القطاع المصرفي اللبناني في 2019
تراجع الودائع 8.3% والتسليفات 19%

19.02.2020
جمعية مصارف لبنان
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

سجل النشاط المصرفي انحداراً غير مسبوق في نهاية العام 2019 مقارنة بما كان عليه نهاية 2018، وبنسب تثير مقداراً لا يستهان به من القلق والمخاوف، ولاسيما في ظل استمرار العوامل التي أدت إلى هذا الانحدار.

ويشكل هذا الانحدار إنتكاسة موجعة للقطاع المصرفي اللبناني الذي شهد على مدى السنوات الطويلة الماضية نمواً مطرداً متجاوزاً كل الظروف، ومغرداً في بعض السنوات كأنه «خارج سرب» التراجع الذي شهدته القطاعات الأخرى.

وتحليل هذه النتائج السلبية التي شملت معظم بنود الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي، تعزى بصورة أساسية إلى التداعيات التي ضربت القطاع في ظل وما بعد موجات الإحتجاجات الشعبية الصادمة التي اندلعت في 17 تشرين الأول من العام الماضي ولا تزال، وما رافقها من اضطرابات متواصلة في تعاملات المصارف مع عملائها وفي أسواق صرف العملات، ناهيك عن التخطيط في التعامل مع استحقاقات سندات الدين الدولية.

غير إن الواضح من تطور أرقام الميزانية المجمعة أن التدهور حصل خلال الفصل الأخير من العام، بحيث يصح اعتماده كمرجعية إحصائية لما قبل «الانتفاضة»، أي ما قبل تشرين الأول وما بعده. فكيف جاءت النتائج؟

الموجودات

سجّل إجمالي أصول الجهاز المصرفي انخفاضاً مثيراً فبلغ في نهاية 2019 نحو 217 مليار دولار في مقابل 249.5 مليار بداية العام، أي بتراجع بلغ نحو 33 مليار دولار وبنسبة 13 في المئة.

والواضح أن هذا التراجع حصل في معظمه خلال الشهرين الأخيرين، إذ تراجع إجمالي الأصول من 262 مليار دولار نهاية تشرين الأول إلى 217 ملياراً في نهاية العام، أي بتراجع مقداره 45 مليار دولار ونسبته 17.2 في المئة.

وهذا يعني أن إجمالي الموجودات ارتفع بداية 2019 حتى نهاية أيلول بنسبة 5 في المئة ثم انخفض خلال الشهرين الأخيرين بنسبة 17.2 في المئة.

الودائع

وظهر رقم لافت في المكونات المؤثرة في الأصول المجمعة وانحدار ملحوظ في إجمالي الودائع المصرفية الذي وصل في نهاية العام 2019 إلى 163.8 في المئة مقابل 178.6 في المئة مطلع العام، أي بتراجع نسبته 8.3 في المئة، وإذا استثني من ذلك، ودائع القطاع العام، يصبح صافي ودائع القطاع الخاص 158.9 مليار دولار في مقابل 174.3 مليار مطلع 2019، أي بنسبة 8.8 في المئة.

وفي التفاصيل، وخلال الفترة نفسها بلغ إجمالي ودائع القطاع الخاص المقيم 126.5 مليار دولار في مقابل 136.6 مليار أي بتراجع نسبته 7.4 في المئة.

كما بلغ إجمالي ودائع القطاع الخاص غير المقيم 32.5 مليار دولار في مقابل 37.7 مليار أي بتراجع نسبته 14 في المئة.

وظهر رقم لافت أيضاً حيث انحدر بند محفظة إيداعات المصارف لدى البنك المركزي بمقدار يناهز 15 مليار دولار على أساس سنوي. لتنحدر بدورها إلى نحو 118.2 مليار انطلاقاً من نحو 133 مليار دولار في بداية العام الماضي ووصولاً إلى الرقم الأعلى الذي بلغ نحو 156 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك نتيجة إعادة هيكلة القيود وتلبية حاجات البنوك إلى السيولة النقدية للتعامل مع موجات السحوبات اليومية في الردهات  وعبر أجهزة الصرف الآلي وتلبية التحويلات المتصلة بالزبائن أو بعمليات تجارية ضمن التدابير المعتمدة وإجراء عمليات مالية بين الطرفين . 

