حمـــد الشـــامســي ... سفير «إمارات السعادة والتسامح»

15.06.2016
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
رمزة عسّاف
 
الأمان، السعادة، الرفاهية، التسامح والأمل، كأنها خصائص إماراتية في اليوميات والستراتيجيا.  الإمارات العربية المتحدة، الدولة التي تحاكي المستقبل، وكأنه اليوم، بمشاريع طموحة محورها الإنسان، وبخطط حالمة تشق طريقها عبر سياسات جريئة وواعدة، تحولت وصفةً للريادة وبصمةً مضيئة بلغ وهجها العالم. وليس مستغرباً على من يخصص حقائب وزارية للسعادة والتسامح والشباب أن يحول الأحلام حقائق معاشة، محروسة بمعادلة تزاوج بين النهضة والنمو وبين الرفاهية والسعادة.. هي السعادة التي يطل بها سفير الامارات في لبنان حمد الشامسي، وجه الامارات المبتسم في لبنان. هو الذي لقّبه الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بسفير السعادة عندما التقاه ضمن وفد سفراء دول الخليج. 
بصراحة، ومقّلباً صفحات العلاقات اللبنانية الاماراتية البيضاء بلون مكتبه الفرح ، تحدث الشامسي إلى "الاقتصاد والأعمال". فلم يخف إعجابه بل عشقه لهذا "البلد النادر والقادر أن يكون أفضل بلد في العالم". هذا الحب للبنان ليس إلا ترجمة لإنحياز دولة الإمارات لمصالح هذا البلد الذي عينت فيه سفيراً في عزّ الفراغ الرئاسي خارقة البروتوكول،  والذي تدعمه اجتماعياً وتنموياً واقتصادياً وتحتل المرتبة الاولى على لائحة الدول المستثمرة في لبنان والأولى عالمياً من حيث المساعدات الانسانية.  أما عن أوضاع الجالية اللبنانية فيؤكد "أنها في أفضل حال".
 
السفير الشاب الذي يعرف لبنان عندما كان طالباً في جامعة بيروت العربية ثم نائباً لرئيس البعثة الإماراتية فسفيراً، يقول "إن تعييني سفيراً في لبنان من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، هو أكبر وسام لي في حياتي الدبلوماسية".
"العتب على قدر المحبة"، هو جوابه عندما يُسأل عن رأيه في الأزمة الأخيرة بين لبنان ودول الخليج . وهو، إذ يؤكد أن دولته لا تتدخل في شؤون الآخرين وليست مع فريق ضد آخر، يعتبر أن على اللبنانيين أن يعملوا لخير بلدهم وإعلاء شأنه من دون أن ينفذوا أجندات دول مغرضة تسعى إلى نشر الفوضى والعمل على إعادة عقارب الساعة الى الوراء".. لكن السفير المتفائل يصرّ على "أن لبنان لن يسير إلا إلى الأمام وكلنا معه لتحقيق هذا الهدف"، يقول.
كثيرون ربما، لا يعرفون أن لبنان ثاني دولة، بعد مصر، تعيّن فيه الإمارات سفيراً لها العام 1972 . أي إن السفارة الإماراتية في بيروت هي ثاني سفارات الإمارات في العالم بعد القاهرة. قد يكون هذا الأمر دليلاً على أهمية العلاقة التي وُصفت بالودية والأخوية بين البلدين، والتي تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. 
 

العتب الخليجي

"الإمارات من أبرز الداعمين للبنان والهدف تأمين استقراره"، هذا ما يؤكده السفير الشامسي الذي يعتبر لبنان مدرسة لكل دبلوماسي. هو الذي لم يمر على تعيينه عام واحد، عاجلته الأزمة الأخيرة بين لبنان والخليج. أزمة لا بدّ برأيه أن تُحل وتمر بسلام ويقول "إن لا داعي للخوف على مستقبل العلاقة اللبنانية الخليجية. أما سبب العتب الخليجي فخروج لبنان مؤخراً عن الإجماع العربي المتعارف عليه ما حتّم على دول الخليج اتخاذ مواقف حاسمة، لكنني أجزم أنها ستكون لمصلحة لبنان وستكشف الأيام ذلك". 
 
