الإمارات تقود ثورة "اقتصاد الفضاء" في العالم العربي
استثمارات واعدة تحقق التنمية الاقتصادية وتعزز المهارات البشرية

11.03.2021
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

نجحت دولة الإمارات في الوصول إلى المريخ عبر "مسبار الأمل"، وهو أول مسبار عربي ينجز مهمته بدخول مدار الكوكب الأحمر، لتصنع التاريخ الحديث كونها الأولى عربياً التي تصل المريخ، والثالثة عالمياً التي تنجح في مهمتها من المحاولة الأولى، والخامسة في العالم التي تنجح في مهمتها الإنسانية والعلمية لتحقق حلم زايد وتقود العرب إلى واحدة من أبعد نقاط الكون، تحت شعار "لا شيء مستحيلاً".

تزامن وصول مسبار الأمل مع اليوبيل الذهبي لتأسيس اتحاد دولة الإمارات في العام 1971، ليُضاف إلى قائمة الإنجازات المتلاحقة التي خطّتها الإمارات في مسيرتها على مدى 5 عقود حافلة بالتحدي والإصرار والعزيمة والمثابرة للحاق بركب الأمم المتطورة.

ويشكل نجاح مسبار الأمل علامة فارقة في مسيرة الإمارات التنموية، ويرسخ مكانتها في القطاع الفضائي، حيث بذلت خلال السنوات الماضية جهوداً دؤوبة للانخراط فيه وتسجيل الإنجازات المتوالية عبر تأسيس شركة الياه للاتصالات الفضائية "الياه سات وإنشاء وكالة الإمارات للفضاء، ومركز محمد بن راشد للفضاء، وإطلاق الأقمار الاصطناعية، وإرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى وكالة الفضاء الدولية، والإعلان عن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر 2024.

البيئة التشريعية

هذه الأسس جميعها، دعمتها بيئة تشريعية حديثة لتنظيم هذا القطاع الحيوي، كإصدار قانون تنظيم قطاع الفضاء، والاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، ما شكل دعائم متينة لدولة الإمارات للتقدم في هذا المجال بقوة، ويرفد ذلك كله الاستثمار في الإنسان وفي الكوادر الوطنية التي راهنت عليها الإمارات وخطّت بأياديها اسم الدولة على الخريطة العالمية في العديد من المجالات.

اقتصاد الفضاء

هذا النجاح في الوصول الى الفضاء، يترافق مع انتعاشة قوية يعيشها ما يعرف بـ"اقتصاد الفضاء" في العالم، متحديا التداعيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي.

وتشهد اليوم استثمارات الفضاء زخما في العالم العربي، بقيادة دولة الإمارات، حيث يعد قطاع الفضاء الإماراتي الأكبر على مستوى المنطقة، من حيث الاستثمارات وحجم المشاريع، فضلاً عن عدد الشركات، التي تعمل في هذا القطاع، ليصل حجم استثماراتها فيه إلى نحو 22 مليار درهم. 

كما تخطط السعودية لدعم برنامجها الفضائى بثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار) بحلول عام 2030 في إطار خطة التنويع الاقتصادي التي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي وخلق آلاف فرص العمل في المملكة. 

في المحصلة، تتطلع المؤسسات البحثية الحكومية والشركات العالمية الخاصة نحو الفضاء باعتباره منجم العائدات المالية مستقبلا، والدليل الذي ينبغي اتباعه لتطوير تكنولوجيا مجالات عديدة في اقتصاد اليوم.

فمثلا يقدر بنك أوف أمريكا في مذكرة بحثية حجم اقتصاد الفضاء بحوالي 424 مليار دولار حتى نهاية 2019. ويتوقع البنك الدولي أن تنمو هذه الصناعة بقوة حتى تصل إلى 1.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، وذلك استنادا إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.6 في المئة، وهو متوسط النمو خلال أخر عامين. وبحسب المذكرة البحثية فإنّ المداخيل الأساسية ستكون من عوائد خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ، وذلك في توقع لكثافة الطلب على "إنترنت الأقمار الصناعية" وتوصيل الطرود بالصواريخ.

وترشح المذكرة البحثية أن يتم توليد العائدات الأساسية من خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ، في ظل توقعات تنامي الطلب بكثافة على إنترنت الأقمار الصناعية، وتوصيل الطرود بالصواريخ. كما أن هناك مجالات واعدة للسياحة الفضائية وتوظيف تكنولوجيا الفضاء في تطوير قطاعات الإسكان والزراعة والتعدين والمناجم. 

الاستثمار المجدي

وعلى صعيد الاستثمارات، شهدت قفزات هائلة فبعد أن كانت نحو 1.06 مليار دولار بين 2000 و 2004، ناهزت 16.84 مليار دولار أمريكي منذ 2015 حتى 2019. ويأتي هذا النمو في الاستثمار، بدعم من مشروعات واسعة لغزو الفضاء والصعود إلى كوكب المريخ، وذلك بقيادة دول كبرى تتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند، مع ظهور قوى صاعدة في عالم الفضاء مثل الإمارات. 

ويفتح الفضاء المجال للعديد من الأنشطة الاقتصادية، أبرزها إطلاق الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية في ضوء الثورة غير المسبوقة بمجال الإعلام المرئي، إلى جانب الأقمار النانونية، حيث تم إطلاق ما يقرب من 100 قمر من هذا النوع خلال عام 2014.

دور القطاع الخاص

وتضع شركات القطاع الخاص قدمها بقوة في اقتصاد الفضاء، إذ كشف تقرير صادر عن شركة "سبيس كابيتال" الأمريكية أن الاستثمار الخاص في شركات الفضاء بلغ في 2020 نحو 8.9 مليار دولار. وعلق تشاد أندرسون، الشريك الإداري للشركة، بأنه على الرغم من التوقعات بأن البنية التحتية للفضاء ستكون الأكثر تضررا من وباء كورونا، إلا أن عام 2020 سجل رقما قياسيًا للاستثمار. 

وهناك شركات عالمية تقود هذه الاستثمارات أملا في تنظيم رحلات سياحية للفضاء والاستفادة من تقنيات الإنترنت الفضائي، بقيادة إيلون ماسك مؤسس شركتي "تسلا" و "سبيس إكس" لعلوم الفضاء والتي تستهدف تنفيذ رحلات إلى كوكب المريخ مستقبلا، إضافة إلى جيف بيزوس مؤسس متجر أمازون للتسوق الإلكتروني والذي أطلق شركة "بلو أوريجن"للهبوط على سطح القمر. 

اذا، يشكل "اقتصاد الفضاء" رافعة هامة لاقتصادات الدول، وفي ظل النجاح الباهر للإمارات في غزو الفضاء، هناك أمل بأن تبذل باقي البلدان العربية جهودها في هذا المضمار، حيث أنّ "اقتصاد الفضاء" الذي هو من بين أهم تجليّات الثورة الصناعية الرابعة، سيكون له انعكاسات إيجابية على اقتصادات الدول العربية.