«فخــامـــة» نعمــة افـــرام ... صناعة السياسة وسياسة الصناعة

15.04.2016
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
رمزة عسّاف

 لماذا كُتب على لبنان أن يكون بلد الفرص الضائعة التي تضيع معها المؤسسات والإستحقاقات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية المملوءة بالفراغ؟ ولماذا لا يكون الحظ حليف الكرسي الأول في الدولة، فيملأه رجل أمثال المهندس والصناعي نعمة افرام أو سواه من الشخصيات الواعدة؟ انه السؤال الذي راودني بعد أن خرجت من مقابلة افرام الذي يجمع في شخصه ثورة الشباب وحكمة الشيوخ. فالخطر على لبنان هاجسه الأول، هو خائف على البلد "الواقف على شفير الهاوية".

في كنف بيتٍ آتٍ من عالم الأعمال الى السياسة التي مارسها ولم يمتهنها ترعرع الشاب الواعد، ومن خصال والده الوزير الراحل جورج افرام الذي كان يوصف بالوطني والآدمي تعلّم. السياسة عنده أخلاق ومبادئ وخدمة وليست مجرّد مصالح. يكره الصغائر والمماحكات السياسية الضيقة ويبتعد عن سياسة الزواريب،" فالزواريب للفئران، أما الجو فللنسور"، يقول.

إستلم نعمة افرام الأمانة من والده الذي ترك وراءه مؤسسة صناعية ضخمة وإرثاً من القيم الانسانية والاجتماعية النادرة. فثبت بالتجربة والممارسة أن الابن سر أبيه.غرف من "زوّادة" الوالد وزاد عليها. هو لم يرث وحسب، بل جدّد وطوّر وابتكر حتى صارت Indevco مؤسسة عالمية عابرة للحدود.

متسلحاً بالعلم والموهبة راح يراكم الانجازات الجديدة فوق الموروثة. وفيما كان لبنان الذي حلم به يتدحرج الى الوراء، كان نعمة افرام يخطو الى الأمام من نجاح الى نجاح .. من صناعي شاب قادته كفاءته ليكون الرئيس التنفيذي لمجموعة اندفكو الصناعية في لبنان والعالم، الى رئيس لجمعية الصناعيين ما بين 2010 و2014، فرئيس المؤسسة المارونية للانتشار وها هو اليوم من قماشة رجال الدولة النادرين الذين يستحقون لقب الفخامة بنظر كثيرين يسألون: هل يمكن أن يكون انتخابه كرئيس للمؤسسة المارونية للإنتشار خطوة في اتجاه أن يكون الماروني الأول في لبنان، ولو بعد حين؟

 

 يملك رئيس مجموعة "اندفكو" كل العدّة المطلوبة ليكون "فخامة نعمة افرام"، فما الذي يمنعه من نيل هذا اللقب؟ سؤال يحرج المهندس المتواضع الذي لا يحبّ الكلام عن نفسه شخصياً، ويفضّل الحديث عن الزمن والمرحلة. في رأيه، يحتاج الزمن الآتي الى أشخاص تتوافر فيهم خصائص أبرزها: أن يكون مفهوم المؤسسات مترسخاً في ذهنيتهم وتفكيرهم، أن يركزوا على البُعد الاقتصادي والاجتماعي ولا سيما في المرحلة الراهنة، وأن يكونوا قدوةً ومثالاً للمجتمع والشعب ككل. فهذه المواصفات هي البوصلة التي تحدّد الاتجاه نحو التغيير."لن نقبل بعد اليوم أن يكون الفساد أمراً طبيعياً في لبنان، ولم يعد جائزاً السكوت عن التخلف والجهل في بعض المواقف، ولا يجب أن يتحول العقم مسألة عادية". بهذه اللهجة يعبّر افرام عن ألمه ونقمته على الواقع ويستفزّه أن يصبح هذا السلوك من ضمن خريطة التعامل السياسي في لبنان ويقول "إن السياسة فن شريف لخدمة الخير العام. أما أن يصبح الكذب لدى بعض رجال السياسة في لبنان أمراً بديهياً باعتبار أن السياسة هي كذب، فهذا مفهوم خاطئ، وسنستمر بالقول إنه خطأ حتى لو مرّ عليه مئات السنين. يجب أن يبقى هناك من يقول كفى".