وعليه، فإن إجمالي ودائع الزبائن (المقيمون وغير المقيمين) قد تقلّص إلى ما دون 160 مليار دولار في نهاية العام، مقابل نحو 174 ملياراً في نهاية العام الأسبق، مراكماً بذلك نزفاً يزيد على 15 مليار دولار على مدار السنة المالية، ومعظم السحوبات تمّت في الشهرين الأخيرين وتحولت إلى التخزين في المنازل، مما يخفف من وطأة الانحدار وتداعياته على اعتبار ان الأموال المخزنة ستعود الى المصارف في حال استعادة هدوء الأسواق وإعادة بناء الثقة بين المودع والبنك، والتي تزعزعت بفعل تحليلات وشائعات نشرت الهواجس والمخاوف من ضياع المدخرات، فضلاً عن التأثير العكسي للتدابير المشدّدة التي تعتري مجمل التعاملات المصرفية.

ومن المهم التنويه في هذا السياق إلى القيود المشدّدة المفروضة على حركة التحويلات إلى الخارج والتي تشمل ودائع المقيمين وغير المقيمين على حد سواء، مع الإشارة إلى بدء تحركات من قبل النيابة العامة التمييزية من جهة، ومن قبل هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف من جهة موازية، تهدف إلى تتبع حركة الأموال الخارجة من المصارف طوال العام الماضي، والتدقيق في حال وجود شبهات ذات ارتباط بشخصيات سياسية او ضمن الإدارة العامة للدولة PEP,s.

التسليفات

أما على صعيد إجمالي محفظة التسليفات الموجهة إلى القطاع الخاص المحلي أفراداً وشركات، فقد سجّل تراجعاً حاداً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2019، بلغت قيمته ما يعادل 3.53 مليارات دولار لتصل بذلك حصيلة التراجع في كامل السنة إلى 7.88 مليارات دولار ومن دون احتساب مردود المحفظة على مدار السنة، ليقفل إجمالي البند على نحو 43.9 مليار دولار انطلاقاً من نحو 51.8 مليار دولار، اي بتراجع إجمالي نسبته نحو 18 في المئة على أساس سنوي، وهو ما يعكس حدة الانكماش التمويلي، في ظل نمو سلبي مرتقب للناتج المحلي وتفاقم حالات إقفال الشركات او خفض أنشطتها في اغلب القطاعات الإنتاجية وصرف عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص وخفض المداخيل للمستمرين بالعمل، ولا يزال هذا المسار يندفع قدماً بفعل الاضطرابات السائدة في الأسواق.

في المقابل، سجّلت التسليفات الموجهة للقطاع الخاص غير المقيم ضمن نطاق انتشار البنوك اللبنانية إقليمياً ودولياً، تقلصاً بقيمة تناهز 1.1 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة، معززاً القيمة الإجمالية الى 1.54 مليار دولار منذ بداية العام الماضي، وبذلك وصلت قيمة المحفظة الإجمالية إلى 5.57 مليارات دولار، بما يشمل الفوائد المترتبة على عمليات التمويل. 

ونتيجة للتراجع الحاد في محفظة التسليفات، فقد تراجعت نسبة التسليفات إلى إجمالي ودائع القطاع الخاص من 33.5 في المئة بداية العام إلى 30.5 في المئة نهاية 2019، أي بنسبة نحو 9 في المئة.

الأموال الخاصة

أما بالنسبة إلى الأموال الخاصة للقطاع المصرفي فقد بلغ في نهاية العام 2019 نحو 20.7 مليار دولار في مقابل 20.1 مليار نهاية العام 2018، أي بزيادة نسبتها نحو 3 في المئة.

ومن الواضح أن هذه الزيادة في الأموال الخاصة ناتجة من تمكّن بعض المصارف من استكمال إجراءات زيادة رساميلها بنسبة 10 في المئة في نهاية العام 2019، إستجابة لتعميم مصرف لبنان الرقم 532 الذي أوجب على المصارف زيادة رساميلها بنسبة 20 في المئة على أن تتم على مرحلتين.

وانطلاقاً من مضمون التعميم المشار إليه، يرتقب أن تتمكن كل المصارف من استكمال زيادة رساميلها قبل نهاية الفصل الأول من العام، بحيث يغدو إجمالي الرساميل في نهاية شهر آذار نحو 22 مليار دولار.

«دولرة» الودائع

تبقى الإشارة إلى أن من تداعيات الأوضاع المصرفية التي بدأت بوادرها قبل 17 تشرين الأول وتفاقمت بعد ذلك، إن نسبة «دولرة» الودائع قد ارتفعت من 70.6 في المئة نهاية العام 2018 إلى 76 في المئة نهاية العام 2019