سفير الصين في لبنان:
لبنــان شـــريـــك طبيعــي في مبادرة «الحزام والطريق»

15.10.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
وليد الداهوك

بعد ثلاث سنوات تحتفل العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والصين بـ «اليوبيل الذهبي» حيث انطلقت هذه العلاقات في العام 1971 وبدأ معها تبادل تجاري تزايد عاماً بعد عام، وشكّل لبنان عبر نوافذ من القطاع الخاص اللبناني منطلقاً للعلاقات الصينية العربية.

من هذه العلاقات العريقة بين البلدين، ومن موقع لبنان في مبادرة «الحزام والطريق» التي قطعت فيها القيادة الصينية أشواطاً، إنطلق حوار «الاقتصاد والأعمال اللبنانية» مع سفير الصين في لبنان وانغ كيجيان الدبلوماسي العريق الذي يدهش محدّثه بثقافته الواسعة وإطلاعه الدقيق ليس عن لبنان وحسب بل عن المنطقة العربية، ويعبّر عنها بلغة عربية متقنة.

السفير الصيني تحدث بالتفصيل عن العلاقات الصينية اللبنانية سياسياً وتجارياً وثقافياً مبدياً إستعداداً قوياً لتطوير هذه العلاقات مع لبنان في المجالات كافة. تحدث عن طرابلس والتبادل التجاري وعن الصادرات اللبنانية التي دونها الأسعار التنافسية.

عن سورية تحدث عن العلاقة التاريخية القائمة وعن استعداد الصين للمساهمة في إعادة الاعمار.

وعن أفريقيا قال إن الاهتمام الصيني لا يستهدف إلغاء أحد بل يسعى إلى شراكة تنموية.

وعن العلاقات مع أميركا قال إن «الحرب التجارية» لا يربح أحد فيها.

العلاقات السلسة

يقول السفير الصيني: «إن التبادل الدبلوماسي بين لبنان والصين بدأ في العام 1971 ومنذ ذلك الوقت تطورت علاقات ثنائية سلسة بين البلدين في العديد من المجالات: تعاون سياسي، تواصل تجاري وتواصل إنساني وخصوصاً في مجال الثقافة والفنون والتعليم والإعلام، ونعتبر لبنان بلداً مميزاً في العالم العربي وبلداً ذا قيمة كبيرة في غرب آسيا، ورغم أن حجمه غير كبير فإنه يتميز بموقع جغرافي فريد وفيه قطاعات مميزة مثل القطاع المصرفي، والقطاع التعليمي بالإضافة إلى موقعه الثقافي الحضاري المتميز في العالم العربي.

ويضيف: «ميزة لبنان إيضاً أنه بلد منفتح فيه عدد كبير من الطوائف والأحزاب والثقافات، وهذا التنوع يجعله البلد الوحيد في المنطقة الذي تتعايش فيه الطوائف والأحزاب وهذه الوضعية تعطيه ميزة خاصة في التعامل مع الوضع الخارجي وخصوصاً مع المعضلات والمشاكل الموجودة في المنطقة، وهنا أؤكد أن الصين حريصة على العلاقات المميزة مع لبنان وعلى التفاهم والتعاون بين الحكومتين في الأمور السياسية سواء على المستوى الدولي أم على المستوى الإقليمي، فعلاً هناك تقارب في وجهات النظر في كثير من المجالات، وهناك شبه تطابق حول القضايا المهمة مثل القضية الفلسطينية والقضايا العالمية الأخرى.

لبنــان بلــد ذو قيمـــة فــي غــرب آسيــا والتنــوع يعطيــه تميــزاً فــي المنطقــة

 المرحلة صعبة

وعن الوضع الحالي في لبنان يقول: «إن المشاكل التي يعاني منها لبنان مشاكل معقدة ومرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بإعتبارات داخلية وإقليمية ودولية، ونعلم أنه يمرّ بمرحلة صعبة خصوصاً بعد الأزمة السورية بسبب النازحين وآثار الأزمة على الأوضاع اللبنانية عامة،  ونحن نتابع الوضع ونحاول العمل مع الحكومة اللبنانية والجهات المختلفة للبحث عن إمكانية المساعدة».

