العرب في اجتماعات البنك الدولـي وصندوق النقد
الوصفـة الجـديـدة Fintech

02.11.2018
رئيس البنك الدولي متوسطاً الوزيرتين د.سحر نصر (مصر) ود.ماري قعوار (الأردن)
وزير المالية الأردني د.عز الدين كناكرية
وزير الدولة بوزارة المالية السودانية د.مسلم أحمد الأمير ووزير الدولة للشؤون المالية الإماراتي عبيد حميد الطاير
وزير المالية السعودي محمد الجدعان
من اليمين محافظ ساما د.أحمد الخليفي ووزير مالية البحرين الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة
محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج
وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التونسي زياد العذاري
وزير المالية الجزائري عبد الرحمن راوية
وزير المالية القطري علي شريف العمادي ووزير المالية الكويتي د. نايف الحجرف
من اليمين محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل ومحافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني ورئيس QNB علي الكواري
محافظو البنوك المركزية المغاربية، من اليمين: محمد لوكال (الجزائر)، عبد اللطيف الجواهري (المغرب)، مروان العباسي (تونس)، عبد العزيز ولد الداهي (موريتانيا)، الصديق عمر الكبير (ليبيا)
الوفد الفلسطيني برئاسة المحافظ عزام الشوا مجتمعاً مع IFC
من اليمين عميد المديرين التنفيذيين في البنك الدولي د.ميرزا حسن ومدير عام وزارة المالية اللبنانية آلان بيفاني ووزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي
وزير المالية المصري د.محمد معيط ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولي د.سحر نصر
وزير المالية المغربي محمد بنشعبون
والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري
وزير التخطيط اليمني د.محمد السعدي
من اليمين مدير عام الدائرة القانونية بالصندوق السعودي للتنمية محمد الجنيدل ورئيس صندوق أوبك للتنمية سليمان الحربش ورئي
د.جهاد أزعور متوسطاً نائب حاكم مصرف لبنان د.سعد عنداري وأمين عام جمعية المصارف د.مكرم صادر
فريد بلحاج
الرئيس التنفيذي لصندوق الإحتياطي العام للدولة عبد السلام المرشدي والرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني طاهر بن سالم العمري
رئيس صندوق النقد العربي د.عبدالرحمن الحميدي ورئيس الأسواق المالية العربية في الصندوق يسر برنيه
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
مروان النمر

إلى الإصلاحات الهيكلية، وضبط المالية العامة، وتحفيز بيئة الاستثمار، وتفعيل دور القطاع الخاص ولاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وضرورة القيام بمشاريع إقليمية تكاملية، والنمو الإحتوائي الذي لم «تهضمه» الكثير من الدول حتى الآن، أضاف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، خلال الاجتماعات السنوية في بالي، وصفتين جديدتين للدول العربية لتحقيق النمو وتوفير فرص العمل، أولهما الانتقال نحو الاقتصاد الرقمي الجديد وانتهاز فرصة التكنولوجيا المالية (Fintech) ، وثانيهما التركيز على تنمية رأس المال البشري، مع الإقرار بالفرق بين معدلات النمو وتحقيق التنمية بفعل «صدمة الربيع العربي»، حيث كانت الدول الأكثر إمتثالاً لوصفات البنك والصندوق الإصلاحية هي التي تصدّرت مشهد الأحداث.

من جهتها، تمحور نشاط الدول العربية في الاجتماعات على التنويه بالنتائج الملموسة للإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تشهدها معظم الدول، وتحديد المعوقات والتحديات التي تواجه تطبيق سياسات النمو الإحتوائي وتنفيذ الإصلاحات والبحث مع البنك والصندوق في سبل مواجهتها، وآليات المساعدة المرتقبة من المؤسستين في مجاليّ تنمية رأس المال البشري وولوج التكنولوجيا المالية  (Fintech) فضلاً عن توقيع العديد من الاتفاقات لقروض تنموية وبرامج دعم فني جديدة.

«الاقتصاد والأعمال» واكبت الحضور العربي في اجتماعات بالي، وعادت بالتقرير التالي عن التوجهات العامة في دول المنطقة وعن كل دولة، وذلك بالإستناد إلى التقارير الصادرة عن المؤسستين وعن حوارات مباشرة مع كبار المسؤولين.

الصندوق: الأجواء مُلبّدة

البداية من نظرة صندوق النقد الدولي لآفاق النمو في العالم العربي، حيث قلّص توقعاته لنمو إقتصادات المنطقة خلال العامين المقبلين، مشيراً إلى «غيوم مُلبّدة في الأفق وتُنذر بالعاصفة». من أبرز أسبابها؛ بحسب مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى د. جهاد أزعور: «التوتر التجاري الدولي، وعدم استقرار أسواق المال وأسعار الفائدة العالمية، وعودة العقوبات الأميركية على إيران، واستمرار تبعات التوترات والصراعات وإرهاصات «الربيع العربي» على العديد من دول المنطقة، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط الذي سيؤثر إيجاباً على الدول المُصدّرة وبالعكس على المُستوردة، فكل ارتفاع بمقدار عشرة دولارات يؤثر سلباً بنسبة 0.8 في المئة على الناتج المحلي الإجمالي للأخيرة».

ويوضح أن «توقعات نمو المنطقة تراجعت بنحو 1.1 في المئة للعام الحالي إلى 2.4 في المئة، بعد أن كانت التوقعات منتصف العام تشير إلى نمو بنسبة 3.5 في المئة للعام 2018، كما خفّض الصندوق توقعات النمو للعام المقبل إلى 2.7 في المئة من 3.9 في المئة».

ويصف أزعور آفاق النمو في المنطقة بأنها «متفاوتة وهشّة ومتواضعة»، حيث سيبلغ النمو في الدول المنتجة للنفط 2.4 في المئة للعام 2018 و 2.8 في المئة العام 2019 و3.6 في المئة للفترة 2013-2020، في حين يُتوقع أن يبلغ في الدول المستوردة للنفط 4.2 في المئة للعام الحالي و3.8 في المئة العام المقبل، بينما كانت التوقعات منتصف العام الحالي تشير إلى نمو هذه الدول بنسبة 4.7 في المئة للعام 2018 و5 في المئة العام 2019.