من هنا يدعو سفير الإمارات لأن يبقى لبنان دائماً في الحضن العربي والخط العربي وليس في أي خط آخر. ويكشف أن هدف لقائه وسفراء الخليج مع رئيس الحكومة تمام سلام والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان تقريب وجهات النظر على هذا الصعيد. من هنا يشدد الشامسي على دعم كل ما يعزز دور لبنان وسيادته واستقلاله، ويؤكد "أن تاريخ البلدين خيرُ مثال على أن الإمارات كانت في صف الدول الخيرة والصديقة ولم تتوان يوماً عن أن تكرس ما يصب في صالح هذا البلد، قيادة وشعباً". إنه مع الشعار القائل بأن الغد هو دائماً يوم أفضل.
 

خرق البروتوكول !

إذا كان الاعتراض على سياسة فريق معيّن، فلماذا تحميل كل لبنان المسؤولية؟ يوضح الشامسي "أن كل الوزراء ينتمون الى حكومة واحدة، فنحن كدول في مجلس التعاون الخليجي نتعامل مع حكومات وليس مع أحزاب او أشخاص". 
 
هل يمكن أن يكون التصرف اللبناني غير المقبول منكم تُرجم بمنع الإماراتيين من المجيء الى لبنان؟ يجيب بأن القرار الإماراتي له أسبابه الأمنية والسياسية. هو يرفض أن تـُحمّل دولته مسؤولية  تشويه صورة لبنان وإضعافه اقتصادياً، ويقول: "اريد أن اوضح للجميع بأن دولة الإمارات، منذ نشأتها، لم تعيّن سفيراً في بلد يعاني شغوراً رئاسياً، وليست هناك دولة تقبل بتعيين سفير لها في دولة لا رئيس فيها يقدّم له أوراق اعتماده. لقد خرقنا البروتوكول بما يتعلق بلبنان تأكيداً على العلاقات التاريخية المتينة التي تجمع بين البلدين". 

مخطط مشبوه ودول مغرضة؟

والسفير الذي يعتبر أن الفراغ في سدّة الرئاسة اللبنانية خطر، يرى أن الرئيس هو رمز الدولة وفق اتفاق الطائف، ويضيف: "صحيح أن الاتفاق المسيحي-المسيحي مطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، غير إن هذا الاستحقاق وطني بإمتياز والجميع معني فيه. من هنا أتمنى أن يتم هذا الاستحقاق لحماية البلد من التدخلات الخارجية ومن مخططات مشبوهة لدول مغرضة ستستفيد من الفراغ  وتعمل على إطالة عمره خدمة لأجندة معينة تساعدها على نشر الفوضى والتحكم بالساحة اللبنانية سياسياً وأمنياً".
 

لبنانيو الإمارات

120 ألفاً هو عدد اللبنانيين الذين يعملون في الإمارات. ولا شك أن الأزمة اللبنانية الخليجية تدفع البعض الى الخوف على أوضاع الجالية اللبنانية هناك، على غرار كل دول الخليج، ولا سيما بعد ترحيل عدد من اللبنانيين. في هذا الموضوع يرفض السفير الشامسي الكلام عن إجبار بعض اللبنانيين على مغادرة دولة الإمارات، ويأسف للتضخيم الإعلامي على هذا الصعيد مؤكداً بلغة حاسمة وبكل ثقة وحزم "ان الجالية اللبنانية في الإمارات بأحسن حال.  فاللبنانيون لهم منا كل التقدير والاحترام".. ويضيف: "أما الذين انتهت فترة عملهم، فلدينا ملف لكل شخص خالف وتجاوز القانون، والجهات المعنية في البلدين على علم تام ودراية بالامور وهي على تواصل مستمر".
 