لا  لسياسة الزواريب

من مدرستيْ جورج افرام وميشال اده غرف نعمة افرام فتعلّم المبادئ والأصول التي تؤمن بأن لبنان وطن ورسالة. ومثلهما انتهج التجرّد والترفّع عن الصغائر طريقاً واسلوب حياة. لا يحب المماحكات السياسية الصغيرة ولا يقبل الدخول في الزواريب لأنها ليست مطرحه. "أنا أعتبر أن الفئران هم الذين يقاتلون في الزواريب أما النسور فمسرحهم الجو".

يُعرف عن افرام أنه على مسافة واحدة من الجميع، هل يساهم هذا الأمر في رفع حظوظه السياسية أم العكس، إذ يجب أن يكون جزءاً من الاصطفافات ليحجز له مكاناً في اللعبة السياسية؟ بالنسبة إليه،"ان الدخول الى النادي السياسي سهل جداً إذ يكفي أن يقرر الشخص الدخول في اللعبة لينضم الى هذا النادي. ولكنني شخصياً، ككثيرين مثلي، أرفض الدخول من هذا الباب الى السياسة. أما بالنسبة الى المناصب والمسؤوليات والمقصود هنا الحكم في لبنان، فهو يأتي بنوع من التوافق يكرّسه الدستور بحيث لا ينتصر فريق على آخر".

إذا لم يكن افرام رئيساً، فلا شيء يمنع أن يكون نائباً أم وزيراً، هو الذي انخرط في الشأن العام الى أين يريد أن يصل؟ يؤكد أن المناصب والمراكز لم تكن يوماً هدفاً له، والهدف الرئيسي هو التغيير في لبنان. يعترف بأنه كان يكتفي سابقاً بأن يغيّر من خلال خلق فرص عمل ليس أكثر من باب المسؤولية الاجتماعية وكان مقتنعاً بذلك. أما اليوم فتبدلت قناعته إذ إن فرص العمل لن تكون متاحة مع بيئة حاضنة سيئة، "وباتت الأولوية لاستبدالها ببيئة جديدة عبر التعديل بالقوانين والتطوير في العقد الاجتماعي والوطني. هكذا يمكن الوصول الى لبنان جديد أفضل بكثير من صورة لبنان الواقع الذي لا يشبه أبناءه". هو المؤمن بخصائص اللبنانيين ومستواهم وابداعاتهم وخبراتهم ، مقتنع بأن لبنان اليوم لا يشبههم على الاطلاق حيث لا خبرة ولا جمال ولا إدارة منظمة ولا مؤسسات.

"لبنان الأفضل" .. أعمدة التغيير

هو صاحب مبادرة "لبنان الأفضل" التي تتضمن مشروعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً متكاملاً للخروج من الشلل التام وللنهوض بلبنان. حددّ خمسة محاور هي أعمدة هذا اللبنان الأفضل، من شأنها ردم الهوة بين اللبناني ووطنه: إعادة النبض الى النظام التشغيلي اللبناني المعطل (بدءاً بقانون الانتخاب مروراً باللامركزية الموسعة وصولاً الى الشراكة بين القطاعين العام والخاص)، تأمين الحماية المجتمعية الشاملة، إطلاق النمو الاقتصادي، تطوير البنى التحتية، وبناء جسور التواصل مع الانتشار. لكن في الحقيقة كل هذه المحاور مفقودة، فهل يمكن تحقيق مثل هذا المشروع - الحلم في بلد يسير بلا مؤسسات ويعيش مأزق حكم ورئاسة وأزمة حكومية ونيابية وأزمة دستور وأزمة جديدة مع دول الخليج؟ يجيب افرام بأنه انطلق بمبادرته "بسبب وجود هذه الأزمات التي دفعتنا الى التفكير في خريطة الطريق نحو التغيير وبنودها واردة في مشروع "لبنان الأفضل". انها الطريق نحو هذا اللبنان الذي يجب أن نعترف أولاً بأنه "بلد مش ماشي" وان الاستمرار بالواقع الحالي سيوصله حتماً الى الانهيار. والتغيير هو منظار، فإما أن نتطلع الى انتاجية وخلق القيمة المضافة وإما نختار المحاصصة. وهنا بيت القصيد، علماً أن الانتاجية تساهم في تكبير حصص كل الأطراف بينما المحاصصة تولّد تراجعاً في حجم الانتاج وبالتالي تراجعاً في نسبة الافادة للجميع".

