المفاوضات تصطدم بفارق السعر
أطــراف عدة تحاول شــراء شـــركــة «ورديــة» اللبنانية

05.04.2019
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

على مدى الأشهر الماضية تلقت شركة «وردية هولدينغ» – إحدى الشركات الرئيسية العاملة في قطاع توزيع المحروقات – عروضاً عدة لشرائها، ما أطلق جولات من التفاوض بين سمؤال عبد الله بخش المالك الرئيسي للشركة وبين عدد من المستثمرين وشركات تجارة النفط العاملة في لبنان. وتقول مصادر مطلعة إن المفاوضات غير قابلة للحسم بعد، في ظل الفارق الكبير بين السعر المعروض والسعر المطلوب.

يبدو أن تمسك مالكي الشركة بالسعر يعود إلى أن لديهم الفرصة لزيادة قيمة الصفقة خلال السنوات المقبلة، بفضل إعادة هيكلة إدارتها، وبفضل المزايا التي تتمتع بها على صعيد شبكة المحطات التابعة لها.

«تنظيف» الإدارة

وجاء هذا الإقبال على شراء الشركة بعد أن تمّ تنظيفها وإزالة العوائق أمام تقدمها مع إقالة المديرة التنفيذية دانيا نكد. أنجز مساهمو شركة «وردية هولدينغ» عملية تنظيف واسعة في إدارة الشركة بنتيجتها جرى إنهاء العقد مع المديرة التنفيذية دانيا نكد التي وقّعت عقود توزيع المحروقات لحساب الشركة مع شركة نقل يملكها زوجها هنري عون، ثم جرى تعيين هاني الشويعر، بعد ذلك شهدت «وردية» تهافتاً من مجموعة واسعة من المستثمرين لشرائها. العروض إنهالت عليها من كل حدب وصوب. «كورال أويل» المملوكة من الأشقاء أوسكار وأنطونيو 

وادغار يمّين، قدّمت عرضاً يتضمن تقسيط الثمن، و«ميدكو» المملوكة بشكل أساسي من مارون شمّاس قدّمت عرضاً، و«هيبكو» المملوكة من آل البساتنة حاولت أن تتفق مع شركتين تنضويان ضمن تجمّع مستوردي النفط من أجل تقديم عرض… حتى أن رجل الأعمال بهيج أبو حمزة أجرى مفاوضات مع مساهمي «وردية» باسم تجمّع من ستة رجال أعمال من أجل الفوز بالصفقة. تردّد أيضاً أن الشقيقين تيدي وريمون رحمة أجريا جولات من التفاوض مع الشركة لإقناع مساهميها بالتخلّي عنها لمصلحتهم، ولم يفلحوا بعد.

الصفقة بأي ثمن؟

ما السرّ وراء هذه الصفقة؟ لماذا العروض تنهال على «وردية» من كل حدب وصوب؟ هل الشركة معروضة فعلاً للبيع؟ بأي ثمن؟

شركة «وردية» مملوكة من شركة «تراكو» بنسبة 50.5 في المئة، ومن شركة «بيريت العقارية» بنسبة 16.23 في المئة، ومن «النهلا ترايدينع أند كونتراكتينغ ليمتد» بنسبة 11.35 في المئة، ومن هنري مكرديج سركيسيان بنسبة

20.5 في المئة. رئيس مجلس إدارتها 

سمؤال عبد الله بخش، يحمل الحصّة الأكبر من الأسهم (62.3 في المئة) عبر «تراكو» و«النهلا»، أما شركة «بيريت العقارية» فهي مملوكة بشكل أساسي من مساهمين في «بنك عوده» على رأسهم ريمون عوده وبعض أقربائه فضلاً عن الياس نحاس 

وجورج بستاني، وذلك عبر «الشركة العقارية المالية» وشركة «فقرا العقارية».

توزّع الملكية ضروري لتفسير المفاوضات مع الأخوين رحمة. فقد تبيّن أن مساهمي «بيريت العقارية»، باعوا «فقرا العقارية» لكلّ من تيدي رحمة وشقيقه ريمون، وبالتالي باتوا مساهمين حكميين في «بيريت العقارية»، وهذه الأخيرة تملك 15 في المئة من «وردية هولدينغ»، فيما «فقرا العقارية» تملك 6.82 في المئة من بيريت، ما يعني أن الشقيقين باتا يملكان 1 في المئة من «وردية».

