ليس بالإنفعال
تحل أزمة النازحين

03.05.2023
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

ليس بالإنفعال ولا بالتوصيفات العنصرية ولا بلغة الحقد والالغاء والاقصاء تحل مشكلة النازحين السوريين. حلول كهذه من شانها ان تدفع بهذه المشكلة الصعبة والمعقدة أصلاً الى متاهات اكثر خطورة ، ولن تأتي بحل ، لا بل بعقدة إضافية.

ملف النزوح السوري من أكثر الملفات سخونة، ويزيد من سخونته الانقسام السياسي الحادّ في وجهات النظر منذ عام 2011، بين اللبنانيين، بين من يعارض النزوح السوري الى الأراضي اللبنانية وبين من يتحفظ عليه ويسايره، ويصير اكثر تعقيداً مع استمرار الانهيار العام في الدولة اللبنانية بفعل الازمات المتشابكة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المعيشية، حيث يحلو لبعض اللبنانيين رمي كل أعباء المصيبة اللبنانية على كاهل النازحين، اذ يجري تحميلهم مسؤولية الازمة المالية والبطالة والاختناق السكاني وترهل البنى التحتية ومشكلة المدرسة والصحة والتعليم وتدني الأجور وهجرة الشباب اللبناني .

لا شك في ان عدم إيجاد حلول وإجراءات فعالة للحد من الآثار السلبية للنزوح سيفاقم المشكلات اللبنانية اكثر واكثر ويزيد الأعباء والاثقال، وقد يدفع نحو انفجار امني لا احد يريده ولا احد يتمناه سوى بعض المغامرين العنصريين الذين يسلكون سلوكاً لا شأن له بالانسانية. وهذا ما دفع ببعض اللبنانيين الى استرجاع ما حدث في سبعينات القرن الماضي عندما ارتفعت حدة التعبئة ضد الفاسطينيين الذين لم يتوانوا أيضاً عن ارتكاب الأخطاء، مما فجر حرباً أهلية دمرت الوطن ولانزال ندفع اثمانها الكبيرة حتى اليوم.

الحذر واجب لاسيما من محاولات بعض من في الخارج وفي الداخل، من اصحاب الغايات والمآرب التي تنوي النيل من لبنان وهويته وتركيبته السكانية ودوره وميزته الفريدة.   

الطريق الصحيح لحل هذه المشكلة يبدأ من وضع سوريا على سكة الحل السياسي الذي طال انتظاره. ومعظم النازحين الذين جاؤوا الى لبنان او غيره لم يفعلوا ذلك بملء ارادتهم وبقاؤهم خارج ديارهم تحتمه ظروف مختلفة امنية او اقتصادية او معيشية، مثلهم في ذلك مثل آلاف  العائلات اللبنانية التي دفعتها ازمة البلد الى الخارج.

لكن لا بوادر لحل قريب في سوريا، وحتى لو جاء هذا الحل فانه لن يعيد اعداداً كبيرة من السوريين الى ديارهم ولاسيما منهم الذين نجحوا في تأمين ظروف حياتية مستقرة وتعبئة الفراغ الذي خلفته هجرة الشباب اللبنانيين. مع التذكير بان الوجود السوري في لبنان قديم العهد وسابق للحربين اللبنانية والسورية، وكان هذا الوجود عنصراً فاعلاً في تنشيط الحياة الاقتصادية والعمران اللبناني.

وفي انتظار الحلول الكبرى لا بد من التفتيش عن حلول جزئية للتخفيف من حدة الأزمة عبر اجراء محادثات جدية مع الجانب السوري من اجل تبني سياسات مقبولة توفر الأمن لبعض العائدين الى مناطق سيطرة الحكومة، وعدم إبقاء الأبواب اللبنانية مشرعة من دون قيود او شروط، واتخاذ اجراءات فعالة لضبط فوضى الحدود وملاحقة المتاجرين بالنازحين وهم كثر ومعروفون، وضبط فوضى المخيمات والعمالة السورية وفرض ضريبة الدخل على العاملين السوريين مثلهم في ذلك مثل اللبنانيين وتحديد حد ادنى مقبول لجميع العاملين على الأرض اللبنانية دون استثناء. والامر الآخر الملح، هو مصارحة المجتمع الدولي الذي يصر على الإبقاء على النازحين في أماكن وجودهم، مصارحة الند للند من منطلق الوطنية اللبنانية، لا من موقع الذي ينتظر شروط الخارج لتطبيقها حرفياً لحسابات ضيقة وفئوية وانانية.   

  الى ذلك لابد من مؤتمر وطني تشارك فيه كل القوى السياسية والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والمعنيين بحقوق الانسان من اجل وضع خطة يقبل بها الجميع وترعي المصالح الوطنية وتحول دون جر اللبنانيين الى خنادق جديدة ومعارك مجانية خدمة للآخرين.  

لكن طبعاً لو كان المسؤولون اللبنانيون معنيين بشؤون البلد والعباد لكانوا سارعوا الى انتخاب رئيس جديد أولا وقبل أي شيء.