البنك: نمو غير مُرضٍ

يتوقع البنك الدولي أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2 في المئة نهاية العام الحالي، من 1.4 في المئة للعام 2017. ووفقاً لنائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، فإن «هذا الانتعاش المعتدل يعكس التأثير الإيجابي للإصلاحات التي اتخذتها العديد من بلدان المنطقة بموازاة الارتفاع الأخير في أسعار النفط، وسيستفيد مُصدّرو النفط بشكل كبير من ارتفاع الأسعار والطلب الذي يُحتمل أن يظل مرتفعاً، كما سيستفيد مُستوردو النفط من التدفقات المالية من مُصدرّي النفط رغم أنه سيخلق ضغطاً على ميزانياتهم»، متوقعاً أن «يتحسن النمو الاقتصادي في المنطقة بشكلٍ متواضع ليصل إلى 2.8 في المئة للعامين 2019 و2020، لكنه يبقى غير مُرضٍ ولا يحقق الأهداف المرجوة ولاسيما لناحية خلق فرص العمل للشباب». 

ويوضح بلحاج أن «الالتزامات المالية من مجموعة البنك الدولي تجاه الدول العربية تجاوزت الستة مليارات دولار خلال العام 2018 وهو رقم قياسي جديد، وسيستمر بالارتفاع خلال الأعوام المقبلة، كما سنستمر بالتركيز على دعم القطاع الخاص بإعتباره المحرك الرئيسي للنمو المستدام».

الأردن: قانون الضريبة

حاز الأردن على دعم جديد من البنك الدولي هو عبارة عن تمويل ميسّر بقيمة 500 مليون دولار، يهدف الى مساعدة الحكومة الجديدة في الإصلاحات الجارية لتحسين الاقتصاد ومناخ الأعمال، وتعزيز إمكانية حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التمويل وخلق المزيد من فرص العمل، وتوسيع نطاق برنامج التحويلات النقدية التابع لصندوق المعونة الوطنية لتغطية 85 ألف أسرة إضافية، في حين ربط صندوق النقد الدولي تحويل دفعات مالية جديدة للأردن بموجب برنامج الاستعداد الائتماني المتفق عليه سابقاً والبالغة قيمته 515 مليون دولار (حصل منها الأردن حتى الآن على 142 مليوناً)، بإقرار قانون ضريبة الدخل الجديد الذي أحالته الحكومة على البرلمان مؤخراً، ويتضمن توسيع قاعدة الأفراد الخاضعين لضريبة الدخل وزيادة مقدار الضريبة على عدد من القطاعات.

وتمثّل الأردن في الاجتماعات بوزير المالية د. عز الدين كناكرية، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي د. ماري قعوار، ونائب محافظ البنك المركزي د. عادل شركس.

وشهد الأردن نمواً في الناتج المحلي بنسبة 2 في المئة العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر دعم قطاع الخدمات للاقتصاد إذ واصل قطاع السياحة تعافيه القوي حيث زادت عائداته بنسبة 15 في المئة في النصف الأول لعام 2018، إلاّ أن التراجع في عمليات إصدار تراخيص البناء والضعف المتوقع في الاستهلاك العام والخاص يشكلان مخاطر مباشرة لتراجع النمو الاقتصادي، ومن المتوقع أن يحقق الأردن نمواً طفيفاً على المدى المتوسط بواقع 2.1 في المئة (2018)، و2.3 في المئة (2019)، و2.4 في المئة (2020).

الإمارات: تقدُّم... وتضخُّم

ترأس وزير الدولة للشؤون المالية الإماراتي عبيد حميد الطاير الاجتماع التنسيقي للمجموعة العربية مع مديرة الصندوق الدولي كريستين لاغارد، حيث شدد على ضرورة دعم الصندوق لخطط النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتوفير الدعم في مجالات الإدماج المالي والإستفادة من التقنيات في الخدمات المالية، مطالباً الصندوق بتوفير المزيد من المساندة لدول المنطقة المتأثرة بالصراعات السياسية، وأيضاً الدول المتأثرة بأزمات اللاجئين لمعالجة الآثار المتأتية على اقتصاداتها.

ولفت إلى ضرورة مواصلة دول المنطقة العمل على بناء الحواجز والاحتياطات المالية العامة وتحسين القدرة على إدارة الديون، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لرفع الإنتاجية بما في ذلك رفع الاستثمار في البنى التحتية بمختلف أنواعها وفي مقدمها الرقمية، حيث تتطلب المرحلة الراهنة تنفيذ سياسات التحوط المالي وتعزيز الأنظمة المالية، كما يتوجب على صندوق النقد الدولي مواصلة العمل لرصد مستويات السيولة المحلية، وذلك لإحتواء أي تهديد للإستقرار المالي قد ينجم عن خلل في الأمن «السيبراني» أو في تكنولوجيا الخدمات المالية.

وثمّن الطاير، بإسم المحافظين العرب، جهود الصندوق في تعزيز التعاون والتنسيق للحدّ من التهرب الضريبي، مؤكداً على ضرورة تسريع الإصلاحات التي تهدف إلى تطوير العنصر البشري وتمكين الشركات من الحصول على التمويلات المالية، وفي مقدمها قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يعزز بيئة الأعمال ويرفد جهود التنويع الاقتصادي، ويخلق المزيد من فرص العمل.

وتراجع نمو الناتج المحلي في الإمارات بشدة من 3 في المئة في 2016 إلى 0.8 في المئة في 2017، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 2 في المئة للعام 2018، مدفوعاً بزيادة إنتاج النفط وارتفاع الأسعار، على أن يصل النمو إلى 3.2 في المئة العام 2020 مترافقاً مع ارتفاع معدل التضخم إلى 4.2 في المئة في 2018 قبل أن يتراجع إلى 2.5 في المئة في حلول العام 2020 مع تضاؤل أثر ضريبة القيمة المضافة.

