تطبيق هاتفي لبناني لمتابعة المصابين بكورونا:
هل تعيق اعتبارات الأمن والخصوصية تنفيذه؟

12.04.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني

مع ابتكار الجامعة اللبنانية لأول تطبيق هاتفي مُخصّص للحد من انتشار فيروس كورونا باسم LUCOVID19، يكون لبنان قد انضم "نظريا" إلى لائحة البلدان التي بدأت باستخدام الهاتف الذكي لتقفي أثر المصابين بالفيروس ضمن خطط مكافحة الوباء. ولكن هل تعيق الاعتبارات الأمنية وجوانب مثل الخصوصية الشخصية وضع التطبيق موضع التنفيذ؟ والأهم كيف يعمل التطبيق وما العقبات التي قد تواجهه، وما هي أبرز التجارب الدولية؟ 

عند إدخال رقم الهاتف الخاص بحامل الفيروس على تطبيق LUCOVID19، يمكن جدولة أرقام هواتف الأشخاص الذين قابلوا المُصاب خلال الفترة الأخيرة المُحددة بأربعة عشر يومًا، وهؤلاء الأشخاص معرّضون لالتقاط العدوى، لذلك يمكن لوزارة الصحة بعد رصد أرقام هواتفهم من خلال هذا التطبيق التواصل معهم لحثّهم على إجراء الفحوصات المِخبرية التي قد تكشف إصابتهم بكورونا من عدمها.

ثلاثة محاذير

توضح الجامعة اللبنانية التي تتحضر لتنفيذ المشروع خلال أيام، أن وزير الصحة حمد حسن اطلع على تطبيق LUCOVID19 وأبدى موافقته على الاستخدام. وجرى تصميم التطبيق على يد مجموعة تألفت من رئيس المركز الصحي الجامعي في الجامعة اللبنانية د. إيلي حدشيتي ورندا شرفان وإلياس الزايد وبسّام الفتى. 

وذكرت الجامعة أنها سجّلت التطبيق الذي حضّرته مع عدد من الشركاء، في وزارة الاقتصاد تمهيدا لتوفيره في متجري التطبيقات التابعين لشركتي غوغل وأبل. وتشترط الشركتان تقدُّم جهة حكومية بطلب إدراج التطبيق على متجريهما، قبل الموافقة على نشره وتوفيره لعموم المستخدمين. وثمة أسباب عدة لاتخاذ غوغل وأبل هذه الإجراءات ووضعهما شروطا قبل نشر التطبيق. أولا، تعتمد التطبيقات الخاصة بمراقبة انتشار الوباء من خلال هواتف المستخدمين على اتصال بين الهواتف الذكية من خلال تقنية "اتصالات الـ بلوتوث القريبة المدى" Short Range Bluetooth Communications وهو ما يُعد أمرا غير مألوف في التطبيقات، ويشكل انتهاكا للخصوصية. ثانيا، إذا تم ربط تقنية بلوتوث مع تقنية "تحديد المواقع الجغرافية" GPS ضمن التطبيق، يصبح من الممكن استخدامه لتوفير معلومات غير متعلقة بمكافحة وباء كورونا مثل ملاحقة الأشخاص ورصدهم وتتبعهم. ويقول مصدر خبير في شؤون شبكات الاتصالات، أن هذه المعلومات قد تتضمّن تفاصيل دقيقة جدا عن الأشخاص الذين يلتقيهم المُستخدم والأماكن التي يقصدها. ويضيف أن هذه المعلومات أوسع وأكثر تفصيلا من المعلومات التي يمكن الحصول عليها من أعمدة الإرسال الخاصة بشبكات الاتصالات النقالة عموما، أي رصد الشخص بين ثلاثة أبراج اتصالات. ويقول إنه من الضروري وجود هيئة وطنية مسؤولة تتمتع بقدر كبير من الحوكمة والشفافية والصلاحيات اللازمة على رأس هذا المشروع المتعلق بتطبيق LUCOVID19. ولهذا السبب قد يكون التطبيق أمام سلسلة عراقيل وعقبات ينبغي تخطيها. ثالثا، من المعروف أن نظام Prizm الذي تستخدمه وكالة الأمن القومي الأميركية، يعتمد مجموعة تقنيات للتجسّس تشمل تشغيل تقنية بلوتوث لدى المستخدمين من دون علمهم لمراقبة من يتوارى عن الأنظار بعد تخلّصه من هاتفه الذكي منعا لرصده وتتبّعه. وسبق أن شرح هذه التفاصيل العميل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن. 