4 عناوين حددها المهندس افرام ودعا الى السعي لتنفيذها تفادياً للسقوط: :"انتخاب رئيس جمهورية لأنه أمر أساسي وضروري في ظل ملامح تغيير الخرائط في المنطقة، الاتفاق على قانون انتخاب عصري، وضع قانون شراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون اللامركزية". لكن بالنظر الى الواقع نشعر بأن ثمة افراطاً بالتفاؤل لدى افرام. لكنه يرى أن هناك فرصة اليوم أو نافذة صغيرة قد تؤدي الى انتخاب رئيس وتحقيق السلّة التي يتحدث عنها. برأيه، "من الصعب أن نكتفي بإيصال رئيس ونتوقف عند هذا الحدّ، لأنه عند ذلك لن يكون بمقدوره أن يتحرك أو أن ينجز شيئاً وسيكتفي بالتفرّج على نافورة المياه على مدخل القصر".

الأزمة مع الخليج

لا شك في أن الأزمة الأخيرة مع الخليج تقلقه ويعتبرها كارثة على لبنان باعتبار أن ثمة أكثر من 300 ألف عائلة لبنانية تعمل وتعيش هناك، وهذا سينعكس سلباً على التحويلات وبالتالي على قدرة الاستهلاك المحلي التي ستتراجع حتماً بحيث تصيب الصناعة والتجارة معاً. لكن افرام متفائل بأن يكون هذا هو حجمها ولن تتعاظم بل يأمل ذلك. "أعتقد أن الشعب اللبناني لا يتصوّر ولا يقبل أن يكون بموقع الخصومة مع الخليج وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشعب في دول الخليج. أما بالنسبة إلى المواقف السياسية، فلا شك أن تباعداً بالرؤية حصل وصار هناك أحياناً عدم مراعاة لخصائص معينة من الطرفين علماً أن المشكلة بدأت من الجانب اللبناني. من هنا المطلوب التفهّم والصدر الرحب مع لبنان لأن وضع البلد دقيق للغاية. وفي النهاية إن إنقاذ المريض أهم من نجاح العملية الجراحية".

 عدّاد الدين..مخيف

فوجئ افرام بارتفاع نسبة خوف اللبنانيين على اقتصادهم إذ إن إحصاءً كشف أن 93 في المئة منهم هاجسهم اقتصادي. لم يكن الصناعي اللامع  يتوقع أن يكون الهمّ أو الوجع الاقتصادي بلغ هذا المستوى لدى الناس فأنساهم كل الهموم الباقية. أما بالنسبة له فهو خائف منذ زمن على الوضع الاقتصادي بل يعتبر أن مالية الدولة، قبل الاقتصاد، مهدّدة. "فعدّاد الدين العام لا يتوقف ويسجّل 75 مليار دولار. لكن الخطِر في الأمر ليس حجم الدين المتزايد بنسبة تصل الى 7 في المئة سنوياً، بل في واقعة أن حجم اقتصادنا لا يزيد أكثر من واحد في المئة. وهذا ما يخيفني فعلاً ".

"لا خشية لدي على القطاع المصرفي" يقول "لأن اجراءات مصرف لبنان مُطَمْئِنة، كما إن العقوبات والقرارات الدولية عندما وُضعت كانت تأخذ في الاعتبار ضرورة تجنيب لبنان الخسائر والانهيار بمعنى أنه لم يكن هناك قصف عشوائي على هذا الصعيد".