البحرين: رأس المال البشري 

يؤكد وزير المالية البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن اقتصاد بلاده يسير بشكل جيد، مُنوّهاً بأن البحرين تستهدف إنفاقاً يضيف المزيد من فرص العمل وبالتالي لا تركّز على حجم الإنفاق فقط، بل على تحقيق الكفاءة من وراء هذا الإنفاق، لافتاً إلى أن بلاده تستهدف تحقيق التوازن المالي في 2022 حيث تمّ البدء في تقليل العجز وزيادة الإنتاجية وتغيير قواعد اللعبة من خلال الاستثمار.

وفي مناسبة حصول البحرين على المركز الأول عربياً وفق مؤشر رأس المال البشري الصادر عن البنك الدولـي، يرى آل خليفة أن هذا الإنجاز ناجم عن سياسة ممتدة لعقود طويلة محورها الاهتمام بالعنصر البشري والدعم المستمر لقدراته ومهاراته.

ونوّه الوزير البحريني، بإسم المجموعة العربية خلال اجتماعات لجنة التنمية، بمشروع مجموعة البنك الدولي حول رأس المال البشري بإعتباره نقطة انطلاق لتعزيز الاستثمار في العنصر البشري مع ضرورة تطوير مكونات المؤشر مع مرور الوقت بحيث يكون أداة قياس ذات مصداقية عالية تعكس الوضع الفعلي على أرض الواقع، مشيراً إلى أن استخدام 60 في المئة من سكان المنطقة العربية للهواتف المحمولة يجعل من التكنولوجيا المالية (Fintech) فرصة مهمة لتعزيز نفاذ المستهلكين إلى الخدمات المالية وتوسيع نطاقها لتشمل شرائح سكانية أكبر.

وشهد الناتج المحلي في البحرين نمواً بنسبة 3.9 في المئة العام 2017، مدفوعاً بمشروعات البناء الضخمة قيد التنفيذ، لكن المخاطر المتزايدة المرتبطة بالعجز الكبير في الحساب الجاري والمالية العامة أثارت ردود فعل قوية في السوق في النصف الأول من العام 2018، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد البحريني بنسبة 3.2 في المئة في 2018 و2.6 في المئة في 2019، مدفوعاً بإرتفاع إنتاج النفط ومجموعة من المشاريع الضخمة، أبرزها الزيادة المقررة في طاقة شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) بأكثر من 50 في المئة، والدعم الخليجي المستمر.

تونس: إستعادة العافية

وافق صندوق النقد الدولي على منح تونس القسط الرابع (بقيمة 245 مليون دولار) من القرض المتفق عليه والبالغة قيمته الإجمالية 2.9 مليار دولار ويمتد من العام 2016 إلى 2020، وبذلك تكون تونس حصلت حتى الآن على نصف مبلغ القرض أي 1.45 مليار دولار، وتمهد هذه الموافقة لبيع سندات بقيمة مليار دولار قبل نهاية العام الحالي مشروطة بموافقة الصندوق.

ويأتي ذلك بالتزامن مع حصول تونس على قرض من البنك الدولي بقيمة 500 مليون دولار سيخصص لدعم ميزانية البلاد واحتياطاتها من النقد الأجنبي. 

ويشير وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري إلى أن صندوق النقد طالب تونس بإيجاد حلول سريعة لفاتورة دعم المحروقات، وتراجع قيمة الدينار التونسي، والبحث عن سياسات اقتصادية مجدية لمجابهة العجز المتزايد على مستوى الميزان التجاري، والتحكم في نسبة التضخم مع المحافظة على نسق النمو، متوقعاً أن يستعيد الاقتصاد التونسي عافيته، إذ من المنتظر أن يسجل نمواً بنسبة 2.9 في المئة مع نهاية العام الحالي على أن تتراوح هذه النسبة ما بين 3 و3.5 في المئة للعام 2019. وتسعى الحكومة الى التحكم بنسبة العجز على مستوى الميزانية والنزول بها من 4.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي إلى 3.9 في المئة العام 2019.

ووفق البنك الدولي، يكتسب النمو الاقتصادي في تونس ببطء قوة دافعة، فبعد أن سجل انتعاشاً طفيفاً إلى 2 في المئة العام 2017، يُتوقع أن يبلغ 2.4 في المئة للعام 2018، مدعوماً بقطاعات الزراعة والسياحة والصناعات التحويلية الموجهة للتصدير، ولاسيما الصناعات الكهربائية والميكانيكية، على أن يصل إلى مستوى إمكاناته المتاحة والبالغة نحو 3.4 في المئة على المدى المتوسط في ظل تحسن مناخ الأعمال نتيجة للإصلاحات الهيكلية وتحسن الأوضاع الأمنية والاستقرار الاجتماعي. 

يُذكر أنه تمّ إختيار تونس، إلى جانب أربع دول أُخرى، لتقديم تجربتها في «قمة رأس المال البشري» على هامش الاجتماعات، حيث أكّد العذاري على تبني بلاده لمبادرة البنك العالمي بإطلاق مؤشر جديد لرأس المال البشري، وإلتزامها بالتفاعل معه وحرصها على توفير متطلبات النهوض بمواردها البشرية من خلال إقرار الإصلاحات الضرورية في المجالات ذات الصلة كالطفولة والمرأة والتعليم.

الجزائر: تخفيف الضبط

يجزم وزير المالية الجزائري عبد الرحمن راوية بأن الحكومة ملتزمة بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، وهناك العديد من المشاريع الجاري إنجازها سيكون لها أثر إيجابي على ديناميكية الاقتصاد الجزائري، كما إن الجهود لا تزال متواصلة من أجل التحصيل الأمثل للضرائب وتحسين الأجهزة لتشجيع الاستثمار، إضافةً إلى تنويع المنتجات البنكية من أجل شمولية مالية أوسع.

