نظام التعليم في لبنان
يقاوم التردي الاقتصـادي

27.11.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

حمل تقرير التنافسية الدولية السنوي للبنان نبأً أثار على الفور حماس اللبنانيين واعتزازهم بالبلد، إذ وضع التقرير لبنان في المرتبة الرابعة عالمياً في تعليم العلوم والرياضيات مما جعله بذلك متقدماً على دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان والعديد من الدول المتقدمة، كما وضع التقرير لبنان في المرتبة العاشرة عالمياً من حيث نوعية التعليم بصورة عامة. 

اللبنانيون الذين يعيشون حال إحباط من الشلل السياسي والجمود الاقتصادي ومن تخلف وفساد الطبقة الحاكمة سارعوا إلى نشر الخبر والتعليق عليه وهم اعتبروه دلالة على أن لبنان الأهلي بمؤسساته التعليمية العريقة يثبت أنه ما زال يحتوي على طاقات كبيرة وأنه متقدم جداً على الطبقة السياسية والنظام المتخلف للحكم والإدارة الحكومية. 

يبقى القول إن الترتيب المشار إليه ليس ترتيباً أكاديمياً على نسق الترتيب الدولي للجامعات الذي يصدر عن بعض المؤسسات العالمية، بل هو مبني على استفتاء 48 شخصية لبنانية من أوساط الأعمال والصناعة والمال طلب منها الإجابة على أسئلة يقيّمون من خلالها مختلف جوانب النظام التعليمي في لبنان، ولهذا السبب بادر بعض المعلقين إلى التقليل من أهمية الترتيب ونشر أحد المواقع مقالاً لأحد المتابعين لقطاع التعليم أبرز فيه مؤشرات دولية مختلفة تضع قطاع التعليم في لبنان في مرتبة أدنى من تلك التي منحها تقرير المنتدى الاقتصادي الدولي للبنان. وحسب الكاتب المذكور فإن تقرير منظمة اليونسكو للعام 2010 وضع نوعية النظام التعليمي في لبنان في المرتبة 70 عالمياً وذلك بالاستناد إلى جملة من المعايير المتبعة من المنظمة. واعتبر بعض منتقدي ترتيب المنتدى الاقتصادي الدولي أن القادة التنفيذيين الـ 48 درسوا على الأرجح في معظمهم في مدارس خاصة ذات مستوى عال وانتقلوا بعدها إلى إحدى الجامعات الكبرى العريقة وبالتالي فإنهم عندما أجابوا على أسئلة واضعي التقرير كانوا متأثرين بتجربتهم الخاصة التي لا تعكس بالضرورة الوضع العام للتعليم في لبنان خصوصاً التعليم الرسمي وجزء مهم من التعليم الخاص، واعتبر هؤلاء أن الاحتفال بالترتيب المتقدم الذي حصل عليه لبنان ربما خلق حالة إكتفاء زائفة تصرف الرأي العام وواضعي السياسات عن المشكلات الكبيرة التي يعاني منها قطاع التعليم في لبنان. 

الحقيقة هي أن ترتيب لبنان في مجال تعليم العلوم والرياضيات يقع في منزلة بين المنزلتين، أي أن الترتيب المتقدم الذي بني على تقييم القادة التنفيذيين يكتسب قدراً من المصداقية لأنه يأتي من أشخاص يتعاملون مع سوق العمل ومع نظام التعليم على أساس يومي، وهذا التقييم الإيجابي تدعمه الصورة المتداولة في المنطقة العربية عن المستوى التعليمي الرفيع للخريجين اللبنانيين والذين تتهافت الشركات في الداخل وفي المنطقة على استخدامهم لهذا السبب بالذات. بالمعنى نفسه، فإن التقييم المقارن لأداء نظام التعليم في البلدان الأخرى بني أيضاً على رأي القادة التنفيذيين في تلك البلدان مما يعني أن المعيار لم يختلف وأنه من الصعب القول إن التنفيذيين اللبنانيين وحدهم أظهروا تقييماً منحازاً لبلدهم. من جهة ثانية، فإن من الممكن القول إن التقييم المتقدم لتعليم العلوم والرياضيات في لبنان يتناول شريحة وإن كانت كبيرة من مؤسسات التعليم الخاص في لبنان وكذلك قسماً مهماً من مؤسسات التعليم الرسمي التي تتفاوت في الأداء لكنه لا يمثل على الأرجح قطاع التعليم بكامله.  

لكن بينما يبرز  نظام التعليم في لبنان في مراتب الصدارة في العالم فإن تقرير التنافسية الدولية الصادر عن المؤسسة نفسها (منتدى الاقتصاد الدولي)  وضع لبنان في المرتبة 105 على لائحة 137 دولة شملها الترتيب مما يجعله متأخراً عن دول مثل كينيا التي احتلت الترتيب 91 وسريلانكا (85)  وألبانيا (75) والأردن (65) ورواندا (58)  والهند (40).