ويؤكد: «بإعتقادي أننا يمكن أن نساعد في جوانب عدة: فنحن نشارك في حل المشاكل في البؤر الساخنة والأزمات الإقليمية الكبيرة التي لها آثار سلبية على لبنان كالأزمة السورية والقضية الفلسطينية وخارجياً نحن نبذل جهوداً من أجل إيجاد حلول لهذه الأزمات بالتعاون مع المجتمع الدولي، وداخلياً نحن نتابع الخطط التي تقوم بها الحكومة مثل برنامج الاستثمارات العامة

CIP)Capital Investment Programme)البرنامج الإستثماري الحكومي الناتج عن مؤتمر سيدر.

«الحزام والطريق»

وهل يدخل التعاون الصيني مع لبنان ضمن مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ في العام 2013؟ يجيب السفير الصيني: «إن لبنان كان محطة مهمة لطريق الحرير قبل ألفي سنة فهو يقع على أهم خط تجاري تقليدي لطريق الحرير، ولبنان شريك طبيعي لمبادرة «الحزام والطريق» وهو عضو في جامعة الدول العربية وهناك تعاون جماعي وعمل مشترك بين الصين والدول العربية لبناء حزام إقتصادي لطريق الحرير، وهو قام بتجاوب إيجابي جداً حيث تم توقيع مذكرتي تفاهم بين الحكومتين وطلب لبنان الإنضمام إلى البنك الآسيوي لتنمية البنية التحتية وقُبل كعضو محتمل بانتظار أن تكمل الحكومة اللبنانية الإجراءات القانونية لذلك. ايضاً إنضمّ مصرف «فرنسبنك» إلى مجموعة البنوك الصينية العربية التي تم إنشاؤها للغاية ذاتها، وستكون هناك فوائد كبيرة بعد أن يصبح لبنان عضواً كاملاً في البنك الآسيوي وخاصة لجهة القروض التنموية الميسرة».

وقبل الإجابة على مدى إستعداد الصين للمساهمة في تنمية المنطقة الإقتصادية في طرابلس، يقول السفير كيجيان: «قبل الإجابة على هذا السؤال دعني أعود إلى مبادرة «الحزام والطريق» فإن المطلوب منا الآن هو التنسيق بين السياسات التنموية للبلدين على غرار برنامج الاستثمارات العامة(CIP)أو مشاريع أخرى ونجد نقاط الإلتقاء ومجالات التطابق وأعتقد أن أفضل وأقصر مجال يمكن التعاون به هو البنية التحتية، ومن أهم الركائز لهذه المبادرة هو ربط البنية التحتية بينها لتسهيل النقل والمواصلات الذي هو أساس لتواصل إقتصادي تجاري وتواصل إنساني». ويؤكد: «نحن لدينا إهتمام كبير في مجال التعاون مع الجانب اللبناني في البنية التحتية مثل الطرق والأنفاق والموانئ والمطارات وسكك الحديد، وهذه الرغبة يجب التنسيق بها مع الجانب اللبناني وسيتم هذا التعاون على أساس المنفعة المتبادلة والتعاون المتكافئ والإستثمار المشترك والإستفادة المشتركة». 

 لبنــان محطــة مهمــة علــى طريـــق الحـريــر لدينا اهتمام كبير بطرابلس ومنطقة الشمال

أهمية طرابلس 

ويشرح السفير الصيني: «أما في موضوع طرابلس فأنا شخصياً قمت بزيارة إليها برفقة شركات ووفود صينية والمدينة لها تاريخ عريق وموقع جغرافي فريد ولها آفاق لتطور كبير خصوصاً في مرحلة السلام وأن تستعيد دورها البارز كمحطة تجارية مهمة». ويضيف:  «زياراتنا الى طرابلس إستطلاعية وبناء على طلب من الجانب اللبناني ومن رئيس الحكومة بشكل خاص، لأنه يولي إهتماماً كبيراً لتطوير المنطقة، وقمنا مع وفود صينية بزيارات عديدة إلى مرفأ طرابلس والمنطقة الإقتصادية ومعرض رشيد كرامي وجلنا في المدينة ومنطقة الشمال، وزرنا مطار القليعات ووجدنا أن هناك إمكانية للمزيد من التطور في هذه المنطقة نتيجة الموقع الجغرافي واليد العاملة المتوفرة والآفاق المستقبلية المشجعة ولاسيما بعد إنتهاء الأزمة السورية».

ويستطرد السفير قائلاً: «نحن إذن نستطلع إمكانية التعاون ونحن نتابع خطط الحكومة اللبنانية لتطوير هذه المنطقة بشكل خاص ولتطوير منطقة الشمال اللبناني عامةً، وحسب تجربتنا نقول أن لكل دولة إستراتيجية وخطة متكاملة لتطوير منطقة ما، وعلى هذا الأساس تتعاون الدولة مع شركائها الأجانب. إذاً، نحن نحترم سياسات ورغبات الحكومة اللبنانية ونتطلع الى التنسيق معها وليست مهمتنا أن نضع سياسات من أجل لبنان، فنحن لا نقوم بهذا العمل إلا بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية». 