المصادر تشير إلى أن رغبة الشقيقين رحمة لم تكن محصورة بشراء «فقرا العقارية» التي تملك «فقرا كلوب» بالإضافة إلى أكثر من 150 ألف متر مربع من الأراضي القابلة للتطوير، بل كانت تشمل محاولة شراء «وردية»، لكنهما اصطدما بحقوق المساهم الأكبر في الشركة، أي سمؤال بخش، الذي يملك حق «الفيتو» على أي صفقة لإنتقال أسهم الشركة إلى مساهمين جدد. وافق بخش على انتقال 1 في المئة إلى الشقيقين رحمة، لكنه لم يوافق على بيع الـ 15 في المئة كاملة لهما مشترطاً أن يتم الاتفاق أولاً على تخمين سعر الشركة بأكثر من 85 مليون دولار.

 

مزايا الشركة

بهذا السقف المرتفع، رفض بخش بيع «وردية». مصادر الشركة تشير إلى أن المفاوضات لا تزال جارية مع أكثر من طرف، إلا أنه ليست هناك بوادر للتقدّم في هذا المجال في ضوء رغبة المستثمرين في شرائها بسعر بخس. فالسعر الأعلى الذي تلقاه بخش هو 65 مليون دولار، أي أقل بنحو 20 مليون دولار من سعر الطلب، وهذا السعر يعكس رغبته الفعلية، إذ إن الرجل يعتقد أن سعر الشركة أعلى بكثير ويصل إلى 100 مليون دولار، بعد ان جرى «تنظيف» الشركة من المعوقات التي كانت تمنع نموّها ومن الهدر والفساد الذي كان يعشعش فيها.

ثمة مؤشرات يستند إليها بخش. فمن جهة حققت «وردية» أرباحاً في 2017 بقيمة 12 مليون دولار، ما يجعلها قادرة على النمو خلال السنوات المقبلة. ومن جهة ثانية، إن الشركة تملك شبكة تسويق ضخمة تتألف من عقود مع أكثر من 160 محطة محروقات غالبيتها في بيروت الكبرى، وبالتالي فهي قادرة على تصريف كمية كبيرة من إنتاجها في السوق مباشرة، ما يجعل حصّتها السوقية من الأكبر في السوق المحلية. حصّتها من مبيعات البنزين تصل إلى 18 في المئة، وحصّتها من مبيعات المازوت الأخضر تبلغ 11 في المئة، ولديها 27 في المئة من مبيعات كاز الطيران كما إنه ليس عليها ديون في المصارف، بل تملك في محفظتها ديوناً سوقية بقيمة تصل إلى 30 مليون دولار، فضلاً عن ملكيتها لشركتي مزج للزيوت تحققان أرباحاً.

وتجدر الإشارة إلى أن «وردية» تستورد شهرياً بمعدل 20  ألف طن بنزين و10 آلاف طن مازوت وتملك شركة «باور انترناشيونال» المتخصصة بمزج وتعبئة زيوت الآليات وتعبئة الغاز أيضاً ولديها أرباح متراكمة بقيمة 5 مليارات ليرة ولم يكن عليها ديون للمصارف.

وكانت «وردية» معروضة للبيع منذ فترة طويلة، وهي تلقت عروضاً بخسة في 2015 ما دفع بخش إلى رفضها رغم ضائقته المالية ورغبته في الانسحاب من السوق اللبنانية. وبحسب المصادر، كانت هناك جولتان من التفاوض على الأسعار في ذلك الوقت. في الجولة الأولى تنافست «توتال الفرنسية» و«ترافيغورا السويسرية» ومستثمرون محليون و«هيبكو»، لكن لم يتمكنوا من الاطلاع بشكل واف على ميزانية الشركة وديونها المصرفية وعقودها مع المحطات وكميات المواد المخزنة. وفي الجولة الثانية أظهرت الشركات اللبنانية اهتماماً بالصفقة. «مدكو»، «شركة يونتيترمينال»، «شركة يونيغاز»، «IPT»، «هيبكو»، «ليكويغاز». يومها انحصرت المنافسة بين «هيبكو»، و«يونيغاز»، اللذين قدّما عروضاً لا تتجاوز سقف 55 مليون دولار