وخلال اجتماعه مع نائب الرئيس للبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، تمّ إستعراض واقع وآفاق التعاون بين الطرفين، حيث أكّد بلحاج ارتياحه لطبيعة الشراكة مع الجزائر، واستعداد البنك لتقديم دعمه لمرافقة جهود الحكومة في التطور الاقتصادي، في حين تركزت اجتماعات راوية مع مسؤولي صندوق النقد الدولي على تعزيز التعاون في مجالات الجباية الضريبية وإدارة مخاطر الميزانية وتحديث الإدارة الجمركية.

تجدر الإشارة إلى أنه في أعقاب تباطؤ قوي في نمو الاقتصاد الجزائري في النصف الأول من العام الماضي، عمدت الحكومة إلى تخفيف وطأة برنامج ضبط أوضاع المالية العامة في الربع الأخير من العام 2017 والنصف الأول من العام 2018، وتزامن ذلك مع زيادة حادة في أسعار النفط، مما سينجم عنها نمو الناتج المحلي بنسبة 2.5 في المئة العام 2018 مقابل 1.6 في المئة في 2017.

السعودية: التوازن المالي

ضمّ الوفد السعودي إلى الاجتماعات كُلاًّ من: وزير المالية محمد الجدعان، وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) د. أحمد الخليفي، والعضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية د. خالد الخضيري.

واستعرض الجدعان، الذي اختير أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، خلال اجتماع اللجنة النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، واجتماع لجنة التنمية التابعة للبنك الدولي آخر تطورات الاقتصاد السعودي، مشيراً إلى التقدم الملحوظ في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الواسعة النطاق، والمتزامنة مع ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، لافتاً إلى تحسن أداء المالية العامة مع الانخفاض الملحوظ في مستويات العجز إلى جانب الجهود الرامية لخلق المزيد من الفرص الوظيفية وتحسين بيئة الأعمال.

ويعتبر الجدعان أن قيام صندوق النقد الدولي برفع تقديراته لمعدلات نمو الاقتصاد السعودي (سينمو 2.2 و2.4 في المئة على التوالي للعامين 2018 و2019)، يبرهن على الفاعلية والأثر الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية والتدابير المالية التي تنفذها الحكومة وفق برنامج تحقيق التوازن المالي في إطار رؤية المملكة 2030، موضحاً أن استراتيجية المالية العامة تسهم في خفض معدلات العجز وتدعم استدامة المالية العامة وتطوير أساليب الدعم والإنفاق الاجتماعي وتحديث البنية التحتية وتحفيز القطاع الخاص وتطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية وأنشطة جديدة.

وتعهّد وزير المالية بأن المملكة ستنهي عجز الميزانية البالغ 39.5 مليار دولار هذا العام في حلول العام 2023، من خلال إصلاحات تشمل الضرائب والرسوم وتخفيضات الدعم وإجراءات لترشيد الإنفاق، لكنه يوضح أنه «حتى بعد العام 2023، فإن الحكومة لن تهدف بالضرورة إلى ميزانية متوازنة كل عام إذا كانت أسعار النفط متقلّبة، وبدلاً من ذلك فإنها ستنهي العجز محسوباً على أساس فترة من الأعوام، ففي بلد ما زلنا نعتمد فيه بكثافة على إيرادات سلعة أساسية واحدة (النفط) وهي متقلبة جداً، لا يمكن تحقيق توازن في الميزانية كل عام. نحن نريد التأكد أن لدينا ميزانية متوازنة على المدى المتوسط، لكن لا مانع بأن يكون هناك عجز إذا كان ذلك يعني دعم النمو والقطاع الخاص والخدمات المقدمة للمواطنين والاستثمار في البنية التحتية».

وفي ما يتعلق بنشر صندوق النقد الدولي لتقرير بشأن قواعد محتملة قد تتبناها السعودية لتنظيم ميزانيتها في الأجل الطويل، وهي قيود مصممة لجعل مالية الدولة مستدامة بصرف النظر عن أسعار النفط، يكشف الجدعان أن «الحكومة تدرس هذه القواعد لكن ليست لديها النية لتبنيها حالياً، إذ تريد أن تكون قادرة على الاستجابة بمرونة للظروف الاقتصادية ونحن نجري محادثات مع صندوق النقد وآخرين، إنما لا نرغب حالياً، على الأقل هذا العام والعام المقبل، بأن تصبح هذه القواعد قانوناً لكن، في المقابل، فإن الحكومة ملتزمة بالفعل ببعض معايير الإنفاق بحيث إن الدين العام لن يتجاوز 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي كما ستبقي زيادات الإنفاق في الميزانية عند نحو 5 في المئة من الخطة الأصلية، بالمقارنة مع 20 إلى 25 في المئة في السابق».

السودان: الإصلاح مجدداً

تعهد البنك الدولي وصندوق النقد بتقديم المساعدات الفنية للسودان لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت الحكومة المشكّلة حديثاً تنفيذه للحيلولة دون تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية في البلاد، حيث يعاني السودان معدلات تضخم متفاقمة وتدهوراً في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية مع شح واضح في السيولة بالقطاع المصرفي.

ويفصح رئيس الوفد السوداني إلى الاجتماعات وزير الدولة في وزارة المالية د. مسلم أحمد الأمير بأنه عرض خلال لقائه مسؤولي البنك والصندوق ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) لبرنامج السودان الإصلاحي الذي يتضمن إنشاء آلية «صناع السوق» لتحديد سعر حرّ لصرف الدولار مقابل الجنيه السوداني، بمحاولة للسيطرة على السوق الموازية لتداول العملات، بالإضافة الى تحسين تنافسية الصادرات وترشيد الاستيراد وتقديم المزيد من الحوافز لاستكشاف واستخراج تجارة الذهب، كما تمّ التركيز على أهمية استعادة علاقات المصارف السودانية بالبنوك المراسلة الدولية وأكّد البنك والصندوق إلتزامهما بالعمل على زيادة فرص السودان في الحصول على المزيد من المنح لتنمية القطاع الاجتماعي خصوصاً في مجالات التعليم والصحة ومياه الشرب وتحسين مؤشرات رأس المال البشري، إضافةً إلى المساعدات الفنية وبناء القدرات في مجالات تحسين الإيرادات وتطوير نظام التحصيل والدفع الإلكتروني ورفع كفاءة إدارة الإنفاق العام والانتقال الى المرحلة الثانية لنظام حساب الخزانة الواحد والشمول المالي.