 لبنان لا ينقصه خبراء

والسؤال عما إذا كان عرض عليكم الجانب اللبناني خطة ما في هذا السياق أو المساعدة على تقديم خطة ما؟ أجاب السفير: «خلال المؤتمر الصيني الأفريقي الأخير تكلم الرئيس الصيني عن خمسة لاءات في السياسات الصينية تجاه أفريقيا وهذه السياسات تنطبق على الجميع منها عدم التدخل في الشؤون الداخلية ولا نفرض إرادتنا على الآخرين ونعلم أن كل بلد له ظروف خاصة وخصوصياته. بالنسبة الى لبنان نحن مستعدون لتقديم خبراتنا وتجاربنا في التطور والتنمية الإقتصادية إذا طلب منا ذلك، ولن نفرض ذلك، إن التجارب والخبرات التي نملكها يمكن للبنان الإستفادة منها، ولكن كما تعلمون، إن لبنان لا ينقصه لا خبراء ولا متخصصون ولديه الكفاءات المطلوبة في التخطيط وغيره... 

ثم يضيف: «صحيح أن الشركات الصينية لديها قدرة قوية على التنفيذ، لكن هناك شروط مسبقة منها التنظيم والتخطيط ونحن مستعدون لتقديم خبراتنا في مجال التنمية الإقتصادية كإنشاء مناطق إقتصادية مثلاً، لأن لدينا مناطق إقتصادية ناجحة، كما إننا مستعدون للمشاركة في مشاريع لها جدوى إقتصادية وجدوى إجتماعية وتنموية وخصوصاً في مجال البنية التحتية والخدمات الأساسية  مثلاً الكهرباء والمياه كما ذكرت، كما إننا مستعدون، إذا كانت هناك مشاريع ناضجة، فيمكن التفاوض المباشر مع الشركات الصينية عن طريق شراكة القطاعين العام والخاص

(public–private partnership (PPP وكل المسائل قابلة للنقاش بشرط أن تكون هذه المشاريع جاهزة ويكون التعاون على أساس المنفعة المتبادلة».

الصين أكبر شريك تجاري منذ 3 سنوات وصادراتنا وصلت إلى مليار دولار

الكهرباء والنقل

وسألنا السفير عن موضوع الكهرباء وهل كان ثمة تفاوض مع الجانب اللبناني في هذا الخصوص؟ أجاب: « في العادة تتابع الشركات الصينية المشاريع والخطط لبلد ما، وبعدها يدخل التواصل مع الشركاء أو الجهات الحكومية ثم التفاوض، واذا كانت هناك حاجة لطلب مساعدات أو قروض ميسرة أو بشكل شراكة بين القطاعين العام والخاص، وأعتقد أن هذه الشركات لم تتوصل إلى وضع Package   رزمة لبلد بشكل عام وعادة نتعاون في إطار برنامج وخطة، لذلك أعتقد أننا لم نقم بحل متكامل لشبكة الكهرباء ولا لشبكة المواصلات، ولكن ممكن ذلك إذا طلب منا رسمياً من الحكومة اللبنانية».

ويضيف: «هناك جهات تخطيط في الصين غير الشركات التي تهتم بتنفيذ المشاريع وهي تهتم بالتخطيط الكلي التنموي، وإذا ذهبتم الى اي مدينة في الصين تجدون معرض تصميم لكل واحد منها وخطة مستقبلية لكل منها، لأن هناك جهة حكومية تقوم بهذا العمل وهذه الجهات يمكن أن تتعاون مع الحكومة اللبنانية لتقديم خبراتها في هذا المجال أو ذاك، ويجب أن تكون هناك رغبة مشتركة في هذا التعاون، وعلى الرغم من أنه يمكننا المساعدة على وضع خطط تنموية لمشاريع مثل الكهرباء ولكن باعتقادي أن لبنان لا يفتقد إلى الكفاءات في هذا المجال أو ذاك وأعتقد أنكم تعرفون المشاكل بالضبط وتعرفون الحلول» .