 الحماية الإجتماعية أولاً

هو الآتي من حقل الصناعة الذي يضعه على تماس مع وضع العامل والموظف ويزيد حسّه حيال القضايا الاجتماعية، ينتقد المؤسسات التي باتت أداة للمحاصصة عوض أن تكون في خدمة تطوير حياة الانسان كهدف. ويرى "أن أولويات الحكام يجب أن تركّز على تأمين الحماية الاجتماعية من ضمان وتعويض نهاية خدمة الى تأمين البنى التحتية وعلى هذا الأساس يجب أن يُحاسب الحكام". وأكثر من ذلك هو يرى أن توفير الأمان الاجتماعي للمواطن يجعله أكثر التزاماً بلبنانيته عوض أن يكون ملتزماً ببلدان ومحاور اخرى.

 أما بالنسبة الى خلق فرص العمل الذي ينبغي أن يكون الرسالة أو المهمة الأساسية للحكومة، فيكون برأيه، ثمرة الاستراتيجية المتبعة لتحقيق لبنان الجديد والأفضل، أي انها تأتي في آخر الهرم بعد تطوير القوانين والنظام التشغيلي وتأمين الاستقرار الأمني وتوفير شروط استقطاب رؤوس الأموال ... بعد كل ذلك يمكن أن نصل الى تأمين 30 ألف فرصة نحتاجها، في حين لا يتأمن حالياً سوى خمسة آلاف فرصة. وعليه يمكن القول "إن أرقام فرص العمل هي الميزان والمؤشر على نجاح الأداء وصوابية أي استراتيجية".

 مع انتفاضة سلمية مدروسة

نعمة افرام الذي يؤلمه ان تتحول السياسة في لبنان مشروع سلطة عوض أن تكون لخدمة الناس والذي يطالب بالتغيير مستغرباً سكوت الشعب حتى الآن، هل هو مع انتفاضة سلمية على الواقع؟ يقول: "أنا مع انتفاضة سلمية مدروسة وممنهجة ولست مع صرخة عشوائية لا توصل الى الهدف المرجو. أنا لا أدعو الى ثورة بقدر ما أحّذّر من الاستمرار بما نحن عليه اليوم. أنا أخاف من الثورات نتيجة الضغط المتزايد على المواطن لأنها قد توصل إلى الانفجار الشعبي الفوضوي والعشوائي المدمّر". وعن رأيه بصرخة المجتمع المدني التي لم تأت بالمطلوب، فيرى أنها عبّرت في مكان ما عن وجع حقيقي لكنه دعا هذا المجتمع المدني الى تنظيم نفسه وطروحاته.

يميز افرام بين السياسيين والشعب، ولكن أليس هذا الشعب هو الذي ينتخب هذه الطبقة السياسية؟ يوضح ان قوانين الاستفتاء الشعبي المتبعة في الأنظمة المتطورة والتي تشكل الحل غير موجودة في لبنان. "فالقانون اللبناني لا يسمح باللجوء الى الاستفتاء الشعبي حول القضايا الأساسية. لقد سبق واقترحت أن يُوضع أكثر من قانون انتخابي ويُترك للشعب أن يختار منهم واحداً، بمعنى أن نجري استفتاءً شعبياً على القانون، ولكن لا حياة لمن تنادي. هناك اليوم عطب بنيوي لأن تغيير ممثلي الشعب يحتاج الى قانون انتخابي، وطالما أن من سيضع قانون الانتخاب هو الذي يصوّت عليه وهو المستفيد الأول منه، فماذا ننتظر من هكذا دوامة"؟

 حواجز في  وجه التحديث

وفي ملف الفساد الذي بلغ ذروته مع فضيحة النفايات، يؤلمه أن يكون وصل إلى مرحلة الخجل بلبنان. يقول بحسرة "لقد فشلنا بكل شيء من النفايات الى انتخابات رئاسة الجمهورية المعلّقة اليوم على حبل الفراغ. ويحمّل مسؤولية هذا الأمر الى "النظام التشغيلي في لبنان الذي يعاني عطباً في طرق اتخاذ القرارات والقائم على منطق المحاصصة الضيق".

