تحديات صناعة التسويق والاتصالات في زمن كورونا

01.04.2020
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

*بقلم إيمان غريّب

لم يسبق أن خاض خبراء التسويق والاتصالات حول العالم التحديات التي وجدوا أنفسهم في خضمّها مع انتشار وباء كوفيد-19 (كورونا) وتفاقم انعكاساته يوما بعد يوم. الأزمات والكوارث ليست أمرا جديدا، وهي تحصل كل فترة حول العالم، ويتفاعل معها عادة قطاع التسويق والاتصالات بشكل سريع كونه مصمّم للتعامل مع ملفات إدارة الأزمات. لكن حجم ما يحصل يفوق أي وصف، وثمة دول عُظمى تكافح للخروج من دوامة الأزمة. لكن المسؤولية المهنية والأخلاقية تقتضي من المتخصّصين في مجال التسويق والاتصالات، الارتقاء الى مستوى المرحلة، وتنفيذ خطط أعمال واضحة وديناميكية تتضمن أدوات إدارة الأزمات والمحافظة على المعنويات وبثّ روح القوّة والتفاؤل والصمود. وخطة التسويق والاتصالات في هذه الحالة يمكن أن ترتفع فوق ثلاثة ركائز أساسية: داخلية تشمل موظّفي الشركة، خارجية تضم العملاء والشركاء والمؤسسات العامة، ومهنية تأخذ بالاعتبار المحافظة على نشاط الشركة ونجاحها.  

ومع أن هذه الخطة قد تشكل تحدٍ قاس لقدرات وخبرات مدراء أقسام التسويق والاتصالات، إلا أنها فرصة لعبور شركاتهم الأزمة بقوة ونجاح، وتخطّي الانعكاسات. هكذا ننظر في أﭬايا كشركة تكنولوجية عالمية إلى الأزمة والمسؤوليات المرتبطة بها. وليس هناك من أدنى شك أن المسؤولية المُلقاة اليوم على عاتق مدراء قطاع التسويق والاتصالات ثقيلة. كما عليهم إيصال رسالة التعاطف والصمود والأمل بشكل واقعي ومن دون المبالغة إلى موظفي الشركة داخليا والعملاء والشركاء والرأي العام. والأهم هو تحقيق استمرارية أعمال شركاتهم بشكل فعّال وتحقيق الأهداف الموضوعة.  

الأولوية للموظفين 

فرق عمل الشركة حول العالم تعاني ما يعانيه الجميع في البلدان التي انتشر فيها الوباء، ولذلك الأولوية في خطط التسويق والاتصالات هي الانسان، وتوفير كل أسباب الصمود له ولعائلته ضمن محيطه المضطرب. ومن البديهي أن يقوم مدراء التسويق والاتصالات في هذه الحالة، بمراعاة المتطلبات الناشئة، لإيجاد قنوات اتصال جديدة مع الموظفين تراعي ظروفهم وأوضاعهم. وبذات الوقت وضع خطط جديدة للمحافظة على حُسن انتظام الاعمال داخليا. ولا بد أيضا من إيلاء الجانب العائلي والنفسي لدى الموظف اهتماما خاصا في هذه الاوقات العصيبة. كذلك من الضروري المحافظة على تقدير وثقة الموظفين بأداء وطريقة تعامل إدارة الشركة معهم، وتوفير وقت خاص بشكل دوري للاطمئنان على فرق العمل. 

حتمية استمرار الأعمال

صحيح أن الأزمة كبيرة، لكنها ستُصبح أكبر وأكثر إيلاما إذ لم تسير أعمال الشركات. ولا ننسى أنه علينا التعامل مع متطلبات أعمال شركاتنا التي لم تتغير كثيرا بظل الأزمة، لا بل زاد حجمها ووتيرتها ما يتطلّب بذل جهود مضاعفة تتناسب وظروف الأسواق. كما علينا تحقيق الاهداف الموضوعة وتنفيذ الحملات الاعلامية والتسويقية التي جرى جدولتها مسبقا. 

كذلك علينا الاستماع الى هموم الشركات والمؤسسات الواقعة في خضم الازمة، وتقديم افضل الحلول التكنولوجية التي تتناسب فعلا مع حاجاتهم ومتطلباتهم. كما علينا أن نكوّن صورة واضحة عن حقيقة الأوضاع التي نشأت بسبب الوباء والحاجات الفعلية لكل بلد يتعرض لانتشار الفيروس، وبالتالي تقديم حلول وتبرعات تلبي الحاجات وتوفر حلولا فعّالة، لمساعدة المجتمعات وتخفيف اثر الازمة قدر الامكان. ومن الواجب هنا إخبار الاسواق ما فعلناه وكيف فعلناه، وما هو الأثر الذي حققته جهودنا.

المرونة والروح الايجابية

ثمة تغيرات ملفتة فرضتها الأزمة على نماذج عمل صناعة التسويق والاتصالات، وقد أثّرت على الشركات وأسلوب مقاربتها للتحديات، كما دفعت الجميع لإيجاد وسائل اتصال وتواصل جديدة لتعويض النقص الذي حصل بعد إلغاء المناسبات التجارية والمؤتمرات والمعارض وغيرها من منصات اللقاء مع العملاء والشركاء. ومن هنا تنشأ أهمية تحلّي خبراء التسويق والاتصالات بالمرونة، والتمسّك بالإيجابيات تحت أي ظرف كان.

لقد وضع هذا الوباء الاقتصاد العالمي أمام خيارات وجودية غير مسبوقة تاريخيا، شبهّها بعض القادة بالخيارات التي تُتخذ عادة في الحروب الكُبرى ما أعاد إلى الأذهان الحرب العالمية الثانية وويلاتها. نحن إذا أمام تحد تاريخي، ومن الطبيعي أن تكون الإجراءات التي ستتخذها شتى القطاعات، تاريخية. ولكن الأهم هو الجانب الأخلاقي في كل ما نفعله، أي قرار يُتخذ في هذه المرحلة يجب أن يرتكز إلى الأخلاق والمسؤولية الاجتماعية والوطنية والتضامن الدولي من أجل الانسان أولا وأخيرا. لأن الأزمة ستمرّ وما سيتذكره الناس عنّا سواء كانوا موظفي شركات أو مواطنين، هو ماذا فعلنا وكيف تصرفنا وما هي المعايير الأخلاقية التي انتهجناها في كل مراحل الأزمة. 

*مديرة التسويق والاتصالات في شركة أﭬايا العالمية