نماذج عالمية

ويشكل تطبيق LUCOVID19 نموذجا مماثلا لعدد كبير من التطبيقات التي أُطلقت منذ شهرين حول العالم، ولكن تبقى التجربة الصينية هي الأهم عالميا. إذ دمجت الحكومة الصينية بين مجموعة أنظمة أبرزها: الأنظمة المعلوماتية المخابراتية والتطبيقات وشبكات المراقبة في الشوارع، محطات القطارات والسيارات والمترو والمتاجر، ونظام البيانات الكبيرة التي تتضمن معلومات تفصيلية عن السكان، وغيرها من الأنظمة. وبعد الدمج عمدت السلطات إلى إنشاء وحدة إدارة مركزية تجمع كل بيانات المواطنين في مراكز تخزين رئيسية، ثم تقوم بمعالجتها من خلال أنظمة تحليل البيانات Data Analytics واستخلاص النتائج عبر برمجيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence لمراقبة المصابين وحماية السكان. 

التجربة الثانية المهمة هي في كوريا الجنوبية التي اشتهر فيها تطبيق Corona 100 meter. ويتيح هذا التطبيق للمستخدم معرفة المصاب بالفيروس عن بُعد 100 متر والأشخاص الذين التقاهم المصاب خلال الفترة السابقة والتي يمكن أن تمتد لـ 14 يوما. وتقول السلطات الكورية أنها تمكنت بفضل تطبيقات رصد الأشخاص من عرقلة انتشار الوباء بشكل كبير.  

ووضعت السلطات في كوريا الجنوبية، قيد التشغيل تطبيقا يقوم بإنذار المستخدم في حال اقترابه من شخص مصاب بالفيروس. ويتم تشغيل التطبيق تلقائيا من دون وجود إمكانية لدى المُستخدم لتعديل أسلوب عمل التطبيق أو إلغائه عن الهاتف. ويدفع التطبيق برسالة تحذير إلى واجهة استخدام الهاتف، في كل مرة يقترب فيها صاحب الهاتف من شخص مُصاب أو سبق أن خالط مصابين، أو لم يكن مُدرجا على قوائم التأكد من الإصابات. ومن ثم يقوم التطبيق مباشرة بالتبليغ عن هؤلاء الأشخاص وعن مكان وجودهم وخريطة تنقلاتهم بالتفصيل. وبهذه الطريقة يُصبح كل مستخدم مُخبرا لدى السلطات سواء قبل ذلك أم رفض. 

ويقول أحد مطوّري التطبيقات في كوريا الجنوبية في لقاء مع محطة CNN أن بإمكان تطبيقات مراقبة انتشار كورونا، ومعرفة مكان وجود الشخص المصاب على الخريطة مع نسبة خطأ لا تتعدى أمتار، وتحديد جنسيته وعمره وجنسه والأماكن التي زارها والأشخاص الذين التقاهم. 

تطبيقات "السُعال"

وثمة أنواع أخرى من التطبيقات التي يتم تطويرها حاليا، وهي تركز على تحليل صوت سعال المستخدمين. فقد ذكرت "بي بي سي" أن علماء في جامعتين عريقتين هما "كمبريدج" و"كارنيغي ميلون"، يعكفان على تطوير برامج تسجل صوت سعال المستخدم لتشخيص ما إذا كان مصابا بالفيروس. لكن من جديد وكما في حالة التطبيقات التي تتقفّى أثر المصابين عبر تقنية "بلوتوث"، برزت مسألة الخصوصية. وتحاول جامعة كمبريدج عدم الكشف عن هوية المصابين المحتملين، وهي تدرس طرقا لا تتضمن الكشف عن هوية المصاب وتساعد السلطات الصحية في آن معا. أما علماء "كارنيغي ميلون" فقالوا إن لا فائدة من تسجيل صوت سعال شخص من دون ربط التشخيص بهوية المصاب، لأنه بهذه الحالة لن يكون التطبيق مفيدا للسلطات الصحية.