إلى ذلك، إتفق السودان مع الصندوق الكويتي للتنمية على أهمية إزالة المعوقات التي تواجه سير تنفيذ المشروعات الممولة من الصندوق في السودان، ومع صندوق النقد العربي على زيادة برنامج تمويل التجارة الذي يقدمه الصندوق، ومع البنك الإسلامي للتنمية على تسريع الجهود لتوقيع الاتفاقية الخاصة لدعم عملية التمكين الاقتصادي في السودان، وتعجيل سداد الدفعات اللازمة لاستمرار المشاريع المشتركة، وتقديم مساعدات فنية في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما تمّ مع الصندوق السعودي للتنمية استعراض برنامج تمويل التجارة السعودي الذي استفاد منه السودان لتوفير السلع الاستراتيجية والمدخلات الزراعية خلال أزمته الاقتصادية وحدوث شح في الوقود والخبز منتصف العام الحالي. 

العراق: المهمة الصعبة

يرى البنك الدولي أن الوضع الاقتصادي في العراق يتحسن تدريجياً بعد الضغوط الاقتصادية الشديدة التي شهدها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لكن تبدأ الآن المهمة الصعبة المتمثلة في إعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات وفرص العمل. ويقدر البنك تكلفة إعادة الإعمار بنحو 88 مليار دولار، متوقعاً أن يرتفع نمو الناتج المحلي إلى 6.2 في المئة العام 2019 بدعم من ارتفاع إنتاج وأسعار النفط، كما يُنتظر أن يظل النمو غير النفطي إيجابياً على خلفية ضخ الاستثمارات الحكومية اللازمة لإعادة بناء شبكة البنية التحتية وزيادة الاستثمار الخاص وارتفاع الاستهلاك ،في حين يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو الاقتصاد العراقي إلى 6.5 في المئة العام 2019، مقابل 1.5 في المئة للعام 2018، وأن يستقر معدل التضخم عند 2.2 في المئة للعامين الحالي والمقبل.

عُمان: تنويع الدخل

شاركت السلطنة في الاجتماعات بوفدٍ ضمّ الوزير المسؤول عن الشؤون المالية درويش بن اسماعيل البلوشي، والرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني

طاهر بن سالم العمري، والرئيس التنفيذي لصندوق الاحتياطي العام للدولة

عبد السلام بن محمد المرشدي.

ويُنوّه العمري بأن «إجمالي الناتج المحلي العُماني ارتفع من 3.5 مليارات ريال عُماني العام 1990 إلى 28.5 مليار للعام 2017، لكن الأهم أن نسبة الأنشطة غير النفطية، ولاسيما الصناعة والتجارة والخدمات أصبحت تشكل نحو 70 في المئة من الناتج المحلي مقابل 30 في المئة للنفط والغاز».

ووفقاً للبنك الدولي، إنكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي العُماني بنسبة 0.9 في المئة العام 2017، منخفضاً من 5 في المئة للعام 2016. ففي العام الماضي إلتزمت عُمان بإتفاق «أوبك +»، فكانت النتيجة إنكماشاً بنسبة 2.7 في المئة في القطاع الهيدروكربوني، لم يعوضه إلاّ بشكل جزئي النمو الذي تحقق بنسبة 0.4 في المئة في قطاع مصائد الأسماك. وعلى جانب الإنفاق، جاء الإنكماش الكلي مدفوعاً بضعف الاستهلاك العام والاستثمارات العامة وزاد التضخم بنسبة طفيفة من 1.1 في المئة إلى 1.6 في المئة بفعل إرتفاع أسعار الوقود وكلفة الإسكان.

ويُتوقع أن يتعافى نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي العُماني إلى 2.8 في المئة على المدى المتوسط، بفضل ارتفاع الإنتاج من حقل خزان للغاز، وإنهاء اتفاق «أوبك +»، والدفعة المحتملة من استثمارات التنويع الاقتصادي، لكن يُنتظر أن يتسارع معدل التضخم إلى 3.2 في المئة في حلول العام 2020 عند فرض ضرائب غير مباشرة.

فلسطين: Fintech SMEs

تمحور اجتماع محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) حول طلب سلطة النقد الحصول على مساعدة تقنية وفنية لإنشاء شركة لتمويل شركات صغيرة ناشئة في فلسطين في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech) والطاقة البديلة. كما عقد اجتماعاً مع نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

فريد بلحاج، قدّم خلاله ملخصاً عن الوضع الاقتصادي في فلسطين وتأثير ذلك على البنوك التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، وأبدى بلحاج تفهمه للوضع الراهن في فلسطين معلناً أنه تمت الموافقة على زيادة مخصصات البنك الدولي لفلسطين لتمويل ودعم البنوك والقطاع الخاص لهذا العام خصوصاً في قطاعات الطاقة والمياه والمكننة.

ووصل معدل النمو الحقيقي للاقتصاد الفلسطيني إلى 2 في المئة في النصف الأول من العام 2018. وفي السنوات الأخيرة، أمكن الحفاظ على اقتصاد قطاع غزة والحيلولة دون انهياره بفضل التحويلات المالية الكبيرة، ومنها مساعدات المانحين والنفقات من خلال موازنة السلطة الفلسطينية والتي تصل إلى نحو 80 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لغزة،  لكن التحويلات من خلال هذين المصدرين انخفضت بشدة في الآونة الأخيرة وأدت إلى إنكماش النشاط الاقتصادي في غزة بنسبة 6 في المئة في الربع الأول من العام 2018. وعلى النقيض من ذلك، بلغ معدل النمو الاقتصادي في الضفة الغربية 5 في المئة خلال الفترة نفسها بفضل الاستهلاك العام بشكل رئيسي والنمو في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والإنشاءات، ومن المتوقع أن يتراوح معدل نمو الناتج المحلي الفلسطيني ما بين 1.7 و1.9 في المئة للعامين المقبلين. 