وضع استدعى العناية

لبنان الذي يرى فيه الشامسي بلده الثاني يستعرض بحسرة وقلق أوضاعه الصعبة 
ولا سيما في المرحلة الراهنة: "البلد يعاني من شغور رئاسي، وعدم استقرار سياسي، ووضع أمني مهتز على أطراف الحدود، وأوضاع اقتصادية في الحضيض، وتراجع عدد السيّاح بشكل كبير، ونزوح سوري اليه غير مسبوق، ومخيمات فلسطينية تعاني الكثير.. فأمام هذه الصورة المأساوية، كان علينا أن نتحرّك ونولي لبنان اهتماماً متقدماً عن سواه من البلدان. فكرّست الإمارات جهودها لمساعدته على كل المستويات". 
على الصعيد الإستثماري، تحتل دولة الإمارات منذ 2003 الرقم واحد عالمياً على لائحة الدول المستثمرة في لبنان بنسبة 49.7 في المئة، وفق إحصاء أجرته مؤسسة إيدال.  كما ان الإمارات هي ثاني دولة عالمياً ، بعد العراق، من حيث استقبال الاستثمارات اللبنانية.  وقد تصدر بنك "دبي الإسلامي" قائمة أهم 10 شركات مستثمرة في لبنان حيث ينفذ 4 مشاريع بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 1.9 مليار دولار يليه مجموعة ماجد الفطيم التي تنفذ 3 مشاريع بتكلفة 1.4 مليون دولار. إضافة إلى ان الاستثمارات الإماراتية في القطاع العقاري اللبناني شكلت ما نسبته ملياريّ دولار، منها مشروع "بوابة بيروت" الممتد على مساحة 21,447 متراً مربعاً، والذي أنجزه "بيت أبوظبي للاستثمار" خلال 2014 بكلفة 660 مليون دولار، ومشروع البرجين السكنيين المطلين على المارينا، والتابعين لـ"بنك دبي الإسلامي"، والذي نفذ أيضاً مشاريع عقارية في منطقة السوليدير بقيمة 200 مليون دولار.

دعم انساني وتنموي

ولأن الإمارات تدرك مدى التأثير السلبي للفقر والجهل اللذين يحولان المجتمع أرضاً خصبة للتطرف، قررت أن تنشط على الصعيد الإنساني والتنموي. ولهذا الغرض، أنشأت الملحقية التنموية والإنسانية التي تقدم نوعين من المساعدات: 
-مساعدات إنسانية وليس طائفية وخصوصاً للنازحين السوريين في لبنان مع تعاظم أعدادهم في لبنان. وهنا يعلق الشامسي بأن "هذه القضية تًحسب للبنان إذ هل من دولة، غير لبنان، تقبل بأن تستوعب على أرضها من النازحين ما يعادل ثلث عدد سكانها بترحيب وكرم وحسن ضيافة ؟ وعليه تحاول الإمارات انطلاقاً من التزامها الأخلاقي والإنساني مساندة لبنان وشعبه على تحمل هذه المسؤولية الضخمة أمام المجتمع الدولي".
-مساعدات تنموية من خلال إنشاء المدارس والمعاهد والمستشفيات وأعمال البنى التحتية في المناطق الفقيرة والمحرومة. ففي عكار مثلاً تموّل الإمارات مشاريع لإنشاء معاهد ومكتبات ومستشفيات فضلاً عن مشاريع لربط كل المدينة بالطرق والجسور.
 

..ويبقى جوهرة الشرق

إذا سألته عن صعوبة مهمته الدبلوماسية في بلد التعقيدات لبنان، يجيب مقاطعاً وبلا تردد: " لبنان بلد الخيرات والحضارة واللياقات والتعايش والمناخ الجميل. إنه نموذجي وفريد بتركيبته التي تضم 18 طائفة، وبشعبه المميز والمنفتح. فاللبناني متعلم ومثقف ويدير أكبر شركات ومؤسسات وهيئات على مستوى العالم ويترك بصمة ايجابية أينما حلّ. باختصار، يمكن القول إن هذا البلد النادر قادر على أن يكون أفضل بلد في العالم. وهو، وإن كان مرّ ولا يزال في ظروف صعبة، إلا أنه بقي صامداً وسيبقى دائماً جوهرة الشرق". 

 

التفاؤل مطلوب مع العمل

التفاؤل حاضر دائماً في مواقف الشامسي الذي يقول "إننا متفائلون دائماً ولهذا السبب وصلت دولتنا إلى أرفع المراتب وتتبوّأ المراكز الاولى عالمياً. إذاً التفاؤل مطلوب لكن العمل مطلوب أكثر ".
 