 كرئيس سابق لجمعية الصناعيين، الى ماذا تحتاج الجمعية للتطوير وما الذي يعيق طريقها؟ يشرح بأن "للجمعية شريكين: الصناعيون والدولة. لكن الدولة شريك ميت وهذه هي المشكلة الأساسية. عندما كنت على رأس الجمعية خاب أملي من الدولة ويئست من العراقيل أمام تحديث القوانين المحفّزة للقطاع الصناعي، فقررنا كصناعيين الاعتماد على أنفسنا والتعاون في ما بيننا للمساعدة على التوصل الى فتح أسواقنا. فالشلل في لبنان ضرب الصناعيين بالدرجة الاولى".

 قيادة الانتشار الماروني

نعمة افرام صاحب التجربة الناجحة في ادارة مؤسسته الصناعية التي تمكنت من الانتشار داخلياً وخارجياً، ترك بصماته أيضاً على المؤسسة المارونية للإنتشار، فانتقلت رئاستها من ميشال إده المؤسس الى
نعمة افرام المؤسساتي. فهل سينجح بإدارة المؤسسة المارونية للانتشار كما نجح في ادارة اندفكو التي تضم بين جناحيها عشرة آلاف موظف وعامل؟ برأيه "إن المؤسسة المارونية للانتشار عمل تراكمي. بدأت فكرتها في العام 2006 مع الوزير ميشال اده والوالد وأكملنا الطريق. لكن المهم بالأمر هو كيف نعرّف النجاح. النجاح في المؤسسة المارونية هو أن نبذل قصارى جهدنا لاستقطاب اللبنانيين المنتشرين في العالم ونعيد ارتباطهم مع لبنان بعيداً عن المعايير والأفكار الطائفية غير البنّاءة. وفي أي حال هو ليس نجاحي بمفردي بل هو نجاح جماعي لفريق متجانس". لا ينفي افرام أن تدهور صورة لبنان في الخارج لا تسهّل مهمتهم لدى المهاجرين اللبنانيين، إذ صار تسويق فكرة ضرورة استعادة الجنسية اللبنانية أكثر صعوبة، لكنه يؤكد أن "العمل ماشي رغم كل الظروف ولن نتباطأ". 

 أخاف على لبنان

يُعنى افرام بملف الانتشار الماروني في الخارج في وقت ليس حال الموارنة في لبنان بخير. فهل لأنك تخاف على مستقبل الموارنة ومصيرهم كنت رفيق المؤسسة المارونية للانتشار؟ نعم ولكنني أخاف أيضاً على لبنان. فنظرتي الى الموارنة هي انطلاقاً من لبنانيتي. هكذا يجيب افرام الذي يعتبر أن صحة المجتمع الماروني من صحة لبنان، وأن التعددية هي من أبرز خصائص لبنان النموذج.  ويوضح: "إذا كان حضور طائفة معينة مهدداً يصبح هناك ثمة خطر على وجود لبنان ككل، كما إن الخطر الوجودي على المسيحيين في الشرق قد يصل إلى لبنان ولكنني مؤمن بأننا كلبنانيين وكمسيحيين مررنا بصعوبات ومطبّات أكبر وتجاوزناها وصمدنا، ويجب أن ننجح اليوم أيضاً. مع الإشارة إلى أن مسيحيي لبنان كغيرهم من الطوائف لا يستسهلون مغادرة أرضهم على متن البواخر والهروب بسهولة من وطنهم".

 وينوّه رئيس المؤسسة المارونية للانتشار بدور "الكثيرين من إخواننا المسلمين الذين يقومون بمبادرات ويبدون حرصاً شديداً على استمرار الحضور المسيحي في البلد، وينظرون الى قضية ترسيخ المسيحيين في أرضهم وإعادة من هم في الانتشار الى لبنان على أنها قضيتهم".

 المسيحية حضور والتزام

لا ينكر أن رئاسته للمؤسسة المارونية للانتشار سيجعله أقرب إلى الاهتمام بالانتشار اللبناني في دول الاغتراب. ورداً على سؤال كيف يمكنه التوفيق بين عنوانه الماروني وبين طموحه إلى لعب دور جامع على المستوى الوطني العام، يجيب افرام: "أنا ماروني ولكنني في الوقت نفسه لبناني إلى أبعد الحدود، بدليل أنني رفضت وأرفض الحصول على جنسية اخرى لأنني أعتبر نفسي ملتزماً بهذا البلد".

