قطاع التأمين وكارثة مرفأ بيروت
بانتظار التقرير القضائي وحصر الأضرار

13.08.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
بهيج أبو غانم
يعيش قطاع التأمين اللبناني فترة ترقب قد تستغرق بعض الوقت، في انتظار مشوب بالقلق لمعرفة حجم التعويضات المترتبة على الشركات جراء الأضرار الفادحة الناجمة عن كارثة مرفأ بيروت سَواء في الممتلكات أو السيارات أو الأفراد وسواء لجهة التأمين على الحياة أو التأمينات الصحية.
ومهما تنوّعت وتعددت الأسئلة فإن الجواب الوحيد لمسؤولي الشركات بأنه من الصعب الحديث عن حجم تعويضات أو خسائر قبل الإنتهاء من أمرين: الأول تحديد طبيعة الإنفجار والثاني الإنتهاء من عملية مسح الأضرار.
في انتظار التقرير
الترقب الأساسي هو انتظار تقرير لجنة التحقيق لتحديد طبيعة الكارثة وما إذا كانت ناجحة عن صاروخ خارجي أو عن أي عمل آخر يضع الحادث في خانة العمل الإرهابي، أو أن يحدد التقرير بأن الحادث ناجم عن حريق أو عن إهمال أو تقصير.
والمعروف أن معرفة طبيعية الكارثة لها علاقة باستحقاق التعويضات أو عدمها. ففي المبدأ الأهم ، أن الأعمال الإرهابية غير مغطاة لا إذ نص عقد التأمين على خلاف ذلك. وبالتالي فإن تحديد أسباب الكارثة وتحديد المسؤوليات الناجمة عنها، يشكل معياراً أساسياً في دفع أو عدم دفع التعويضات سواء من قبل شركات التأمين العاملة محلياً أو من قبل شركات الإعادة.
والسؤال المطروح هو: أيّ تقرير هو المعول عليه؟ تقرير لجنة التحقيق التي شكلها مجلس الوزراء في أعقاب الإنفجار أم ان عمل لجنة التحقيق سيتوقف بعد إحالة الحدث على المجلس العدلي؟
إحصاء الأضرار:
والترقب الآخر هو توفير المُعطيات حول حجم الأضرار الحاملة الذي تتولاه لجنة هيئات الضمان كما أفادت بذلك رئيسة اللجنة بالإنابة نادين حبال العسلي التي قالت: 
" أي كلام عن قطاع التأمين سابق لأوانه ما لم تستكمل عملية مسح الممتلكات المؤمنة فضلاً عن السيارات والأفراد والإطلاع على عقود التأمين المبرمة بين الشركات وبين المؤمنين". وأشارت إلى أن هذه العملية قد تستغرق بعض الوقت سواء لجهة الكشف على الأبنية المؤمنة أو لجهة الإطلاع على الشروط المنصوص عنها في العقود المبرمة والتي طالبنا سابقاً بضرورة توحيدها.
وأكدت أن تجميع هذه المعلومات وتطبيق التغطيات وفقاً لكلّ فرع على حده هو القاعدة التي سيبنى عليها الخطوات اللاحقة من أجل تأمين دفع كلّ التعويضات المُستحقة على شركات التأمين.
وأوضحت رئيسة لجنة هيئات الضمان أنه تمّ الإتصال بشركات الإعادة التي أبدت كلّ إستعداد لتنفيذ كلّ ما التزمت به.
إلتزامات مختلفة
وفي انتظار صدور التقرير واستكمال عملية مسح الأضرار وتصنيف العقود من حيث شروطها، فإن قطاع التأمين تحمل شركاته أنواعاً مختلفة من بوالص تأمين سواء في التأمينات العامة، أو السيارات.
كما تختلف هذه العقود من حيث تفاوت القيمة الإحتفاظية لدى كل شركة. إذ أن إعادة التأمين تشمل عادة بنسبة 90 في المئة من قيمة البوليصة غير أن هذه النسبة تقل أو تزيد.
إلى ذلك تتباين العقود من حيث بعض الشروط إذ تلجأ بعض الشركات إلى اعتماد نظام الـ Catastrophic Cover الذي تلتزم الشركة بدفع مبلغ معين والباقي يتوجب على شركة الإعادة.
بأي حال، فإن ثمة إجماعاً بين الشركات على أن العبء الأكبر من التعويضات والتي تستحق يقع على عاتق شركات الإعادة التي تتعامل مع سوق لبنان وبينها شركات سويسرية وألمانية وفرنسية وغيرها.
وهذه الشركات كما يبدو أبدت وتبدي إستعدادها بما التزمت به. وربما عزز هذه الإلتزامات الضوء الأخضر الذي قد يأتيها من حكومات هذه الشركات من أجل مساعدة لبنان.
هل يصمد القطاع؟
ويبقى السؤال الأساسي: هل شركات التأمين العاملة قادرة على الصمود في وجه عصف هذه الكارثة؟ وما هي المبالغ التي ستترتب مع الشركات في تسديد النسب التي احتفظت بها؟ وهل هناك شركات تأمين لم تكن تستوفي شروط التعامل مع شركات الإعادة؟ هل نسبة الإعادة تختلف بين فرع وآخر؟
تؤكد أوساط القطاع أنه لا خوف على استمرارية القطاع بفضل نظام الإعادة الذي يخفف كثيراً من الأعباء على شركات التأمين المُباشر.
غير أن ما قد يدعو إلى القلق على القطاع أنه يواجه هذه الكارثة في أعقاب صعوبات واجهها في الفترة الماضية منذ أن بدأ إنهيار سعر صرف الدولا الذي كبد الشركات مبالغ إضافية لاسيما في فرعي السيارات والتأمين الصحي لاسيما بعد تفشّي جائحة الكورونا.
أضفْ إلى ذلك أن الظروف الراهنة والمستجدة بعد كارثة مرفأ بيروت قد تزيد من احتمالات عمليات الإندماج أو التملك بين الشركات من دون إستبعاد إنسحاب بعض الشركات غير القادرة على الإستمرار. ومما يزيد المخاطر على الشركات أن الأيام الآتية تحفل بالتحديات لا سيما في ظلّ إنخفاض سعر صرف الدولار، وتزايد نسبة البطالة الذي قد يساهم في تراجع كبيرة في إجمالي المحفظة التأمينية.