لبنان يتجه لإعلان
حالة طوارئ اقتصادية

29.08.2019
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
أنتجت المخاوف من دخول لبنان واقتصاده حقيقة في مسار انهيارات مالية جدية، قد نعلم محطاتها الأولى، انما لا يدرك أحد عمق القعر الذي تبلغه، دينامية سياسية جديدة على أعلى المستويات الرئاسية تهدف الى اجراء محاكاة علمية ومدروسة لادارة التعامل مع العوامل الموضوعية التي أقلقت المؤسسات المالية الدولية ذات الصفة المرجعية لمؤتمر "سيدر"، ودفعت بمؤسسات التصنيف الى "غسل" أيديها احتياطا من نزف المالية العامة.
ويؤمل أن يبلور اجتماع قصر بعبدا مطلع ألأسبوع المقبل، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وبمشاركة المرجعيات النيابية والحكومية ورؤساء الكتل والمكونات السياسية، مشهدا مؤثرا في ظاهره الاجماعي، ومطمئنا في مضمونه الهادف الى انشاء مظلة وطنية شاملة وذات توجهات صريحة لجبه التداعيات المحققة أو المرتقبة جراء تفاقم ألأزمة المالية وتصنيف لبنان في أقرب الدرجات الى "التعثر" وقبل خطوات قليلة من "الفشل" .

سقف الـ 6 أشهر

في المعلومات ، أن التحرك محكوم بالسقف الزمني الذي طلبته الحكومة ومصرف لبنان من وكالة " ستاندرد أند بورز" المحدد بستة أشهر. ويستجيب أساسا للتنبيهات التي تلقاها لبنان الرسمي تكرارا من المرجعية الفرنسية الراعية لالتزامات المجتمع الدولي في مؤتمر سيدر. وفي مقدم الموجبات التمهيد الى اعلان ما يشبه حال الطوارىء الاقتصادية، والتي تقتضي اطلاق النفيرالوطني العام. فثمة قناعة تترسخ وتتوسع أفقيا لدى الأطراف الفاعلة: مضى زمن الترف والوقت ثمين ولا معالجة من دون تضحيات.
ضمن هذه الأجواء ، أمكن رصد معطيات ذات صلة، من أبرزها:
- ضرورة ازالة أي تباينات بين السياسات المالية والاقتصادية والنقدية، بما يشمل المواقع المرجعية لهذه السياسات. بالتوازي، يتم التوافق على صيغة تشاركية لتنسيق الجهود واعداد الاقتراحات تحت الاشراف المباشر لرئيس الحكومة سعد الحريري، وبالتنسيق مع الفريق الرئاسي والتشريعي.
- تحييد استراتجية الاستقرار النقدي، وتظهير اجماع عريض على عدم المس بسعر الليرة في ظل الضغوط القائمة، ومعاونة السلطة النقدية "سياسيا واعلاميا" في جهودها للحفاظ على قواعد العمل المعتادة في سوق حرة ومفتوحة، وفي كبح أي انحرافات أو مضاربات مؤذية رغم محدودية حجمها خارج الجهاز المصرفي.
- تحويل مشروع قانون موازنة العام 2020 المقبل، الى منصة اصلاح مالي حقيقي تحت عنوان خفض نسبة العجز الى الناتج دون 6 في المئة، أي ما يوازي حاليا نحو 3.5 مليار دولار. وهذا ما يقتضي وضع المشروع تحت مظلة الاجماع الوطني، بما يشمل امكانية الاضطرار الى اعتماد تدابير" غير شعبية " ذات طابع ضريبي أو تنظيمي للكلفة المرهقة التي أنتجتها "السلسلة" على بندي الأجور ومعاشات التقاعد وبدلاته.
- اعداد مشاريع قوانين برامج ذات طابع استثماري منفصلة عن قانون الموازنة، وتمهد لفتح قنوات القروض الدولية الموجهة لمشاريع البنى التحتية. والانطلاق خصوصا من بوابة البنك الدولي الذي التزم في مؤتمر سيدر، بتقديم نحو 4 مليارت دولار على شكل قروض ميسرة للقطاعين العام والخاص.
- الشروع الفعلي في التخارج "الصحي" بين المالية العامة ومؤسسة الكهرباء. مع النظر في "تحميل" المستهلكين جزءا من الأكلاف الفعلية لانتاج التيار وتوصيله، والتشدد أكثر في تطبيق "عدالة" أسعار اشتراكات المولدات. فضلا عن التطبيق الصارم للرسوم التي تم فرضها على أصحاب المولدات .
- تحويل الاجتماعات المالية في القصر الرئاسي الى هيئة مرجعية عليا. وتكون الاجتماعات المالية والاقتصادية والنقدية في السراي المنصة العملانية والتنسيقية.
 
وفي هذا السياق، قدم  وزير الاقتصاد منصور بطيش ورقة عمل استعرض فيها وقائع ألأزمة الراهنة وتداعياتها ، وخلص الى مجموعة اقتراحات للمعالجة ، أدرجها تحت عنوان " الخطوط العريضة لبرنامج عمل يمتدّ على 3 سنوات( 2020-2022 ) . ومن أبرزها : 
الجانب المالي 
- البتّ بحسابات الدولة النهائية ضمن المهلة المُحدّدة في القانون. وتقديم مشروع موازنة عام 2020 من دون أي تأخير، والتزام أحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية التي تفرض أن تكون الموازنة شاملة كلّ نفقات الدولة وإيراداتها بما فيها المتأخِّرات وكل إنفاق يجري من خارج الموازنة. 
- استكمال تخفيض العجز وحصره اعتباراً من موازنة عام 2021 بالإنفاق الاستثماري على تجهيز البنية التحتية والمرافق العامّة والخدمات الأساسية، ولا سيّما الكهرباء والنقل. وهذا يتطلّب إجراءات واضحة لتخفيض الإنفاق غير المجدي وزيادة الإيرادات لتغطّي مجمل الإنفاق الجاري.
 - استكمال العمل على لجم التهرّب الضريبي ومواصلة خطّة مكافحة التهريب، وتوحيد قواعد المعلومات والبيانات بين وزارة المالية والضمان الاجتماعي، وإمكانيّة الولوج المتبادلة بينهما.
- تخفيض الحدّ الأدنى من الخضوع الإلزامي للضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون إلى 50 مليون ليرة لبنانية.
- إصلاح المؤسّسات المتعارف عليها كمحميّات اقتصاديّة - سياسيّة، واعتماد الشفافية والمساءلة في إدارتها، وإعلان حساباتها دورياً.
- إجراء مسح شامل لموجودات الدولة وممتلكاتها ووجهة استعمالها وكيفيّة إدارتها، على أن تحدّد مهلة ستة أشهر لإنجاز الملف.
- التنسيق مع مصرف لبنان من أجل تخفيض تدريجي لمعدّلات الفوائد، بالتوازي مع الإصلاحات المالية والاقتصادية.
- اعتماد المكننة (e-government) في إدارات الدولة.