قطر: إمتصاص الصدمة

يلفت وزير المالية القطري علي شريف العمادي إلى أن قطر حققت في الأشهر التسعة الأخيرة فائضاً في الميزانية للمرة الأولى منذ عامين، متوقعاً أن تحقق ميزانية العام 2019 فائضاً مالياً أيضاً في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع عجز الموازنة العامة خلال 2018 بنسبة 1.1 في المئة إلى 28.1 مليار ريال، مقارنةً بعجز مسجل خلال العام 2017 يبلغ 28.4 مليار.

ويشيد العمادي بأهمية الدور الذي قام به القطاع الخاص لتحقيق النمو، فقد كانت هناك توقعات بحدوث كساد لكن على العكس حدث نمو للإقتصاد الوطني بنسبة 2.8 في المئة للعام الحالي، حيث زاد التبادل التجاري القطري مع العالم بنسبة 16 في المئة، في حين نمت الصادرات القطرية بنسبة 18 في المئة وبلغت نسبة التضخم في البلاد 0.5 في المئة للعام 2017.

وحدث تراجع في نمو الناتج المحلي القطري العام 2017 إلى 1.6 في المئة، وهو أضعف مستوى له منذ أكثر من عقدين من الزمن. ويعود ذلك في المقام الأول، بحسب البنك الدولي، إلى الخلاف الدبلوماسي بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر، كما تعرّض النمو أيضاً لضغوط نتيجة الجهود الرامية لضبط أوضاع المالية العامة استجابةً لإنخفاض أسعار النفط، ولكن تُظهر البيانات أن الاقتصاد القطري تكيّف بنجاح مع الصدمة، إذ من المتوقع أن يتعافى النمو إلى 2.3 في المئة للعام 2018، وأن يرتفع إلى 3 في المئة على المدى المتوسط، في وقتٍ تساعد عائدات تصدير الطاقة المتزايدة على تخفيف وطأة قيود المالية العامة، مع تواصل الإنفاق على تطوير البنية التحتية استعداداً لكأس العالم لكرة القدم، وبدء تشغيل مشروع برزان للغاز الطبيعي العام 2020 والذي تبلغ تكلفته عشرة مليارات دولار.

الكويت: آفاق مُطمئنة

ترأس وفد الكويت إلى الاجتماعات وزير المالية د. نايف الحجرف، وضم محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل، ومدير عام الصندوق الكويتي للتنمية عبد الوهاب البدر، وسفير الكويت لدى إندونيسيا عبد الوهاب الصقر.

وعقد الوفد اجتماعات ثنائية لبحث وتعزيز العلاقات الاقتصادية والمالية مع وزير المالية القطري علي العمادي، ووزير المالية العماني درويش البلوشي، ووزير المالية الباكستاني أسد عمر.

وبحسب البنك الدولي، فإن الاقتصاد الكويتي إنكمش بنسبة 3.5 في المئة العام 2017، تحت تأثير تخفيض إنتاج النفط بفعل اتفاق منظمة «أوبك +»، ولاسيما أن النفط يساهم بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي الكويتي. لكن في المقابل، فإن النمو في القطاع غير النفطي تماسك عند مستوى 2.2 في المئة مدعوماً بمعدلات النمو المطرد للإستهلاك الخاص وزيادة الإنفاق الحكومي بينما تراجع الإنفاق الاستثماري خلال العام 2017 بعد أن سجل قفزة في العام 2016، حين كثفت الحكومة إجراءات تنفيذ خطة التنمية الخمسية (2016-2020).

ومن المتوقع أن ينتعش معدل نمو الاقتصاد الكويتي إلى 1.5 في المئة للعام 2018 مع زيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، ومن شأن الخطط الرامية إلى استثمار 115 مليار دولار في قطاع النفط على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وإعلان الحكومة عن مشروع بوابة شمال الخليج الذي يهدف الى ربط الكويت والبلدان المحيطة بمبادرة الحزام والطريق الصينية، إلى تعزيز آفاق نمو الاقتصاد الكويتي على المديين المتوسط والبعيد.

لبنان: فرصة CEDRE

تكوّن وفد لبنان من مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني، ونائب حاكم مصرف لبنان د. سعد عنداري ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، وتركّزت اجتماعات الوفد اللبناني مع البنك الدولي وصندوق النقد حول تأثير أزمة اللاجئين على الاقتصاد اللبناني والمالية العامة، حيث بلغت كلفة النزوح السوري أكثر من 18 مليار دولار حتى الآن وضرورة تعزيز مساهمة المؤسستين لدعم لبنان في هذا الإطار، في موازاة إلقاء الضوء على الآفاق الاقتصادية الواعدة في ظل قرب تشكيل الحكومة والمباشرة في تنفيذ مشاريع مؤتمر CEDRE، حيث قدّم ​لبنان​ خطة استثمار طويلة الأمد حصل من خلالها على تعهدات بتقديم أكثر من 11 مليار دولار من المانحين.

ويُنوّه البنك الدولي بأن متابعة مؤتمر CEDRE وتنفيذ الإصلاحات والحصول على القروض الميسرة والمنح، تمثل فرصة فريدة للبنان لإحداث دفعة مستدامة للإقتصاد واجتذاب تدفقات رأس المال اللازمة وتحفيز خلق فرص العمل، ويوصي البنك بأن يكون العنصر الأساسي في هذه العملية هو اعتماد وتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي بما في ذلك استراتيجية لإدارة الديون تهدف إلى تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو مسار أكثر إستدامة.

