وزير الطاقة القبرصي: تطورات قطاع الطاقة تتطلب التعاون الوثيق

31.07.2017
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

 

تحويل الجزيرة إلى مركز للطاقة في منطقة شرق المتوسط

 

تجمع الدول العربية وقبرص علاقات جيدة تعود إلى عقود تمثلت بحركة تبادل تجاري مقبولة وتعاون في مجالي الاستثمار والمقاولات تحديداً، وتعود هذه العلاقات إلى أهمية الموقع الجغرافي للجزيرة والذي مكّنها من ربط العالم العربي بأوروبا. ومع الاستكشافات النفطية التي شهدتها قبرص مؤخراً من المتوقع أن تشهد العلاقات نمواً ولاسيما مع إمكانات الاستفادة من خط الغاز العربي في نقل الغاز القبرصي من جهة وربطه بخط أنابيب شرق المتوسط عبر لبنان مستقبلاً. "الاقتصاد والأعمال" التقت وزير الطاقة، التجارة والصناعة والسياحة في قبرص جورجيوس لاكوتريبيس وعادت بهذا الحوار:

كيف تصفون التعاون الاقتصاديعموماً والتجاري تحديداً بين قبرص والدول العربية؟

ترتبط قبرص والدول العربية بعلاقات وروابط اقتصادية تجارية وطيدة تعود إلى فترة طويلة. ونشطت شركات المقاولات القبرصية في منطقة الخليج خلال العقود الماضية وأنهت بنجاح  مشاريع عدة مهمة.

وبلغت الصادرات القبرصية إلى الدول العربية 125 مليون يورو العام 2016 (باستثناء صادرات المواد النفطية)، مشكلة بذلك 16 في المئة من إجمالي الصادرات المحلية، ومن أهم الصادرات جبنة الحلوم، الأدوات الصيدلانية، الاسمنت، عصير الفاكهة والخضار والمعدات الميكانيكية والكهربائية.

أطلقت قبرص مؤخراً دورة التراخيص الثالثة، كيف تقيمون النتائج المحققة في الدورتين السابقتين وبخاصة على مستوى حجم الموارد القابل للاستغلال التجاري؟

 أعلنت وزارة الطاقة، التجارة، الصناعة، والسياحة بتاريخ 24 آذار 2016 المباشرة بالدورة الثالثة المتعلقة بمنح تراخيص استخراج النفط من المناطق 6، 8 ، و10 ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة  للجمهورية القبرصية، وبناء على الطلبات التي تلقيناها تمّ التوقيع على ثلاثة عقود مشاركة للتنقيب والإنتاج مع تحالف شركات إكسون موبيل وقطر للبترول للعمل في البلوك الرقم 10، ومع تحالف شركات إيني وتوتال للبلوك الرقم 6 وشركة إيني للبلوك الرقم 8.

أما بالنسبة إلى دورات الاستكشاف السابقة، فقد قامت شركة نوبل بالتنقيب في البلوك الرقم 12 حيث تم اكتشاف موارد للغاز الطبيعي تقدر بنحو 4.5 تريليون قدم مكعب في حقل "أفروديت". وتبين لنا بعد دراسة كميات الغاز الموجودة والبيئة الاقتصادية لقطاع النفط والغاز، ان الخيار الأكثر جدوى وقابلية للتطبيق لاستغلال الكميات المكتشفة هو تصديره عبر أنابيب تحت البحر إلى مرافق التسييل الموجودة في مصر، وتحديداً إلى منشآت تسييل الغاز الطبيعي في "إدكو" أو في دمياط. وهناك مفاوضات تجري حالياً بين  الشركة الهيدروكربونية القبرصية والشركات العاملة في حقل أفروديت مع المشترين المحتملين في مصر. وفي إطار تسهيل هذه المفاوضات وكدليل على دعمها من قبل حكومتي قبرص ومصر، تمّ توقيع بين الحكومتين تقضي بنقل الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب مباشر تحت المياه من المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لمصر.

