مجموعة البركة المصرفية:
خلفيات التغيير

14.01.2021
عبدالله صالح كامل
عدنان يوسف
مازن مناع
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

ليس بغريب أن يرتبط اسم ( مجموعة البركة المصرفية ) باسمي ( صالح عبد الله كامل ) و ( عدنان أحمد يوسف ) في الأوساط المصرفية العربية ، فلا يذكر ( عدنان يوسف ) أو ( صالح كامل ) إلا ويتبادر إلى الذهن مباشرة اسم وشعار ( البركة المصرفية ) ، فمنذ إنشاء المجموعة كشركة مالية مدرجة في سوق البحرين وهي لم تعرف رئيسا لمجلس إدارتها سوى صالح كامل ولا رئيسا تنفيذيا سوى عدنان يوسف، ولهذا كانت وفاة صالح كامل صدمة وأي صدمة باعتباره المؤسس ومالك الحصة الأكبر ورئيس مجلس الادارة الذي لم تعرف المجموعة سواه حتى لحظة وفاته.

وكما كانت صدمة الاوساط بهذه الوفاة كانت صدمتها بتنحي عدنان، ومن هنا كان سعينا لقراءة الخلفيات وقراءة ما بين السطور، كمن يملك أنفه الذي لا يؤمن سوى بقدراته الفائقة على الإستشعار، وأذنه التي تصغي من بعيد للهمسات هنا وهناك ؛ لينسج من مجموع ذلك الفتات المتناثر قصة متماسكة.

ربما يتبادر إلى الاذهان أيضا أن استقالة أحد أشهر الرؤساء  التنفيذيين في القطاع المصرفي العربي مرتبطة بوفاة مؤسس المجموعة الشيخ صالح كامل، ففقد تتابع الحدثان بطريقة تتقبل الأفكار معها ارتباط أحد الحدثين  بالاخر ارتباط المقدمة بالنتيجة ، غير أن المطلعين يعرفون أن "البركة" كانت أطلقت على يد مؤسسها الراحل - قبل وفاته بفترة -  مشروعا طموحا للتطوير الشامل يجعلها تقود مجددا الاستثمار المستدام ، كما يجعلها في الوقت نفسه تجدد دماءها من خلال إتاحة الفرصة لقيادات جديدة على امتداد الرقعة الجغرافية الشاسعة التي تمتد فيها بنوك المجموعة. 

ومن خلال هذا المشروع الطموح بدأ الحديث عن خطة الاستخلاف على امتداد وحدات المجموعة - فضلا عن مركزها الرئيسي في البحرين - كما تم استحداث مناصب عدة لتقوية إطار الحوكمة ودعم الامكانات التطويرية في مختلف المسارات : مسار التطوير التقني نحو الخدمات المصرفية الالكترونية ، ومسار تطوير العمل الشرعي نحو توحيد الرؤى الشرعية ، ومسار تطوير المنتجات ، بل ومسار آخر أكبر من كل ذلك : مسار البنوك الاستثمارية .

لقد أطلقت مجموعة البركة ورشة ضخمة للتطوير ، فالهيئة الشرعية الموحدة تمت إعادة هيكلتها ، واللوائح الخاصة بها كذلك ، وتم تأسيس اول ذراع استثماري للمجموعة في مصر ( البركة للاستثمار ) وكانت الاستعدادات على قدم وساق لتأسيس أذرع اخرى في دول أخرى ، وتم إطلاق أول مصرف رقمي بالكامل في ألمانيا - وهو ما يعتبر تجربة رائدة على مستوى العالم - وبدأ ضخ الدماء الجديدة في المجموعة من خلال تقاعد عدد من القيادات ، وبالتزامن مع ذلك كله تم إجراء دراسات عديدة على الهيكل العام للمجموعة وهو ما أثمر عن تغيير رخصة المجموعة في البحرين ، علما أن الشائعات فسرت تغيير الرخصة بأنه أحد انعكاسات أزمة فيروس كوفيد المستجد ، في حين أنه مشروع استراتيجي كبير، وليس مجرد ردة فعل للأزمة ، كان يقوده الراحل شخصياً حتى يوم وفاته ثم أكمل مشواره من بعده في نفس الاتجاه الاستراتيجي المستقبلي رئيس مجلس الادارة الجديد نجله عبد الله صالح كامل .

إنها إذن عملية تجديد شامل للخلايا والشرايين لتواكب مرحلة جديدة تغير فيها العالم تغيرا كبيرا لأسباب لا مجال لذكرها في هذه العجالة ونأمل أن يكون هذا التغيير الشامل مؤذنا باستمرار ريادة هذه المجموعة العربية الكبرى التي تفتخر البحرين باحتضانها ويفتخر عدنان يوسف بأنه أول رئيس تنفيذي لها ، لكن المؤسسات تبقى والافراد يرحلون أو يتغيرون وقد تركوا بصماتهم على المؤسسة ومعها الذكريات الحسنة لهم.

لقد كانت استقالة عدنان يوسف إذن في هذا السياق ، وقد تكون استراحة محارب لا يمل من سماع صهيل الخيول ، كما يمكن أن تكون تقاعدا مريحا مع المشاركة العملية والفكرية بالخبرة الثرية في كثير من المجالس واللجان العربية والدولية ، فكثير من التنفيذيين يتقاعدون عن العمل ليتفرغوا للمشاركة الاجتماعية والمهنية بخبراتهم التي لا تقدر بثمن ولا نظن أن أبا أحمد من الشخصيات التي يمكن أن تألف فن الراحة إطلاقا .

واليوم : لدينا رئيس مجلس إدارة جديد هو عبد الله صالح كامل مع رئيس تنفيذي جديد هو مازن مناع، مع هيكل جديد ومقومات انطلاقة جديدة ، ولا شك أن الادارة الجديدة بحاجة لوقت لوضع خططها وقراءة تحديات المرحلة ، غير أنه ما من شك أيضا أن تقاليد البركة وعراقتها التي تمتد إلى خمسة عقود مضت ستجعل عملية التطوير عملية رصينة بعيدة عن الارتجال والخطوات المفاجئة .

وعليه يمكن القول أن البركة تجيد العمل بهدوء وبصمت بشكل يجعل خطواتها تبدو مفاجئة للأسواق والمراقبين ، وهذه أولى علامات النجاح في صناعة التغيير ؛ إنه التغيير الهادئ الذي يحمل ابتسامة الواثق من نفسه الذي يجيد قراءة المستقبل والتحديات التي تعتري طريقه قبل وقوعها، وعندها يمكن التأكيد بأن المستقبل سيكون زاهراً.

كل تمنياتنا الطيبة للاستاذ عدنان يوسف فيما يعمل ويخطط، والآمال معقودة على الاستاذ مازن مناع لإدخال قيمة مضافة جديدة ووضع لبنة في مستقبل البركة المليء بالفرص والعبر والتحديات.  

ر.أ.ز