 يعتبر افرام أن مشكلة المسيحيين هي مشكلة حضور أكثر مما هي مشكلة حجم . برأيه "يمكن للحجم أن يزيد أو ينقص من دون أن يكون له أي تأثير على الحضور لأن الأرقام لم تعد ذات أهمية ولم يعد ينفع العدّ. فالمكوّن المسيحي في لبنان أصيل تماماً كالمكوّن السني والشيعي والدرزي. المهم هو إلى أي مدى يؤمن الانسان بفكرة لبنان ويعمل لها من قلبه. وبالتالي فإن الالتزام مطلوب الى جانب الحضور. فأنا مثلاً أعتبر أن لبنانياً واحداً ملتزماً بلبنان الى درجة التوظيف المالي فيه والموت في سبيله يساوي 200 لبناني على الورق مستعدين للهروب في أي لحظة والهجرة في أول مركب أو طائرة. إنه إذاً الحضور والالتزام اللذان يستجلبان الدور. من هنا أتوجه الى اللبنانيين من منبر مجلة "الاقتصاد والأعمال" لأقول إنه علينا الالتزام بلبنان بالدرجة الاولى وبعدها يحق لنا أن نطالب بالأدوار". مع هذه الصرخة انتهى الحديث مع نعمة افرام الذي يثبت يوماً بعد يوم انه شخصية صناعية استثنائية ورجل أعمال بارع ينتمي إلى هذا العصر ومن طينة الرجال الذين يستحقون الألقاب الوطنية فلا ينقصه الطموح ولا الإرادة ولا القرار

 Indevco  تجربــة ومــدرســة نجــاح

 عايش نعمة افرام  تجربة  "اندفكو" مع والده الوزير الراحل جورج افرام الذي بنى مؤسسة في خمسينات القرن الماضي صارت امبراطورية في الصناعة. وعندما يُسأل الابن عن تجربته اليوم في هذه المؤسسة، يسارع الى القول "ان الخطوات الاولى لانطلاق المؤسسات تبقى الأصعب، أياً كان حجم محاولات تطوير العمل لاحقاً، فالبناء على الأساس الموجود أقلّ صعوبة رغم أهميته والجهد المطلوب لتحقيقه. من هنا أحيي روح والدي وأشقاءه وكل فريق العمل الذي رافقنا منذ البداية وساهم في الوصول بالمؤسسة إلى ما هي عليه اليوم حيث استطعنا أن نحقق قفزة نوعية مكّنتنا من مواكبة التطورات الكبيرة ".

 رئيس "اندفكو" فخور بأن "مؤسسته التي بنيت على أسس مدروسة نجحت في تحقيق هدف أساسي وهو التأقلم السريع مع الظروف والذي جعل منها مؤسسة رشيقة. وهو ما ساهم في تطورها".

وبالإضافة إلى عنوان النجاح هذا في اندفكو ، ثمة عناوين أخرى ثلاثة هي:

 - القدرة على تكوين فريق عمل يجمع بين الاحتراف والالتزام  كصفتين متلازمتين، ويعطي مؤسسته "من قلبه" لأنه يشعر بأنه يعطي نفسه وعائلته وبيته. ويسأل افرام. ماذا ينفع أن يكون عندنا موظفون ملتزمون بالمؤسسة لكنهم ليسوا بالمستوى المطلوب أو العكس. وهذا ما أحدث الفرق في "اندفكو".

- التواصل والتنسيق السريعان وفي اللحظة ذاتها بين أعضاء الفريق والعمل على أسس وقيم واحدة وواضحة يلتزم بها عشرة آلاف موظف في مجموعة "اندفكو".

- خلق منظومة عمل للربط بين كل مكوّنات المجموعة بما يؤمن متابعة وتقييم التطورات بسهولة واتخاذ القرارات المناسبة.