هناك إمكانية لإستيراد النبيذ وزيت الزيتون لكن دونهــا أسعــار غيــر تنافسيــة

الميزان التجاري

وحول مدى إمكانية تصحيح الخلل في الميزان التجاري بين الصين ولبنان، أجاب: «إن الصين هي أكبر شريك تجاري للبنان منذ 3 سنوات والميزان التجاري هو تقريباً نحو مليار دولار أميركي وهي الصادرات من الصين الى لبنان، أعتقد أن المشكلة هي في الهيكل الإقتصادي في البلدين وحجمه، نحن نصدّر 12 ألف تأشيرة دخول للبنانيين إلى الصين سنوياً، وهؤلاء اللبنانيون يذهبون اليها بهدف التجارة ويأتون بالعديد من البضائع الصينية الى السوق اللبنانية بينما من الصعب أن نجد سلعاً مناسبة للتصدير الى السوق الصينية ولها تنافسية قوية وفعلياً سمعنا الكثير من الشكاوى من مختلف الوزارات وقطاع الأعمال ونحن نهتم كثيراً بهذا الموضوع».

وعن الضرائب وإمكانية إعتماد سياسة تفضيلية أسوة ببلدان عديدة، قال: « بالنسبة الى الضرائب فالأرقام المتداولة  التي تقول إن الضرائب على السلع اللبنانية مرتفعة فهذا الأمر غير صحيح، إن التعرفة الجمركية والقيمة المضافة موجودتان في كل التبادلات التجارية وعلى كل المنتجات ولبنان ليس من فئة البلدان الأقل نمواً وليس من فئة الدول التي فيها معاناة كبرى، صحيح أن الصين تقوم ببعض الإعفاءات من الضرائب لبعض الدول الفقيرة ولكن متوسط الدخل الفردي في لبنان أعلى من مثيله الصيني ومن هذا المنطلق ليس من المعقول أن نعطي هذه الأفضلية الى لبنان».

الصادرات اللبنانية

وبالنسبة إلى المنتجات اللبنانية التي تستطيع ان تجد لها سوقاً في الصين؟ يجيب: «من المنتجات المرشحة للتصدير الى الصين النبيذ اللبناني وزيت الزيتون والمكسرات، وناقشنا في أكثر من إجتماع مع الجهات اللبنانية وخصوصاً وزارة الإقتصاد والتجارة لنجد طريقة لتشجيع هذه الصادرات الى الصين، وفعلياً هناك طلب متزايد لدينا على زيت الزيتون والنبيذ الأحمر، وايضاً على الشوكولاته اللبنانية. العقبات الرئيسية الآن هي قلة معرفة المستهلك الصيني بالمنتجات اللبنانية وإرتفاع تكاليفها، فالقدرة التنافسية ليست قوية في السوق الصينية، وعلى سبيل المثال أن الزيت الأسباني هو المسيطر ربما لأنه دخل الى السوق الصينية مبكراً، وصحيح أن الأصدقاء اللبنانيين يقولون إن الزيت اللبناني هو أجود الأنواع في العالم ولكن ليست هناك معرفة لدى الشركات الصينية ولدى المستهلك الصيني عن طبيعة زيت الزيتون اللبناني وهذا ينطبق أيضاً على النبيذ اللبناني».

 ويتابع: «إن المستهلك الصيني لا يعرف عن النبيذ اللبناني الجيد شيئاً فهو يعرف كثيراً عن النبيذ الفرنسي والتشيلي مثلاً، وأعتقد أن هناك دوراً للتجار اللبنانيين ودوراً للجهات الإقتصادية الحكومية ويجب أن يكون هناك عمل مشترك وتعاون من الجهات الحكومية اللبنانية والتجار اللبنانيين والغرف التجارية اللبنانية للبدء في عملية الترويج والدعاية في السوق الصينية كما يفعل الكثير من البلدان. أما لناحية الأسعار فالمستهلك الصيني يجدعلى صفحات التسويق الإلكتروني الكثير من النبيذ الفرنسي أو التشيلي أو الإيطالي أرخص بكثير من النبيذ اللبناني وكما تعرفون أن المواطن العادي يهتم بالسمعة والسعر.

