطلب على الكهرباء بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 4.6 في المئة ما بين العامين 2015 و 2017، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5.1 في المئة بحلول العام 2023، وواجهت مصر مشكلة انقطاع التيار الكهربائي حتى العام 2015. ولكنها اعتمدت خطة طموحة لتجاوز  المشكلة من خلال الاستثمار بكثافة في مجالات التوليد والنقل والتوزيع. وتمت مضاعفة الطاقة الانتاجية في 2017 مقارنة مع العام 2010 لتبلغ نحو 45 جيغاواط، في حين أن تركيب 20 جيغاواط من الطاقة الحرارية ما بين العامين 2016 و2018  أدى إلى زيادة الطاقة في البلاد، ومكّنت مصر من تبادل 770 ميغاواط من الكهرباء مع الأردن وليبيا في العام 2017 وأعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها تخطط الى توصيل ما يصل إلى 40 ميغاواط إلى السودان.

وتعتقد «أبيكورب» أن مصر ستحتاج إلى استثمار 20 مليار دولار أميركي في توليد الطاقة وعشرة مليارات دولار أخرى في مجال البحث والتطوير، وسيؤدي ذلك إلى زيادة قدرة البلاد إلى 63 جيغاواط في حلول العام 2023، ووفقاً لتقرير «أيبكورب» حول الاستثمار في مجال الطاقة، فإن إجمالي الاستثمارات المخططة والتي تم الالتزام بها في قطاع الطاقة في مصر، تبلغ 59 مليار دولار، منها 24 ملياراً لمشاريع تحت التنفيذ.

 دولة الإمارات تستهدف زيادة مساهمة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 في المئة في 2050

وتدير هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر حالياً خطة شاملة للطاقة المتجددة تستهدف بناء 4.3 جيغاواط بتكلفة إجمالية قدرها 7.5 مليارات دولار. وتم حتى الآن، انجاز العديد من المشاريع بإجمالي 215 ميغاواط وهناك 150 ميغاواط أخرى قيد التنفيذ، بما في ذلك محطة «بنبان» للطاقة الشمسية. وقد تم تأجيل  أو إلغاء مشاريع تقدر طاقتها بنحو 1 جيغاواط، وهو الأمر الذي يعني ان مصر قد  تحقق نصف أهداف خطة الطاقة المتجددة لعام 2023. 

العراق: إعادة تأهيل 

لا تزال هناك فجوة بين نمو الطلب وقدرات توليد الطاقة الكهربائية الحالية، كما لا تزال هناك حالات انقطاع في التيار الكهربائي، وبالتالي فإن توفير طاقة كهربائية يمكن الاعتماد عليها أمر يقع في صميم خطط الحكومة. وتتوقع «أبيكورب» أن يحتاج العراق إلى استثمار 21 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لزيادة قدرات توليد الطاقة الكهربائية إلى 30 جيغاواط.

العراق مثله مثل العديد من دول المنطقة يستفيد من شدة الرياح والإشعاع الشمسي، وأن انتشار الطاقة المتجددة فيه لن تؤدي إلى تنويع مزيج الجيل وتعزيز المرونة فحسب، بل ستساهم في توفير الطاقة الكهربائية للمناطق النائية. 

209 مليار دولار

بينما تدفع دول المنطقة نحو ضخ الاستثمارات في مجال الطاقة، تبرز تحديات محورية عدة في المدى المتوسط، أولها: خفض إنفاق الدول النفطية وتحديداً دول الخليج على الطاقة على الرغم من إعلانها أنها ستستمر في تنفيذ الخطط الاستثمارية للقطاع. ثانياً: سوف تواجه المشاريع تحديات لها علاقة بالتمويل على الرغم من نجاح بعض الجهود في جذب الاستثمارات الأجنبية. ثالثاً: مبادرة العديد من الدول إلى وضع وتنفيذ برامج لإصلاح عمليات التسعير، ففي حين تهدف هذه البرامج إلى تخفيف العبء المالي على الحكومات، فإنها ستضغط أيضاً على الطلب على الطاقة. 

تستمر الحكومات العربية في إعطاء الأولوية للإستثمار في قطاع الطاقة، ويقدر أنه في الفترة ما بين 2019 و2023، سوف تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استثمار 209 مليارات دولار في قطاع الطاقة، لكن النجاح في تنفيذ هذه المشاريع وجذب الاستثمارات اللازمة سوف يختلف بين دول وأخرى. 

نجحت مصر بمضاعفة الطاقة الكهربائية لتصل إلى 45 جيغاواط في العام 2017

ومن المتوقع أن تستمر حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في مواكبة الطلب المتزايد بشكل جيد، وسوف يساعد إصلاح أسعار الطاقة في الحد من ارتفاع الطلب. وعلى الرغم من أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد سياسات مالية إصلاحية وتركيز على ترشيد النفقات الحكومية، إلا أن الاستثمار في قطاع الطاقة لا يزال يمثل أولوية بالنسبة لها. 

 أما في الدول الأخرى، فإن التحدي المتمثل في تلبية الطلب على الكهرباء يصبح أكثر شدّة مثل دول مثل العراق، اليمن، ليبيا، لبنان وسورية التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي وعدم كفاية الاستثمارات على الرغم من الجهود الناجحة التي وضعت مؤخراً لجذب الاستثمارات. وعلى المنحى الإيجابي، وبالنظر إلى الجهود الناجحة في منطقة المغرب العربي، ستظل مشاريع الطاقة المتجددة في طليعة الخطط الحكومية الطويلة الأجل لتنويع توليد الطاقة.