ويفصح البنك الدولي أنه في ظل الوضع السياسي المعقد منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2017 والذي تزامن مع قطع مصرف لبنان (المركزي) فجأةً لقروضه المدعومة التي كان يجري تقديمها عن طريق البنوك إلى القطاع العقاري، وتتيح مصدراً نادراً لتحفيز النمو منذ العام 2012، تمّ تعديل توقعات البنك الدولي لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2018 بالنقصان إلى 1 في المئة من التنبؤات السابقة البالغة 2 في المئة.

ليبيا: الدوامة

يتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون ليبيا أسرع دول العالم نمواً في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي بتحقيقها نسبة نمو تبلغ 16.4 في المئة، في حين يرى البنك الدولي أن الناتج المحلي الليبي سينمو بنسبة 6.8 في المئة العام 2019 وبنسبة 2 في المئة كمتوسط للعامين 2020 و2021.

ويقول محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير إن التحديات الأساسية التي تواجه ليبيا في الوقت الراهن أسبابها الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدتها البلاد منذ العام 2011، إلى جانب أوضاع السوق العالمية وتأثيراتها على أسعار النفط، وهذه الظروف تسبّبت في تقلّب الإقتصاد وتضخيم العيوب الهيكلية القائمة وخلقت حالة من عدم اليقين حول السياسات النقدية، مفصحاً عن تراجع العائدات المالية للحكومة إلى 4.6 مليارات دولار العام 2016، من 53.2 مليار دولار العام 2012، بسبب انهيار الإنتاج النفطي منذ العام 2013 بفعل المعارك المسلحة وتوقف العمل في المنشآت النفطية، وما أعقبه من إنخفاض حاد في أسعار النفط عالمياً العام 2014، ما يعني خسارة ليبيا لأكثر من 48 مليار دولار سنوياً على مدى أربع سنوات. ومع أن الإنتاج النفطي شهد زيادة كبيرة في العام 2017، إذ ارتفعت الإيرادات النفطية إلى 14 مليار دولار ويُنتظر أن تبلغ هذا العام 24 ملياراً لكنها تظل منخفضة بنسبة كبيرة مقارنةً بإيرادات العام 2012، ولاسيما أن ليبيا تنفق سنوياً 30 مليار دولار لتغطية الإنفاق العام من دعم ورواتب ونفقات حكومية، إذ يصل عدد العاملين في القطاع الحكومي إلى 1.8 مليون موظف يمثلون نحو 25 في المئة من سكان ليبيا.

وعلى هامش الإجتماعات، عقد الصديق عمر الكبير لقاءً مع محافظي المصارف المركزية المغاربية: تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، تمّ التفاهم خلاله على تنسيق المواقف والجهود بين هذه المصارف وبحث سبل تنمية التجارة البينية وتبادل الخبرات في مجال الحدّ من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافةً الى الاتفاق على عقد اجتماعات دورية بينهم، كما بحث مع وزير المالية التشادي علالي بكر إعادة جدولة القرض القائم بين البلدين منذ العام 2009 وتسويته.

مصر: الزخم

الحضور المصري في اجتماعات بالي تميّز بديناميكية لافتة، حيث ضم الوفد كُلاًّ من: وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي د. سحر نصر ووزير المالية د. محمد معيط ومحافظ البنك المركزي المصري طارق عامر.

وتكشف نصر أن البنك الدولي نظّم على هامش الإجتماعات لقاءً خاصاً حول تنمية سيناء، في حضور بنوك ومؤسسات التنمية الأوروبية والآسيوية والإسلامية وصناديق التمويل العربية وصندوق أوبك، تم خلاله الاتفاق على توفير التمويل اللازم لخطة إعمار سيناء الجاري تنفيذها حالياً والتي تضمّ  26 مشروعاً حيوياً تطال كافة مجالات البنية التحتية والإسكان والصحة والتعليم والصناعة والزراعة، حيث تعهّد البنك الدولي تقديم تمويل بقيمة مليار دولار لهذه المشاريع، كما أكّدت الصناديق العربية (السعودي والكويتي وأبوظبي) حرصها على الاستمرار في دعم تنمية سيناء، بعد أن وفّرت 2.5 مليار دولار خلال الفترة الماضية، مُنوّهةً بأن الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة وجهود تحسين مناخ الاستثمار وتنفيذ عدد من المشاريع العملاقة التي تتيح العديد من الفرص الاستثمارية تجعل من مصر وجهة مفضلة لرؤوس الأموال المحلية والعربية والأجنبية.

إلى ذلك، ترأست نصر إجتماع المجموعة الأفريقية مع رئيس البنك الدولي د. جيم يونغ كيم في حضور نائب الرئيس الدولي لأفريقيا حافظ غانم، الذي صرّح أن البنك سيستثمر 45 مليار دولار في أفريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة، في حين أعلنت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي في أعقاب الاجتماع أنه تمّ الاتفاق مع البنك الدولي على إتاحة تمويل جديد لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

بدوره، يلفت وزير المالية المصري إلى أن البنك الدولي يعتبر مصر إحدى أفضل أربع دول حققت إصلاحات إقتصادية ناجحة خلال الأعوام الأخيرة، أسفرت عن تحسن معدلات النمو الاقتصادي وأداء المؤشرات المالية للموازنة العامة بشكل غير مسبوق، فارتفع النمو من 4.2 في المئة للعام الماضي إلى 5.3 في المئة للعام الحالي، ويُنتظر أن يتجاوز 5.5 في المئة نهاية العام 2019، كما انخفض عجز الموازنة إلى 9.8 في المئة نهاية العام الماضي، ويُتوقع أن ينخفض إلى 8.4 في المئة نهاية العام 2018، ويفصح معيط أن البنك الآسيوي للإستثمار وافق على تقديم قرض ميسّر لمصر بقيمة 300 مليار دولار وأن صندوق النقد الدولي سيصرف لمصر نهاية العام الحالي الدفعة الخامسة (بقيمة ملياري دولار) من القرض المتفق عليه سابقاً بمبلغ إجمالي قدره 12 مليار دولار.