أثار اكتشاف حقل زهر المصري موجة من الحماس في أوساط الشركات النفطية، هل تتوقعون أن تنعكس هذه الموجة على قطاع الطاقة القبرصي، خصوصاً وان التكوينات الجيولوجية في شرق المتوسط هي متشابهة أو متكاملة كما يقال؟

إن اكتشاف حقل "زهر" غيّر بالفعل قواعد اللعبة. مما لا شك فيه أن الزخم الذي خلقه اكتشاف هذا الحقل في منطقة شرق المتوسط كان له الأثر الإيجابي المباشر على احتمالات نجاح عمليات التنقيب في المنطقة الاقتصادية القبرصية الخالصة. وقد راعت قبرص بشكل استراتيجي عند إطلاق دورة التراخيص الثالثة أن تكون البلوكات المطروحة غير مستكشفة سابقاً وأن تضم تكوينات مشابهة لتلك الموجودة في "زهر". لذلك نتوقع نتائج ملموسة للحماس الذي نتج عن استكشاف "زهر"، خصوصاً وأنه من المرجح أن تتضمن التكوينات المشابهة لحقل "زهر" في المنطقة القبرصية الخالصة كميات كبيرة من المواد الهيدروكربونية.

أين أصبح مشروع خط أنابيب الغاز الذي يربط إسرائيل وقبرص بالقارة الأوروبية؟

إن خط الأنابيب الذي ينطلق من قبرص إلى اليونان عبر كريت والذي يعرف حالياً بـخط "East Med"، يندرج ضمن لائحة مشاريع الاتحاد الأوروبي ذات الاهتمام المشترك، وهو من ضمن مجموعة المشاريع التي تسهم في فك عزلة قبرص وكريت في مجال الطاقة، وربط الجزيرتين  بشبكات الطاقة الأوروبية، هذا يعني أن شبكات الغاز العابرة للحدود ستكون لها أهمية استراتيجية بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وستعود بالفائدة على اقتصاداتها، وعلى تكامل الأسواق، وكذلك على توفير مصادر آمنة ومستدامة للتزود بالطاقة، وتعزز المنافسة. والجدير ذكره أن خط" EastMed" هو مشروع للقطاع الخاص، ويندرج ضمن المشاريع ذات الاهتمام المشترك حسب قانون الاتحاد الأوروبي الرقم EC/2013/347. ويطور المشروع حالياً شركة IGI Poseidon وهي تحالف بين Edison International  والمؤسسة العامة للغاز في اليونان، وستقوم IGI Poseidon  بتطوير وبناء وتشغيل هذا الخط.

كما إن خط أنابيب  “EastMed”تدعمه ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هي: قبرص، اليونان وإيطاليا، بالإضافة إلى إسرائيل، وقد أدركت هذه الدول فوائد المشروع المباشرة وغير المباشرة على اقتصاداتها، كما إن الشركة المطورة للمشروع أكملت دراسات الجدوى الاقتصادية والتصاميم الهندسية الأولية، وهي بصدد المباشرة باستكمال الدراسات اللازمة. وتبذل الحكومة القبرصية جهوداً كبيرة لإتمام الإطار القانوني وتسريع إجراءات التراخيص لهذه الاستثمارات العابرة للحدود من أجل إتاحة التفاعل الإقليمي وخلق سوق إقليمية للطاقة.

هل ترون إمكانية لاستخدام خط الغاز العربي بعد وصوله إلى لبنان، لتصدير الغاز القبرصي؟

كما ذكرنا مرات عدة، أن الأولوية بالنسبة إلى الجمهورية القبرصية هي للاستكشاف، فهدفنا الأساسي هو تأمين مخزون وافر وثابت من المواد الهيدروكربونية، لذلك نركز جهودنا في الوقت الحاضر على نتائج دورات التراخيص وبرامج الاستكشاف التي التزمت بها  الشركات الحاصلة على التراخيص.

ونأمل أن تكون نتائج برامج الاستكشاف جيدة، بما يتيح لقبرص الاختيار بين سيناريوهات متعددة للاستفادة منها، ومن المؤكد أن الربط بخط أنابيب الغاز العربي سوف يكون خياراً محتملاً يؤمن الغاز القبرصي إلى المنطقة، بالطبع بعد تقييم كافة المعايير التقنية، والمالية والسياسية.

هل من تطورات على صعيد إنهاء قضية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان العالقة حالياً بسبب النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل؟

في  ضوء التطورات الحاصلة في المنطقة وفي سوق الطاقة العالمية، لا بدّ لدول شرق المتوسط من إبرام الاتفاقات اللازمة، كي تتمكن من الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة في قطاع النفط والغاز على الصعيدين الوطني والإقليمي. إن التعاون الثنائي بين قبرص ولبنان في قطاع الطاقة يسمح لشركات النفط والغاز أن تعمل في بيئة آمنة ومستقرة. نحن على اتصال وثيق مع لبنان بالنسبة الى المسائل المتعلقة بالطاقة، والتي تمت مناقشتها خلال زيارة الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس إلى لبنان مؤخراً، وقبرص على استعداد لتقديم أي مساعدة ممكنة تطلب منها لحل مسألة الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.

ما هي النتائج المتوقعة من استخراج الغاز والنفط على الاقتصاد القبرصي؟

إن الهدف الاستراتيجي لوزارة الطاقة، هو التطوير الأمثل والمستدام للموارد الكربوهيدرونية من أجل المساهمة في زيادة عائدات الدولة وتعزيز الاقتصاد لمصلحة المجتمع القبرصي والأجيال المقبلة. لذلك، نؤمن بأن نتائج استخراج النفط والغاز سيكون لها تأثير إيجابي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

من المعروف أن صناعة النفط والغاز الناشئة في قبرص ستساهم في خلق فرص عمل من خلال سلسلة القيم الكاملة، وبالتالي في تعزيز الانتعاش الاقتصادي، والمساعدة على تحويل الاقتصاد القبرصي إلى اقتصاد معرفي. ومن أجل تحقيق ذلك، تقوم وزارة الطاقة بتقييم حاجات القوى العاملة الوطنية وتطوير برامج التعليم والتدريب لتتلاءم مع هذه الحاجات، ومن أجل الحصول على المهارات والمعرفة والخبرات المطلوبة.

ولأن قبرص دولة كاملة العضوية في الاتحاد الأوروبي، فهي تهدف إلى استخدام مواردها الهيدروكربونية وبناء البنية التحتية اللازمة لتعزيز أمن موارد الطاقة في الاتحاد الأوروبي، حيث بإمكان قبرص المساهمة في تحويل منطقة شرق المتوسط إلى منطقة تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة من خلال تعزيز الاستقرار السياسي وتحسين العلاقات الثنائية، استناداً إلى التعاون الناشئ من استغلال المواد الكربوهيدرونية في المنطقة. كما إن أحد أهداف الوزارة هو تحويل الجزيرة إلى مركز للطاقة في منطقة شرق المتوسط.

تعتبر السياحة أحد الروافد الاقتصادية الأساسية للاقتصاد القبرصي، كيف تسعون الى جذب المزيد من السياح ومن الاستثمارات السياحية ؟

تحتل السياحة في قبرص موقعاً رئيسياً في التنمية الاقتصادية، حيث ساهمت بنحو 13.2 في المئة من الناتج القومي الإجمالي العام 2016. ومن أجل جذب المزيد من السياح والاستثمارات وضعت الحكومة سياسات وإجراءات عدة من أبرزها العمل على تأسيس وزارة سياحة بالإنابة لإدارة الشؤون المتعلقة بالقطاع على أسس شاملة. كما إن الوزارة وضعت خطة استراتيجية مدتها عشر سنوات، تهدف إلى تحسين أداء وعائدات القطاع، من خلال تحسين تنافسيته، وتطوير وتنويع المنتج السياحي وخلق علامة سياحية قوية والحد من مشكلتها الموسمية، ولذلك تقوم الحكومة القبرصية بالترويج للاستثمار وتشجيع المشاريع السياحية الكبرى مثل مشاريع الغولف، المارينا، ومشروع بناء كازينو ومنتجع متكامل وهو الأول من نوعه في أوروبا.

بالإضافة إلى ذلك، تمنح الحكومة القبرصية حوافز على تجديد الفنادق والمؤسسات السياحية، والتي يمكن تنفيذها من خلال دعم الصناديق الأوروبية المتخصصة.

وفضلاً عن ذلك، تحاول الحكومة القبرصية تحسين الربط الجوي مع الأسواق السياحية الموجودة أصلاً والمستهدفة وفي هذا الاتجاه، نشجع الخطوط الجوية العالمية على تأمين خطوط ربط مباشرة وغير مباشرة مع قبرص. وفي سياق منفصل، تدرس وزارة النقل طلبات من خطوط طيران تسعى الى توسيع عملياتها من خلال إنشاء شركات في قبرص، وقد منحت الوزارة تراخيص لعدد من خطوط الطيران وبعضها على استعداد لربط قبرص بلبنان.

وتعمل الحكومة القبرصية على تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات الزيارة، وأعلنت مؤخراً عن إنشاء مركز للتأشيرات في كل من الصين وإيران.