السياحة والترويج

في موضوع السياحة سألنا السفير، متى سنرى السياح الصينيين في لبنان أسوة بالبلدان الأخرى؟ فأجاب: «إن عدد السياح الصينيين بلغ 120 مليون سائح العام الماضي، وإن وجهة السفر كانت هونغ كونغ، تايوان وماكاو بالدرجة الأولى وبعض دول جنوب شرقي آسيا ثم تلتها أوروبا وأميركا والعدد القليل جاء إلى منطقة الشرق الأوسط وكانت حصة لبنان حسب أرقام مطار بيروت هي 500 صيني دخلوا الى لبنان بتأشيرة سياحية، ولكن لدى المواطن الصيني إنطباع بأن لبنان ليس آمناً لأن وسائل الإعلام تنقل لهم أخباراً يومية عنه وعن الأزمة السورية والنازحين والمشاكل التي تعج بها المنطقة ويعتقدون بالتالي أن لبنان ليس آمناً، أضف إلى ذلك غياب الرزمة السياحية Package  من قبل الشركات السياحية الصينية».  

وذّكر السفير إيضاً أن «هناك إتفاقية تعاون سياحي بين الحكومتين الصينية واللبنانية لتنظيم وفود سياحية، لكن هذه الإتفاقية تعطلت بسبب الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان ولم يتم تفعيلها حتى الآن، ولكننا نعمل وبشكل وثيق مع وزارة السياحة اللبنانية لتشجيع الشركات السياحية الصينية لتأتي الى لبنان من ضمن رزمة سياحية إقليمية»، وأكّد أنه «على تواصل وثيق مع السفيرة اللبنانية في الصين السيدة ميليا جبور التي تقوم بالعمل على تحسين صورة لبنان لجهة الموضوع الأمني وهي تحاول جاهدة الترويج بطريقة أو بأخرى عن السياحة فيه وأعتقد أن هناك ضرورة للمزيد من العمل لجهة وسائل الإعلام والمعارض وغيرها».

سورية والصين

وعن دور الصين في إعادة إعمار سورية بعد إنتهاء الأزمة يقول: «كنت سفيراً للصين في دمشق قبل ان أنتقل الى لبنان أي منذ سنتين،  وبقيت هناك سنتين وأكثر، والعلاقات السورية الصينية هي علاقات قديمة وممتازة وتعود الى بداية الخمسينات، حيث كانت سورية من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة وكان التعاون بين البلدين ممتازاً على كافة الأصعدة وفي كافة المجالات».

ويضيف: «كانت هناك مشاريع مشتركة كبيرة بين الجانبين في مجالات الطاقة وبناء السدود والمصانع كالسيارات والبتروكيماويات وغزل النسيج والبنية التحتية، ولكن هذه العلاقات المميزة توقفت بسبب الأزمة، أعتقد أن المطلوب كخطوة أولى إنتهاء الأزمة وبناء تعاون جديد بعدها وهو المشاركة في إعادة الإعمار والحكومة الصينية والشركات الصينية على أهبة الإستعداد للمشاركة في ورشة الإعمار هذه.

الصين والعرب

وعن مستقبل العلاقات الصينية العربية بعد التحولات التي تشهدها المنطقة مع التذكير بالموقف الصيني المؤيد لقضية العرب المركزية فلسطين يوضح السفير كيجيان: «إذا رجعنا الى الوثائق التي تم توقيعها خلال المؤتمر الصيني العربي(تموز/ يوليو 2018) نجد أن هناك مستوى تعاون صيني عربي متقدم جداً وهذا التعاون يوصف بتعاون إستراتيجي شامل لمستقبل أفضل يشمل قطاع الطاقة والإستخدام السلمي للطاقة النووية والأقمار الصناعية والبنية التحتية وإرتقاء مستوى الصناعة في الدول العربية وتسهيل التجارة في ما بينها».

وشدد السفير الصيني على التعاون الوثيق بين بلاده ودول الخليج العربي في القطاعات المذكورة كما أشار إلى: «تعاون متقدم جداً مع مصر ومع دول شمال أفريقيا كالجزائر وتونس وموريتانيا والمغرب، وأشار إلى أن هناك ثلاث ركائز للتعاون بين الصين وأي دولة هي: أولاً، وجود رغبة قوية لدى الطرفين للتعاون، ثانياً، إستعداد الجهات المالية لتمويل المشاريع، وثالثاً، وجود منافع وعوائد إقتصادية للشركات أو جدوى إقتصادية لهذه المشاريع وإذا جمعنا العوامل الثلاثة سينجح التعاون بالتأكيد بين الصين وأي دولة في العالم».

