بقلم: جورانج شاه *

يكاد الجميع يردد كلمة الابتكار في كل وقت وكل مكان  بما في ذلك اجتماعات مجالس الإدارات والمؤتمرات والمنتديات العامة والخاصة.  فقد باتت هذه الكلمة أكثر تداولاً في عالم الشركات، وأصبحت الهاجس المسيطر لدى صناع القرار في قطاع الأعمال.

ولكن ماذا يعني الابتكار؟ وما هي التدابير التي اتخذتها أنت لضمان مساهمة ابتكاراتك في دفع شركتك نحو مزيدٍ من النجاح، وتحقيق الأثر الإيجابي على المجتمع؟ فإذا رغبت في إحداث تغيير حقيقي، فلا بدّ لك من الإجابة عن هذه الأسئلة، حيث سيقودك ذلك إلى تحقيق الريادة، وتحفيز العاملين لتحقيق المزيد من النجاح، وهنا يتجلى معنى الابتكارات الثورية.

الابتكارات الثورية: إعادة تعريف سلسلة القيمة

لا شك أن ابتكار تقنية الترميز في قطاع المدفوعات الرقمية شكل تحولاً جذرياً في مفاهيم الحماية الأمنية من الاحتيال المالي، حيث أصبحت البيانات غير مفيدة للمحتالين في حال تعرضها للسرقة أو القرصنة. ولم يساعد ذلك في حماية البيانات المالية للمستهلكين فحسب، بل عزز أيضاً ثقتهم في قطاع يتحول نحو الرقمنة بخطى متسارعة. 

البناء.. التصميم والاختراع والابتكار 

يتطلب تصميم وابتكار الحلول الصحيحة النظر داخل المؤسسة، والاستثمار في تطوير التقنيات والحلول التي تهدف إلى استبدال التقنيات القائمة بشكلٍ كامل، حيث يأتي النمو الذي يشهده اقتصاد المعرفة استكمالاً لهذا التطور؛ فلم يعد عمالقة التكنولوجيا يعملون على نحوٍ منعزل، بل إنهم يحبذون الآن تبادل المعرفة فيما بينهم، لتمكين مختلف التقنيات حول العالم من التفاعل والتفاهم مع بعضها البعض.

الاقتناء 

شهد عام 2018 وحده 366 استثماراً في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بقيمة إجمالية بلغت 893 مليون دولار، ما يمثل رقماً قياسياً في هذا المجال. واستأثرت دولة الإمارات نحو 30 في المئة من هذه الصفقات.

التعاون

وهنا يستحضرني مثالٌ معروف عالمياً. فعندما أعلنت شركة "آبل" عن رغبتها في إطلاق "آبل كارد"، لم تتردّد ماستركارد في المشاركة - بل أصبحنا شبكة المدفوعات العالمية الخاصة بها. 

فلقد تمكنت العديد من الشركات التكنولوجية الناشئة والتطبيقات التي تمكن المستهلكين من التفاعل المباشر مع الخدمات من العمل بفضل شراكاتها مع مؤسسات عريقة. فالتعاون يعد مكوناً محورياً لنجاح العملية التجارية  وسلاستها.

التغلب على التحديات 

إن محاولة تحقيق مفهوم الابتكارات الثورية يأتي مع بعض التحديات التي لا مفرّ منها. وفي قطاع المدفوعات على سبيل المثال، فإن الشاغل الأكبر يتمثل في المفاهيم الخاطئة حول الحماية الأمنية للبيانات. فالمستهلكون لديهم دوماً مخاوف بشأن الأمن الإلكتروني وأنشطة الاحتيال. 

وتقوم الاستراتيجية الأساسية لمعالجة هذا الوضع على ثلاثة أركان: أولاً، تفعيل الحوار وتبادل المعرفة مع الحكومات والشركاء في قطاعي البنوك والتكنولوجيا. ثانياً، تعزيز الأدوات التكنولوجية المتاحة لتخفيف المخاوف المتعلقة بأنشطة الاحتيال. وأخيراً، رفع مستوى الوعي بشأن هذه القضايا لكسب ثقة المستهلكين، فالثقة هي أساس الاقتصاد الرقمي، وكسبها يحتاج لعمل متواصل. 

 تحقيق التحول على مستوى القطاعات والاقتصادات والمجتمعات

ستواجه أي شركة تسعى إلى الابتكار قدراً لا بأس به من التحديات في مسيرتها لتحقيق مفهوم الابتكارات الثورية. لكن النظر دوماً للصورة الأوسع ومعالجة هذه المخاوف يمثل ضرورةً أساسية لإستدامة نمو الشركات.

وفي النهاية، يمكنني القول إن المستقبل يخبئ لنا فرصاً واعدة، والاستفادة منها سيكون رهناً بنجاح الشركات في تطبيق مفهوم الابتكار والاستفادة منه بشكل سليم.

* نائب أول رئيس ماستركارد لإدارة المنتجات والمدفوعات الرقمية والمختبرات الرقمية

لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا