جيبوتي:
«واحة» للإستثمار وقاعدة للعسكر

08.05.2017
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني

تشكّل جيبوتي «واحة» تتميز باستقرار أمني ونمو اقتصادي ومقصداً للاستثمارات خصوصاً منها الصينية والخليجية، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه نوعاً من «المساكنة» الهادئة بين القواعد العسكرية لدول عديدة وكان آخرها قاعدة صينية هي الأولى من نوعها التي تبنيها الصين خارج أراضيها، والمفارقة أنها تقع على مقربة من أكبر قاعدة أميركية في افريقيا. لكن لماذا جيبوتي من بين كل دول القرن الأفريقي، وما الذي جعل قادتها ينشدون تحويلها إلى «دبي أفريقيا»؟ وهل تتمكن من الاستمرار في جذب الاستثمارات وتحقيق معدل نمو يتخطى 7 في المئة خلال السنتين المقبلتين، كما يتوقع البنك الدولي؟

يكتسب مضيق باب المندب الذي تطل عليه جيبوتي أهمية كبيرة لأنه يربط دول حوض المتوسط وأوروبا بآسيا، ويمرّ عبره نحو 20 في المئة من حجم التجارة العالمية و10 في المئة من صادرات النفط العالمية. وجيبوتي أيضاً تمثّل إحدى النقاط الرئيسية على خريطة مبادرة «الحزام والطريق» الصينية التي تمرّ فيها نسبة كبيرة من واردات الصين النفطية بالإضافة إلى صادراتها إلى أوروبا والتي تصل قيمتها اليومية إلى نحو مليار دولار، فضلاً عن ذلك تشكل المرافئ الجيبوتية واجهة أثيوبيا التجارية الرئيسية نظراً الى عدم امتلاكها واجهة بحرية.   

ومنذ العام 2015 ضخَّت الصين استثمارات بنحو 14 مليار دولار في جيبوتي. أبرز المشاريع التي تموّلها الصين من خلال «اكزيم بنك» Exim Bank of China الحكومي: خط أنابيب للمياه بين جيبوتي وأثيوبيا بتكلفة تصل إلى 322 مليون دولار، خط سكك حديد بين جيبوتي وأديس أبابا (490 مليون دولار) ومطار في بيسيدلي Bicidley جنوب البلاد (450 مليون دولار).     

عناصر استقرار 

تنظر الولايات المتحدة إلى جيبوتي باعتبارها «موقعاً أساسياً لمحاربة الإرهاب العالمي ومكافحة القرصنة»، ومع أن الولايات المتحدة تملك قواعد عسكرية في 16 بلداً أفريقياً، إلا أن قاعدة «ليمونيه» Lemonnier في جيبوتي هي الأكبر كما إنها الوحيدة التي تصنّفها أميركا بأنها مركزية ودائمة، وأعلن البيت الأبيض في فبراير الماضي عن استثمار مليار دولار لتطوير هذه القاعدة. 

الوجود العسكري في جيبوتي لا يقتصر على الولايات المتحدة. فرنسا وهي المستعمر القديم تملك أيضاً قوات عسكرية كما هي الحال بالنسبة إلى كل من ألمانيا وإسبانيا بالإضافة إلى اليابان التي تشكّل قواتها العسكرية هناك أول تواجد عسكري لها خارج أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية، وسبق أن أعلن وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف عن موافقة بلاده على تقديم تسهيلات عسكرية للسعودية من ضمن اتفاق أمني وقضائي. والجدير بالذكر أن جيبوتي قطعت علاقاتها الدبلوماسية العام الماضي مع إيران بسبب الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، أما الصين فقد شرعت ببناء قاعدتها العسكرية على بُعد 13 كيلومتراً من قاعدة ليمونيه الأميركية. 

علاقات خليجية

لدى جيبوتي رؤية اقتصادية بعنوان «رؤية 2035» وهي ترتكز بشكل أساسي على تطوير عدد من القطاعات الاقتصادية أهمها النقل والتجارة والسياحة. وثمة محور مركزي لهذه الرؤية يتمثّل بحسب رئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل عمر جيله في تطوير الموانئ وتعزيز حركة الملاحة البحرية من وإلى دول القرن الأفريقي والشرق الأفريقي. كلام الرئيس الجيبوتي جاء خلال افتتاح الملتقى الاقتصادي الجيبوتي السعودي الشهر الماضي في حضور وزير التجارة والاستثمار السعودي د. ماجد بن عبد الله القصبي. 

الشركات الإماراتية أيضاً مهتمة بالاستثمار في جيبوتي على الرغم من الأزمة التي نتجت عن رفع دعوى من جانب حكومة جيبوتي ضد «موانئ دبي العالمية» التي ربحت العام 2009 عقد امتياز لمدة 50 عاماً لتشغيل محطة حاويات «دوراليه». «نخيل» أيضاً قامت بتطوير أحد أكبر المنتجعات مع «كمبينسكي»، كما أعلنت مجموعة «نايل وبن حرمل للاستثمار» مؤخراً عن مشروع بقيمة 400 مليون درهم لإقامة مركز تجاري وفندق ومنتجع في جيبوتي، كذلك تخطط مجموعة الأعمال الإماراتية - السعودية ASAS Capital لإطلاق مشروع مارينا على الواجهة البحرية.   

من الواضح أن ثمة اتفاقاً ما فتح باب «المساكنة» بين قوى اقتصادية وعسكرية عالمية في هذا البلد الصغير الذي لا يتخطى عدد مواطنيه 850 ألفاً، لكن من غير الواضح بعد إلى أي مستوى ستصل الاستثمارات الأجنبية في هذه «الواحة» العسكرية والاستثمارية.