500 صيني فقط دخلوا بتأشيرة سياحية والإنطباع في الصين أن لبنان غير آمــن

أفريقيا والصين

أما بالنسبة إلى العلاقات الصينية الأفريقية المستجدة وإحتمال تصادم سياستها مع القوى الكبرى المتواجدة تاريخياً في أفريقيا، يوضح السفير بأن: «افريقيا قارة مهمة من النواحي الإقتصادية  والسياسية والإنسانية. إقتصادياً فهي قارة شاسعة عندها موارد طبيعية غنية وهي في نفس الوقت سوق إستهلاكية كبيرة وواعدة جداً ولها مستقبل لا حدود له، وسياسياً، كل دول افريقيا هي دول نامية والصين هي أكبر دولة نامية في العالم ومن الطبيعي أن تكون هناك مصالح مشتركة بين الصين والدول الأفريقية».

ويكمل: «وإنسانياً، نحن طرحنا فكرة الوحدة لمصير مشترك للبشرية والفكرة اننا نعيش في عالم معاصر يجب العمل المشترك فيه لتحقيق النمو المشترك والتنمية الإقتصادية المشتركة لتتقدم البشرية ككل وليس فقط الصين وحدها. إن افريقيا بالتأكيد هي أحد المكونات المهمة للنمو العالمي لذلك نعطي إهتماماً كبيراً للقارة الأفريقية». ويضيف: «لا أعتقد أن هناك رغبة في أن تحل الصين محل أي دولة، نحن نعلم أن هناك علاقات تاريخية بين الدول الأوروبية والأميركية وأفريقيا. هدفنا ليس إلغاء هذه العلاقات، إنما نجد أن التعاون الصيني الأفريقي يساعد بشكل حقيقي على النمو الإقتصادي ورفع مستوى معيشة الشعب في هذه الدول».

ويشير السفير إلى «النتائج التي حصلت في السنوات الأخيرة من هذا التعاون وهي بناء الطرقات والجسور وسكك الحديد وإنشاء المصانع وزيادة الصادرات، بالإضافة إلى مشاريع البناء وخاصة الفنادق وهناك مجالات كثيرة مثل الموارد الطبيعية كالبترول والغاز وكذلك في موضوع الأمن الغذائي هناك الكثير من الإهتمام للشركات الصينية بالسوق الأفريقية، وبشكل عام فإن التعاون الصيني الأفريقي تعود فوائده إلى الدول الأفريقية التي ترحب بهذا التعاون لأنه يخدم مصالحها ويساهم في رفع مستوى معيشة شعوبها لأن هذا التعاون أو هذه المساعدات من الصين لا تقترن بأي شروط سياسية والقروض الصينية ليست لها شروط سياسية، طبعاً هناك شروط تجارية وهذا أمر طبيعي».

تشجيــع السيــاحة الصينيــة إلى لبنــان يحتــاج إلــى تــرويــج و«حــزمــة» مناسبــة

«إحتكاك» تجاري

وفي موضوع «الحرب التجارية» التي يشنّها الرئيس الأميركي ترامب على الصين وغيرها من البلدان بهدف تصحيح الموازين، كيف ستردّ الصين على هذه الحرب؟ يجيب: «إن الصين هي من دعاة التجارة الحرة في العالم ونحن من المدافعين عن نظام منظمة التجارة العالمية وملتزمون منذ إنضمامنا إلى هذه المنظمة بقواعدها وقوانينها ونحن ندعو جميع الدول الى الإلتزام بهذه القواعد لأننا نؤمن أن أهداف المنظمة وقواعدها مفيدة للعالم أجمع وأن الجميع أستفاد من هذه القواعد حتى الآن».

ويضيف: «ولكنه ظهر في الفترة الأخيرة إتجاه معاكس ومخالف لقواعد منظمة التجارة العالمية، ونعتقد ان هذه التصرفات مضرة بالإقتصاد العالمي ونحن نصف ما يحصل بأنه إحتكاك تجاري ولن يفوز أحد في هذه الحرب التجارية، ونحن متمسكون بطرق التفاوض لحل المشاكل وملتزمون بسياسة الإنفتاح والتجارة الحرة. نحن نؤمن بأن سياسة الإنفتاح هذه سيستفيد منها الجميع وليس العكس ونقولها بصراحة لن يربح أحد هذه الحرب على الصادرات الصينية التي يتخطى حجمها 400 مليار دولار أميركي وإن فرضت الضرائب فصحيح أن الصين ستتضرر من ذلك ولكن المتضرر الأكبر هو المستهلك الأميركي الذي سيرى أن كل المنتجات الصينية الموجودة  في السوق الأميركية إرتفع سعرها وهذا ما يشكل عبئاً إضافياً على المواطن الأميركي .