المغرب: تعديل التوجُّه

بالتزامن مع إعلان فوز المغرب بتنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد في العام 2021 نال والي بنك المغرب المخضرم عبد اللطيف الجواهري جائزة أفضل محافظ بنك مركزي في العالم. 

ويأمل المغرب في الحصول على أربعة مليارات دولار للأعوام الخمسة المقبلة من البنك الدولي من أجل إنجاز الإصلاحات الجاري التباحث حولها في قطاعات التنمية وتطوير الموارد البشرية وتوفير فرص العمل، لكن بحسب مصدر في البنك الدولي، فإن المفاوضات ما زالت مستمرة بين الجانبين حول تطبيق نموذج تنموي جديد بعد تعثر النموذج السابق والإقرار بعدم فاعليته، حيث قدّم البنك ما بين العامين 2014 و2017 مبلغ 3.7 مليارات دولار للمغرب لدعم قطاعات الزراعة والصحة وتسهيل الولوج لمياه الشرب والطاقة الشمسية، في حين يجب أن يركّز البرنامج الجديد على تحدي توفير فرص العمل، وبأن ينصبّ تدخل البنك على تمويل الأنشطة الإنتاجية والخدمات.

إلى ذلك، أعلن وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون أن المغرب طلب رسمياً من صندوق النقد الدولي الحصول على خط ائتمان للوقاية والسيولة بعد نهاية سريان آخر خط في تموز/يوليو الماضي، من دون أن يكشف مبلغ هذا الخط، في حين أوضح والي بنك المغرب

عبد اللطيف الجواهري عن تطلعه للإنتقال من خط الوقاية والسيولة إلى خط إئتمان مرن، علماً أن الصندوق منح المغرب العام 2016 خطاً للوقاية والسيولة بقيمة 3.5 مليارات دولار ليطمئن مقرضيه الأجانب والمستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني في خصوص السياسات الاقتصادية المتّبعة بما يتيح للمغرب الإستفادة من أسواق المال الدولية بشروط اقتراض مناسبة.

وواصل الاقتصاد المغربي نموه البطيء في العام 2018، رغم النمو الإيجابي غير المتوقع في إنتاج الحبوب، حيث تراجع نمو الناتج المحلي من 3.5 في المئة في الربع الأول من العام 2017 إلى 3.2 في المئة للفترة عينها من العام الحالي.

ومع عودة الأمطار إلى معدلات الهطول الاعتيادية، يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الزراعي في 2019، مما يؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.9 في المئة، لكن يُنتظر أن يواصل الناتج المحلي غير الزراعي أداءه مدفوعاً بإزدياد ديناميكية قطاعيّ الصناعات التحويلية والخدمات، اللذين سيشكلان مُحركيّ النمو الأساسيين، مع مواصلة الأول استفادته من الاستثمار الأجنبي الكبير في صناعة السيارات.

موريتانيا: القطاع الخاص

ترأس وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي إجتماع المجموعة العربية مع رئيس البنك الدولي د. جيم يونغ كيم، والذي تمّ خلاله التركيز على مبادرة مؤشر رأس المال البشري التي أطلقها البنك خلال اجتماعات بالي وأهمية انخراط الدول العربية فيها.

وتميّز الوفد الموريتاني بمكوكيته، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع كل من: نائب رئيس البنك الدولي لأفريقيا حافظ غانم، تمّ خلاله التطرّق إلى آليات مساهمة البنك في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث أكّد الغانم الإلتزام بدعم مشاريع التنمية في موريتانيا وزيادة حجمها تماشياً مع الخطط الإستراتيجية المرسومة من قبل الحكومة، أما مع نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، فتم عرض سبل تطوير علاقة المؤسسة مع موريتانيا، وزيادة تمويلها لمشاريع القطاع الخاص، خصوصاً في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية وكذلك دعم القطاع المصرفي، في حين تركّز البحث مع الصندوق السعودي للتنمية على تعزيز العلاقة التي وصفها ولد أجاي بـ «المتميزة والتاريخية».

وفي سياقٍ متصل بتعزيز حضور موريتانيا في مؤسستيّ «بريتون وودز»، تمّ تعيين الموريتاني محمد الأمين ولد الرقاني عضواً في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي عن مجموعة دول وسط وغرب أفريقيا.

اليمن: إنعاش العملة

تركّز اجتماع وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني د. محمد السعدي مع المدير التنفيذي في البنك الدولي د. ميرزا حسن على محفظة المشاريع المقدمة لليمن وسياسة التدخل التنموي للبنك في البلاد خلال المرحلة المقبلة، في ضوء خطة إعادة الإعمار المعدة من قبل البنك، علماً أن محفظة مشاريع البنك الدولي المقدمة لليمن خلال العامين الماضيين بلغت 1.3 مليار دولار موزّعة على مشاريع طارئة في النقد مقابل العمل والضمان الاجتماعي والصحة والزراعة والخدمات الطارئة والطاقة البديلة.

إلى ذلك، أبدت الولايات المتحدة الأميركية استعدادها لدعم جهود البنك المركزي اليمني لإيقاف تدهور قيمة العملة الوطنية. وبحسب محافظ البنك د. محمد زمام، فقد أكد الأميركيون استعدادهم للمساهمة في تمويل مشروع تقوية البناء الهيكلي والبنى الأساسية للبنك في كافة المحافظات اليمنية بموجب المشروع الجاري إعداده من قبل صندوق النقد الدولي. 

ومنذ تصاعد الصراع في اليمن مطلع العام 2015، تدهور الاقتصاد بشكل حاد، حيث بلغ الانكماش المقدر نحو 50 في المئة على نحو تراكمي، وبلغ الهبوط في إجمالي الناتج المحلي القاع في العام 2018، لكن وفق البنك الدولي فإنه إذا أمكن احتواء العنف في حلول أواخر العام الحالي، فمن المتوقع أن يبدأ الناتج المحلي بالتعافي وأن يحقق في العام 2019 نمواً مزدوجاً.