معايير مزدوجة

05.12.2022
محمود عبد العظيم
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

محمود عبد العظيم

المعركة التى تقودها عدة نقابات مهنية هذه الأيام وفى مقدمتها نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين ضد قرار وزارة المالية بإلزام أعضاء هذه النقابات بالعمل وفق نظام الفاتورة الإلكترونية يكشف إلى أى مدى وصل له مجتمعنا من تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة واعتناق مبدأ المعايير المزدوجة عندما تمس القوانين مصالحنا وإن كانت هذه المصالح غير مشروعة.

فهذه المعركة تكشف إصرار عدد كبير من أعضاء هذه النقابات الذين يقدمون خدمات مهنية حيوية للمجتمع ولا يمكن الاستغناء عنها بأى حال من الأحوال عن الرغبة فى عدم الامتثال لنظام ضريبى تطبقة الحكومة على الجميع وآلية إتاحتها التكنولجيا الرقمية الحديثة لضبط المعاملات المالية ببن كافة الجهات بل وتهدد هذه النقابات بتصعيد الموقف ضد وزارة المالية من إضراب عن العمل ومقاضاة وزير المالية وغير ذلك من الإجراءات التى سمعنا عنها فى الأيام الأخيرة.

السبب بالطبع هو رغبة أعضاء هذه النقابات فى عدم الكشف عن دخولهم الحقيقية وأتعابهم التى تصل إلى عشرات الآلاف من  الجنيهات شهريا لا تعرف عنها الضرائب شيئا بل ويتم معظمها بنظام الظرف المغلق على الكاش.

فلا طبيب يريد أن يكشف عن قيمة المعاينة فى عيادته والتى لا تقل عند أى طبيب عن خمسمائة جنيه حاليا ولا عما يتقاضاه من المستشفيات الخاصة التى يتنقل بينها طيلة النهار وجزء من الليل.

ولا المهندس يريد أن يكشف عما يتقاضاه من أتعاب خرافية عند تصميم اللوحات أو استخراج التراخيص أو الإشراف على البناء أو حتى العمولات التى يحصل عليها بعض المهندسين من عمليات السمسرة العقارية.

أما المحامون فهم أيضا لايريدون الكشف عن قيمة ما يتقاضونه من أصحاب الدعاوى المختلفة والتى تصل إلى أرقام فلكية فى بعض القضايا ولدى المحامين من أصحاب الأسماء اللامعة.

فإذا كانت الفاتورة الإلكترونية تطبق الآن على الجميع بل وعلى الشركات الصغيرة جدا لماذا يرفضها هؤلاء المهنيون المحترمون؟ إنها المعايير المزدوجة يا سادة.

تلك المعايير التى يعانى منها مجتمعنا منذ سنوات طويلة. كلنا ينادى بالشفافية والنزاهة والمحاسبة لكن عندما تدق هذه الشفافية والمحاسبة أبواب مكاتبنا نرفضها، نريد تطبيقها على الآخرين أما نحن فلا وألف لا.

تماما مثل الذين يصدعوننا بالدفاع عن حقوق الإنسان فى أقسام الشرطة ثم إذا ماتعرضوا لحادث سرقة مثلا يطالبون بدهس كل مبادىء حقوق الإنسان مقابل استرداد أشياءهم

إذن لماذا يريد هؤلاء الحصول على استثناء ليس من حقهم ويطبق على الجميع؟

باختصار لأنهم يرون أننا فى عصر الامتيازات الفئوية والطبقية فلماذا لا تحصل كل فئة على نصيبها من كعكة الامتيازات ولتذهب المساواة والمبادئ إلى الجحيم.