الإقتصاد الجزائري
حلول صندوق النقد تنتظر نتائج «صندوق» الإنتخابات

05.05.2017
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
الاقتصاد والاعمال

تتميز الوضعية الإقتصادية والمالية في الجزائر في المرحلة الحالية بضبابية كبيرة. الأرقام والمؤشرات المتوفرة تؤكد أن ساعة القرار والحسم قد دقت للخروج من نفق التراجع المستمر للعائدات النفطية، وتكفي هنا الاشارة الى تراجع قيمة الصادرات الجزائرية خلال أقل من سنة من 33 مليار دولار الى 27 ملياراً، ما أدى إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري الى نحو 17 مليار دولار في العام الماضي حسب بنك الجزائر. 

محافظ بنك الجزائر محمد لوكال الذي قدّم أول تقرير له منذ توليه منصبه، حاول تقديم أرقام يغلب عليها «الجفاف» من دون ذكر المؤشرات الأساسية والتي تمكّن من توضيح الرؤية النقدية والمالية للجزائر، ولكن طريقة تقديم المؤشرات تحمل في حدّ ذاتها مضموناً إقتصادياً ومالياً أساسياً بالنسبة الى المتابعين للمسار الإقتصادي الجزائري، خصوصاً أن تقرير بنك الجزائر، تزامن مع نشر وزارة المالية وثيقة تُعرف بالنموذج الإقتصادي الجديد، كانت الحكومة تحدثت عنه لأشهر عديدة.

استعادة التوازن 

تزامن التقرير وإطلاق الوثيقة من الضروري أن يُقرآ جيداً، فالتقرير يحمل رسالة واضحة تقول إن الوضعية الاقتصادية هشّة وإن الحل هو في إعادة التوازن الى المنظومة الإقتصادية المالية الجزائرية عن طريق تخفيض الإنفاق الحكومي، التحكم في التجارة الخارجية وفي مسار ميزان المدفوعات بصورة عامة، وهذا جوهر محتوى وثيقة النموذج الاقتصادي الجديد الذي تنوي الحكومة تطبيقه حتى 2019 في مرحلته الأولى على الأقل. 

المؤشرات الاقتصادية خصوصاً تلك المتعلقة بالتجارة الخارجية وبالميزانية العامة، تطرح العديد من المسائل ذات الطابع الإجرائي والسياسي. فالجزائر تشهد إنهياراً في العائدات من العملة الصعبة وفي الوقت نفسه ارتفاعاً غير مسبوق في عجز الميزان التجاري، والحلّ الوحيد هو اتخاذ سلسلة من الاجراءات من بينها تقليص الواردات بنحو 15 مليار دولار، وذلك عن طريق تفعيل نظام الحصص الذي بوشر تطبيقه مطلع العام الحالي، كما قال وزير التجارة بالنيابة عبد المجيد  تبون. 

نظام الحصص هذا لا يحظى بالإجماع الداخلي والخارجي، إذ يعتقد البعض أنه قد يؤدي الى تراجع النمو والذي مازال قوياً في الجزائر بفضل ديناميكية الإستهلاك الداخلي، وقدر محافظ بنك الجزائر معدل النمو بنحو 4 في المئة سنوياً بالنظر الى تماسك نمو قطاع المحروقات الذي استرجع عافيته.   

من جهة أخرى، ينظر شركاء الجزائر الى إجراء تقييد الواردات بعين الشك والريبة لأنه يعني تراجع الجزائر عن إلتزاماتها بخاصة في ما يتعلق بعقد الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. وقد شهدت العاصمة الجزائرية خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة من اللقاءات الجزائرية الأوروبية الثنائية والمتعددة الطرف بهدف توضيح النوايا الجزائرية ومدة الإجراءات المتخذة ومدى اتساعها. 

صندوق النقد الدولي الذي يراقب الوضعية من بعيد ومن دون أن يكون له تأثير مباشر على مسار الأحداث الإقتصادية الجارية في الجزائر، أدلى بدلوه في هذا الجدل معتبراً أن مشكلة الجزائر تكمن في تمويل الإقتصاد على الأمد المتوسط والطويل، ومشكلة التمويل الملحة لا تمرّ بتخفيض دراماتيكي للإنفاق الحكومي (تراجع الانفاق بأقل من 5 في المئة) وتقليص الواردات، بل يرى الصندوق أنه من الأفضل اللجوء الى الإستدانة الخارجية والقيام بخصخصة بعض المؤسسات العامة التي تثقل كاهل الحسابات الجزائرية. 

لا تزال الإستدانة والتقديمات الاجتماعية خطوط حمراء

الخطوط الحمراء

وحذّر صندوق النقد الدولي من أن استمرار الأوضاع في الجزائر على الشكل الحالي، سيفاقم مشكلة البطالة التي قد تصل إلى 13 في المئة وهو رقم ضخم في بلد كالجزائر تعود دائماً على مقاربة القضايا الإقتصادية بمنطق إجتماعي، يضاف إلى ذلك تراجع معدل النمو الى مستوى مقلق  قد يصل الى 0.6 في المئة أي انكماش اقتصادي في أفق 2018.

وصفات صندوق النقد الدولي غير مقبولة في الجزائر لأنها تطال قضايا تعتبر خطوطاً حمراء أو «تابو» كالإستدانة والسياسة الاجتماعية، علماً أن المرحلة الحالية هي مرحلة انتخابات نيابية والمسألة الاقتصادية لا توجد لها أصداء في برامج الأحزاب الطامحة للوصول الى الأغلبية في البرلمان.

لكن أياً كان الفائز فسيكون عليه إيجاد حلول للمشكلة الاقتصادية، ومن بين هذه الحول تلك التي يطرحها صندوق النقد الدولي. وهكذا تلعب الشعارات المطروحة في الحملة الإنتخابية الحالية دوراً مخدراً في انتظار الحسم بعد الرابع من مايو.