الحكومة المغربية الجديدة بين الإصلاح وإرضاء النقابات

05.06.2016
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تواجه الحكومة المغربية الجديدة برئاسة سعد الدين العثماني العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية خصوصاً في البحث عن حل لإشكالية الاصلاح الهيكلي وعلاقة النقابات القوية التي تتميز بخطاب  تعبوي  ومطلبي.

برنامج طموح

قدّم العثماني برنامجاً طموحاً حسب العديد من الأوساط يحمل الكثير من الوعود الاقتصادية والاجتماعية ويحاول في الوقت ذاته تمكين المغرب من أن يصبح قوة اقتصادية مؤثرة في العالم، ليحتل على سبيل المثال المرتبة الخمسين في العالم  في حلول العام 2021، وهو طموح كبير لأنه يتطلب تقدم المغرب بأكثر من 18 مرتبة. وتشكك العديد من الأوساط في تمكّن الحكومة من تحقيق هذا الهدف في الآجال المعلنة، بالنظر الى طبيعة التحديات التي يواجهها الاقتصاد المغربي. 

ويهدف برنامج الحكومة حسب ما أعلن رئيسها سعد الدين العثماني الى تحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي ما بين 4.5 الى 5.5 في المئة وهذا مستوى كبير قياساً بمسار النمو في المغرب. وشكك البنك الدولي في إمكانية تحقيق المغرب هذا المعدل بصورة مستمرة بالنظر الى ارتباط الاقتصاد المغربي أساساً بعوامل لا يمكن التحكم بها مثل معدل تساقط الأمطار، وتوافد السياح وأسعار بعض المواد الاساسية التي يصدرها المغرب، وهي كلها عوامل خارجة عن سيطرة الحكومة المغربية بصورة عامة.

جذب الاستثمار

على صعيد آخر، تضمّن برنامج الحكومة المغربية إعلاناً صريحاً برغبة السلطات في جعل المغرب بلداً جاذباً للاستثمارات الاجنبية المباشرة من خلال توفير مناخ تنافسي، وكانت الاستثمارات الاجنبية المباشرة قد سجلت تراجعاً واضحاً في العام المنصرم بنحو 3.7 في المئة، علماً أن المغرب  يبقى رغم هذا التراجع، الدولة الأكثر استقطاباً  للإستثمارات الاجنبية في المغرب العربي. 

على الصعيد الاجتماعي وهي مسألة شكلت هاجساً حقيقياً بالنسبة إلى الحكومات المغربية في السابق، يسجل المراقبون، أن برنامج سعد الدين العثماني يحمل رغبة في إرضاء فئات عديدة من الشعب بما يسهم في تعزيز الوضع الانتخابي لحزب رئيس الحكومة، و في هذا الاطار تضمن المشروع العمل على بناء 800 ألف وحدة سكنية والسعي الى القضاء على نصف مساكن الصفيح في المدن المغربية  المقدر عددها بنحو 120 الف مسكن.

الهاجس الاجتماعي

امام هذا البرنامج الطموح والذي يهدف حسب الخبراء، إلى الجمع بين أفكار تيارات ومصالح اجتماعية مختلفة عدة، فقد اعتبر البنك الدولي في دراسة حديثة أصدرها، أن المغرب يواجه تحدي التحولات الهيكلية، وهذه الجملة تعني في أدبيات الهيئة الدولية،  أن الطريق ما زال غير معبد أمام المغرب خصوصاً أن الإرث الاقتصادي، يتميز بارتفاع المديونية والعجز في الميزانية وهي مسائل أشار إليها سعد الدين العثماني دون أن يوضح الإطار الاحصائي لها خاصة في ما يتعلق بمسألة التمويل و الجباية. 

على صعيد آخر، فإن رئيس الحكومة الجديد عمل منذ البداية على انتهاج سياسة اليد الممدودة تجاه النقابات وهذه الأخيرة اعتبرت ان الأسباب التي أدت الى بروز مشاكل مع الحكومة السابقة بخاصة في ما يخص اصلاح أنظمة التقاعد والتي ترفضها العديد من الاتحادات النقابية المؤثرة، ما زالت قائمة وذهبت بعض النقابات الى درجة  التشكيك في سياسة اليد الممدودة التي أطلقها  العثماني، واعتبر الامين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل نوبير العماوي أنها محاولة للتضليل والاستهلاك الإعلامي فقط.  وسبق لرئيس الحكومة عبد الاله بن كيران   حسب هذه النقابات أن اعلن عنها ولكنه استمر في نهجه الرافض للأخذ في عين الاعتبار مطالب النقابات. وأعلنت بعض الاوساط  النقابية المغربية أنها تعطي لرئيس الحكومة الجديد مهلة 100 يوم قبل أن تلجاً إلى تصعيد احتجاجاتها.

كاريزمية بن كيران لم تنجح بتحقيق الإصلاح ... فهل تنجح  براغماتية العثماني 
 

براغماتية العثماني

وبالنظر الى البرنامج المعلن من قبل سعد الدين العثماني يتساءل العديد من المتتبعين للشأن المغربي الداخلي، هل البرنامج المعلن للحكومة مجرد انعكاس براغماتي لبرامج سابقة، وذلك بهدف تجاوز العراقيل التي رافقت عمل حكومة بن كيران صاحب الشخصية الكاريزمية والشعبية؟ وهل تنجح براغماتية العثماني مقابل فشل كاريزمية بن كيران ....نصبر 100 يوم.