الآثار الاقتصادية
لوباء كورونا حول العالم

28.05.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

العميد الركن د. سليم أبو إسماعيل

إلى جانب تأثيراتها الخطرة على صحّة الشعوب، أرخت جائحة Covid – 19 بثقلها على أعمال واقتصاديات معظم دول العالم. لقد ظهر التأثير السلبي لهذا الوباء على القوة العاملة في سائر الدول، إضافة إلى اضطراب سلسلة العمليات والتموين والمالية والسيولة ونظام الضرائب، وغيرها من مقومات اقتصادات وأعمال الدول.

لقد تحرّك القادة وكبار رجال الأعمال في سبيل مواجهة الآثار الاقتصادية الناجمة عن هذا الوباء، وباتوا يبحثون عن مجالات الوقاية التي تحمي المؤسسات والعاملين فيها، علّها تضع حداْ للخسائر المادية والمهنية على أمل النهوض في مُستقبل قريب.

منظمّة التجارة العالمية توقّعت انخفاض التجارة حول العالم بمعدّل يصل إلى 32 في المئة خلال العام 2020. فتوقف حركة الطيران أدى إلى خلل كبير في النشاط الاقتصادي والحياة العادية في أرجاء العالم، وباتت جائحة كوفيد تمثل ضرراً غير مسبوق في الاقتصاد العالمي وحركة التجارة، حيث وسائل الإنتاج والتسويق والاستهلاك في تراجع لا مثيل له. إلى ذلك يتوقع كبار الاقتصاديين في المنظمة العالمية، أن يفوق أثر الوباء الانحدار الذي أحدثته الأزمة الاقتصادية العالمية عامي 2008 و 2009، ولا يتوقعون التعافي خلال العام 2021.

آثار على كبرى الشركات

الأزمة الإقتصادية الناجمة عن COVID – 19، يمكن تبيان آثارها على بعض المؤسسات والشركات العالمية التالية:

- نهاية شهر مارس الماضي ورد في تقرير صادر عن مؤسسة أبحاث السياسة الخارجية Foreign Policy في الولايات المتحدة الأميركية، إن جائحة كورونا تسببت بتمزّق أكبر المدن الأميركية، فإلى جانب ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، أدّت إلى تجميد الاقتصاد وإقفال عدد كبير من الشركات وتسريح العمال وتفاقم البطالة، بحيث أحصي3.28  مليون طلب من المواطنين الطالبين مساعدة مالية من الدولة.

- شركة "بوينغ" Boeing، أصدرت نظرة تشاؤمية حول تأثير هذا المرض على أعمال الشركة في ضوء توقف حركة الطيران، وإلغاء طلبات عدّة شركات لشراء أعداد من الطائرات، وهي قرّرت تسريح 10  في المئة من عمالها وموظفيها، كما توقّعت خسارة صناعة الطيران حول العالم حوالي 314 مليار دولار خلال العام 2020.

- شركة "أيرباص" Airbus، أعلنت عن وقف إنتاج عدد كبير من الطائرات بهدف تخفيض التأثير الكارثي للوباء على الطيران التجاري. الطائرات التجارية تمثل 70 في المئة من عائدات أيرباص، وأن تخفيض الإنتاج، ولو بشكل مؤقت، لعائلة طائرات A350 و A330 و A320، يعني  عملياً تخفيض ربع موارد الشركة، وفي هذا المجال أشارت أيرباص إلى تلقيها إلغاء طلبات مسجلة للعام 2020  تشمل 29 طائرة A320 و17 طائرة A350 لعدد من شركات الطيران العالمية.

- الصين ثاني اقتصاديات العالم بعد الولايات المتحدة، والتي غزت منتجاتها وصناعاتها دول العالم، تشهد اليوم ركوداً في دورتها الاقتصادية وخسائر مالية كبيرة نظراً للضرر اللاحق بسلسلة التموين، وعدم القدرة على تصدير منتجاتها. هذا بالإضافة إلى الحملة الإعلامية التي تشنّها عليها الولايات المتحدة الأميركية متهمة إياها بتصدير الوباء إلى العالم.

- مؤسسة KPMG الدولية للتدقيق والمُراقبة، ذكرت أن الخبراء في الاقتصاد البريطاني، يتوقعون هبوطاً لم يسبقْ له مثيل من 300 عام، وسوف تنحدر مكتسبات الاقتصاد خلال هذا العام بنسبة 2.6 في المئة. وفي مجال آخر ذكرت مجلة  National Review البريطانية الصادرة بتاريخ 7 مايو 2020 أن نسبة 47 في المئة من الأعمال في بريطانيا قد انخفضت مداخيلها إلى النصف، وأن العاملين في قطاعات الفنادق والضيافة والسياحة لن يتمكنوا من قبض رواتبهم حتى نهاية العام 2020، في حين بلغت نسبة البطالة حدود 30 في المئة.

- شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin  الأميركية المنتجة لمختلف الأنظمة الدفاعية، والمزوّد الأكبر للسلاح والطائرات الحربية للولايات المتحدة وعدّة دول حليفة، أعلنت بتاريخ 21 ابريل عن تأثر سلسلة عملياتها لتوزيع وتزويد منتجاتها، بسبب توقف حركة النقل الجوي العالمي نظراً لتفشّي الوباء، الأمر الذي انعكس على مداخيل الشركة وأدى إلى هبوط سعر السهم بمعدل 49 في المئة حيث بلغ 226 دولاراً نهاية شهر مارس بعدما كان مطلع شهر فبراير 2020 يساوي 442 دولاراً.

التأثير على أسعار النفط

- منظمة الدول المصدّرة للبترول OPEC، أشارت إلى أن الإقفال العالمي بسبب كورونا، أدى إلى تدني الطلب على التزوّد بالبترول، وبالتالي انخفاض الإنتاج وتدنّي أسعار النفط والغاز معاً بحيث قارب سعر برميل النفط الخام عشرة دولارات. وبتاريخ 5 مارس 2020 قرّرت المنظمة خفض الإنتاج بمعدل1.5  مليون برميل يومياً الأمر الذي عارضته روسيا كدولة منتجة وغير منتمية إلى OPEC. وفي نفس التاريخ أعلنت المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مصدّرة للنفط، عن تخفيضات غير مسبوقة في الأسواق العالمية بحدود 20 في المئة، ما أدى إلى انخفاض سعر البرميل بمعدل 30 في المئة.

هذه هي عينة عن تأثير الوباء العالمي على بعض الدول والمؤسسات، قد تتضاعف مع مرور الزمن وقبل التوصل إلى إنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وبالتالي تفاقم الأزمات الاقتصادية حول العالم في وقت تتزايد فيه أعداد الإصابات والوفيات خاصة في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية.