مصر في مواجهة
"السيناريو المجنون" لنتنياهو

16.02.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

القاهرة- محمود عبد العظيم

تضغط المفاوضات الجارية بالقاهرة بهدف إنجاز صفقة هدنة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل على كافة أجزاء الجهاز العصبي للدولة المصرية ، ذلك لأن فشل هذه المفاوضات يعني بإختصار تغليب سيناريو التصعيد العسكري ليصبح اجتياح الجيش الإسرائيلي لرفح الفلسطينية أمراً وشيكاً وواقعاً ويصبح احتمال اتساع نطاق الحرب ليشمل جبهات عدة في الشرق الأوسط أمراً حتمياً. ذلك لأن اجتياح رفح ودفع نحو 1.3 مليون نازح فلسطيني في اتجاة سيناء المصرية يصعّد من احتمالات المواجهة العسكرية بين مصر وإسرائيل لاسيما مع صدور إشارات ورسائل واضحة من أطراف مصرية مسؤولة منها إمكانية تعليق العمل باتفاقية كامب ديفيد ومنها أن مصر مستعدة لكل الاحتمالات ومنها بالطبع احتمال دفع أهالى غزة المحاصرين إلى اجتياح بوابات الحدود والعبور نحو مناطق آمنة في سيناء.

من هنا جاء تصريح مسؤول الإغاثة بالامم المتحدة معبراً وبدقة عن تعقيد وصعوبة الموقف بالنسبة لمصر عندما قال أن وصول تداعيات الحرب على غزة إلى مصر أصبحت حقيقة ماثلة.

وتتنوع هذه التداعيات بين ماهو اقتصادي واجتماعي وعسكري وسياسي وجيو-استراتيجي لكن الجانب الجيو -الاستراتيجي هو الذي بات أكثر أهمية وخطورة من بقية التداعيات الأخرى التي يمكن تحملها أو استيعاب آثارها بمرور بعض الوقت خاصة الآثار الاقتصادية العنيفة.

فمصر التى تخوض معركة صامتة ضد الأهداف الإسرائيلية منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في 7 اكتوبر الماضي وهي معركة تتمحور حول الحفاظ على المكون البشري للقضية الفلسطينية عبر دعم بقاء الفلسطينيين على أراضيهم بأي ثمن حتى لاتتفرغ القضية من محتواها القانوني والإنساني، سوف تواجه في أي لحظة العديد من التحديات الضاغطة حال تنفيذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسيناريو المجنون باجتياح رفح رغم الإجماع العالمي على رفض هذه الخطوة بما فيها الرفض الأمريكي الواضح ولكن الخجول.

وإذا كانت القاهرة أعلنت مراراً استعدادها لكافة الاحتمالات، فإن السؤال الذي لا تتوافر معلومات كافية للإجابة عليه، هو كيف تتصرف القاهرة حال إقدام نتنياهو على تحدي العالم واجتياح رفح ودفع نحو المليون ونصف المليون فلسطيني لطرق بوابات الحدود المصرية هرباً من فناء مؤكد.

ثم يأتي السؤال الأكثر أهمية وهو ماذا بعد مثل هذه الخطوة الخطيرة على مستقبل الشرق الأوسط بمجمله ومآلات الصراع العربي الإسرائيلي، مع احتمال اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان أو إقدام إسرائيل على ضرب قواعد الحيثيين في اليمن أو نتائج تعليق أو حتى إلغاء إتفاقية كامب ديفيد تحت وطأة ضغوط شعبية قد ترى في السماح بعبور لاجيء غزة إلى سيناء نوع من التفريط في التراب الوطني أو ضعف فى موقف الإدارة المصرية تجاه الغطرسة الإسرائيلية رغم التصنيف العالمي المتقدم جدا للجيش المصري.

لذلك فإن دوائر صنع القرار في الإدارة المصرية اليوم باتت في موقف لاتحسد عليه مع تزايد تعقيد المشهد لاسيما وأن هذه الدوائر ظلت قابضة على الجمر منذ اندلاع الحرب حفاظا على المصالح الوطنية العليا من جهة وتمسكاً بالواجب القومي والتاريخي لمصر تجاة الفلسطينيين وقضيتهم.

تداعيات إقتصادية

أما على الصعيد الاقتصادي فإن مثل هذا التصعيد سوف تكون له آثار وخيمة أقلها فقدان قناة السويس لمعظم مواردها الدولارية واضطرار الحكومة المصرية إلى الإسراع بتنفيذ إجراءات إقتصادية مؤلمة في مقدمتها خفض قيمة الجنية بما يحمله ذلك من نتائج على التضخم والاستقرار الإجتماعي وتزايد الضغوط المعيشية على ملايين المواطنين .

وإذا كانت مصر تتحمل حاليا تكلفة 70 % من قوافل الإغاثة التى تعبر بوابة رفح إلى الفلسطينيين حسبما صرح رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي بما لذلك من آثار على أسعار بعض السلع في الداخل المصري ومدى توفر بعضها فأنه من الصعوبة بمكان احتمال تدبير مصادر إعاشة لهؤلاء الذين قد يعبرون اضطراراً الحدود الأمر الذي من شأنه أن يزيد الموقف الاقتصادي الصعب فى مصر تعقيداً.

خلاصة القول أن الخيارات أمام صانع القرار المصري تضيق كل يوم بل كل ساعة لكن يبقى التحدي الأكبر هو قدرة صانع القرار على التمسك بالثوابت الوطنية المصرية والحفاظ على المصالح العليا وسط أنواء هذه العاصفة التى لم يكن يتوقعها أحد فى هذا التوقيت البالغ الحساسية والخطورة.