عند تسلمه مهامه في لبنان وعد الشامسي رئيس الحكومة تمام سلام بأنه لن يكون سفيراً للإمارات في لبنان بل أيضاً سفير لبنان في أبو ظبي. وهو اليوم يؤكد على هذا الأمر في كل مناسبة ويكشف انه سعى ولا يزال لحل مسائل عديدة وخرج بنتائج ايجابية وملموسة. 
 
أكثر ما يعجبه في لبنان انه بلد التعايش، وفي اللبناني "انه جبّار يتغلّب على أصعب الظروف ولا يعرف اليأس أو الاستسلام، فضلاً عن انه يحب الحياة وهي تليق به". أما أكثر ما يزعجه فهو عدم التوافق والانشقاق بين الفئات السياسية. 
 

الإرهاب العالمي

لـ الشامسي موقف من ظاهرة الارهاب التي باتت تلفّ العالم. برأيه "أن التطرف أو الارهاب لا دين له ولا مذهب ولا عرق ولا حدود جغرافية . لكن المؤسف أن التنظيمات الارهابية تتكلم بإسم الدين الاسلامي السني، علماً أن الاسلام براء منها ومن كل المكائد الطائفية والنزعات الدينية". 
 
أما كيف يمكن القضاء على الارهاب، فقد دعا الشامسي الى تحديد الارهاب أولاً، هو برأيه "فكر يبدأ عند الفرد ثم يكبر الى أن يصل الى مرحلة الدموية. وصاحبه لا يدرك ماذا يفعل لأنه يكون فاقداً للوعي". لكنه يرى "أن علاج الارهاب يكون بالعلم وليس بالسلاح الذي قد يأتي في مرحلة ثانوية، وكذلك بالعمل على محاربة الخطاب الديني المتشدد وتجنيب المجتمعات الفقر والجهل، باعتبارهما جزءاً من الارهاب إذ إن الطبقة الفقيرة وغير المتعلّمة يسهل تجنيدها وتسخيرها للقيام بأعمال إرهابية تحت غطاء إسلامي أو طائفي. من هنا كان حرص الإمارات على تعميم الخطاب الديني المعتدل وعلى دعم الفئات الفقيرة وإنشاء المعاهد والمراكز الصحية . فتأمين العيش الكريم للإنسان من شأنه أن يبعده السقوط في التطرف". 
 

شباب وتسامح وسعادة

وأخيراً كان لا بدّ من التوقف مع السفير الشاب عند خطوة دولة الإمارات الشبابية إذا جاز التعبير، حيث تلوّنت الحكومة بعناصر شابة وبحقائب جديدة من نوعها. فهناك وزيرة الشباب التي لا يتجاوز عمرها 22 عاماً، ووزيرة السعادة ووزيرة للتسامح. يرى الشامسي "أن دولة الإمارات تستثمر في طاقات الشباب لإدخال دم جديد الى المؤسسات. هذا ما راهنت عليه ونجحت. أما لماذا وزيرة للتسامح ووزيرة للسعادة فلأن دولتنا متسامحة ومحبة، كما يهمها من خلال وضع برامج استراتيجية ضمان سعادة المواطن والمقيم التي تؤمنها لهما في جميع امارات الدولة من خلال احترام الحقوق وتأمين الحياة الكريمة وإعطاء الجميع حرية ممارسة الطقوس والشعائر الدينية. لهذا السبب نرى المواطن الإماراتي ملتفاً حول قيادته وواثقاً بها ويشعر بأنه شريك في اتخاذ القرارات". 
 
ومع الافتخار بأن الإمارات تسير بخطوات سريعة تنظيمية واستراتيجية لتنمية الانسان والدولة ولزرع الابتسامة على وجه كل انسان من خلال هيئاتها وسفاراتها في الخارج، يختم السفير حديثه فاتحاً أبواب الأمل على مستقبلٍ أفضل للبنان الذي يجب أن يبقى في الحضن العربي.. "وإلا سيكون العرب أكبر الخاسرين"
 
مــن هــو حمــد الشـامســي؟