المصارف العُمانية: هل تتحقق الإندماجات

11.09.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

 مسقط ـ عاصم البعيني

يشهد القطاع المصرفي في سلطنة عُمان بذل مساع جدية لإتمام عمليات اندماج بين عدد من المصارف، أبرزها بين البنك الوطني العُماني وبنك ظفار، والثانية بين بنك عُمان العربي وبنك العز الإسلامي، وسيؤدي انجاز هذه العمليات إلى تغيير في المشهد المصرفي، إذ إن الاندماج المحتمل بين "الوطني العُماني" و"ظفار" سينتج عنه ثاني أكبر كيان مصرفي من حيث الأصول، أما اندماج "عُمان العربي" مع "العز الإسلامي"، فسيوفر للأول آفاقاً أوسع للإستفادة من النمو في الصيرفة الإسلامية، وللثاني مظلة مصرفية مهمة، كون عمان العربي يعمل تحت مظلة مجموعة البنك العربي والشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومنفيست".  

          

لا تخرج المحادثات الجارية بين مصارف السلطنة عن سياق بحث المصارف الخليجية بصفة عامة خيارات تعزيز مراكزها المالية، بما ينسجم مع الواقع الاقتصادي الجديد في المنطقة، ومع الامتثال للمعايير المالية والمحاسبية الدولية، ويوفر البنك المركزي العُماني حوافر عدة للإندماج، عبر تقديم وديعة تعادل 50 في المئة من رأس الكيان المُدمج لمدة خمس سنوات بفائدة منخفضة بنسبة 3 في المئة، إلى جانب إعفاء الكيانات المُدمجة من الضريبة على الأرباح لمدة مماثلة. وبالنظر إلى حجم المصارف العُمانية، فإن الاندماجات المحتملة، ستعزز متانة القطاع وترسم ملامح جديدة على صعيد الحصص السوقية.      

 

"ظفار" و"الوطني العماني"

يؤدي التوصّل إلى اتفاق دمج بين بنك ظفار والبنك الوطني العماني، إلى ولادة ثاني أكبر كيان مصرفي من حيث المؤشرات الأساسية، بأصول تبلغ نحو 20.04 مليار دولار، استناداً إلى نتائج العام الماضي، مستحوذاً بذلك على أكثر من 28.5 في المئة من إجمالي أصول القطاع. 

ويعدّ وجود مساهمين مشتركين في المؤسستين، من العوامل التي تسهل إتمام الاندماج، إذ إن نسبة 28 في المئة من ملكية بنك ظُفار، تتوزع بين صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية، صندوق تقاعد وزارة الدفاع، الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، كما تملك هذه المؤسسات نفسها نحو 29 في المئة في البنك الوطني العُماني، علماً بأن القطاع الخاص يستحوذ على نسبة 52.94 في المئة في بنك ظُفار موزعة على اربع جهات، في حين تبلغ مساهمة القطاع الخاص في "الوطني العماني" 49.64 في المئة، منها 34.9 في المئة عائدة للبنك التجاري القطري، أما أبرز معالم الكيان الجديد فيمكن إيجازها في الآتي:   

-                     توقع تقرير لشركة "أوبار كابيتال" (Ubhar Capital) أن تساهم المرونة التشغيلية التي يتمتع بها البنك الوطني العُماني في تعزيز العائد على حقوق المساهمين لدى الكيان المدمج، ليبلغ 9.10 في المئة، علماً أن هذه النسبة تبلغ 9.8 في المئة لدى الوطني العُماني و8.5 في المئة لدى "ظُفار"، وذلك استناداً إلى نتائج النصف الأول من العام الحالي.

-                     في الوقت الذي يستفيد الكيان الجديد من معدل القروض إلى الودائع المنخفض نسبياً لدى بنك ظفار، فإن معدل كفاية رأس المال المرتفع لدى الوطني العماني والبالغ نحو 17.34 في المئة، سيشكل عامل دعم للكيان الجديد، إذ من المتوقع أن يبلغ 15.49 في المئة.   

-                     من شأن الاندماج أن يضفي مزيداً من التنوع على المحفظة التمويلية لدى الكيان الجديد، علماً بأن قطاع صيرفة الأفراد يستحوذ على نسبة 44 في المئة من الإجمالي لدى بنك "ظفار"، في حين أن محفظة التمويل موزّعة إلى حد كبير بالتساوي بين قطاع التجزئة والقطاعات الأخرى لدى الوطني العُماني، وفقاً لبيانات النصف الأول.

-                     أشارت "أوبار كابيتال" إلى أن الاندماج سيوفر للكيان الجديد مرونة في تمويل مشاريع أكبر حجماً، استناداً إلى حجم رأس المال 406.8 ملايين ريال، ونسبة الرفع المالي الأعلى.

-                     يملك الوطني العماني 61 فرعاً قائماً، بينما يملك بنك ظفار 59 فرعاً، ما يعزز شبكة انتشار الكيان المصرفي في حال الاندماج.               

   

"عُمان العربي" و "العز الإسلامي"

تلقى قبل أشهر عدة، مجلس إدارة بنك العز الإسلامي خطاباً من بنك عُمان العربي، لبحث إمكانية التعاون الاستراتيجي بين المصرفين، بما يقود إلى الاندماج. ويتخذ هذا التوجه المحتمل طابعاً مختلفاً كونه يتم بين مؤسسة مصرفية تقليدية وأخرى إسلامية، وتصبّ الصفقة المحتملة في صالح المؤسستين من زوايا عدة:

-                     يعول بنك عُمان العربي على تعزيز أعماله في مجال الصيرفة الإسلامية، التي يتواجد فيها عبر نافذته الإسلامية "اليُسر"، والاستفادة من النمو الحاصل في هذه الصناعة، إذ بلغ إجمالي التمويل الإسلامي في القطاع المصرفي نحو 3.03 مليارات ريال، حتى نهاية العام الماضي بنمو 25.03 في المئة، في ما بلغت الودائع نحو 2.97 مليار ريال، بنمو 36.8 في المئة، وبلغت الحصة السوقية للمصارف والنوافذ الإسلامية من إجمالي التمويل نحو 14.78 في المئة، و15.96 في المئة من الودائع.

-                     في حال جرى الاندماج، فإن نسبة الأصول المتوافقة مع الشريعة من الإجمالي لدى بنك عُمان العربي، ترتفع من نحو 4.83 في المئة حالياً التي تشكلها نافذة اليُسر، إلى 31.43 في المئة بعد ضم أصول بنك العز الإسلامي إليها.       

-                     بقدر ما يوفر الاستحواذ على مصرف قائم آفاقاً مهمة للنمو لبنك عمان العربي، فإنه يكتسب أهمية بالنسبة الى بنك العز الإسلامي، كونه سيصبح تحت مظلة مجموعة البنك العربي المصرفية، والشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومنفيست".

-                     من شأن خطوة انضمام "العز" إلى بنك عمان العربي، أن يُسرّع دخول الأول في مرحلة الربحية والنمو المستدام، ولاسيما وأن نتائجه عن المرحلة الماضية، عكست تحسناً في مؤشراته الرئيسية، إذ نجح في تقليص خسائره مع نهاية العام الماضي بنحو 36.59 في المئة، لتبلغ نحو 2.99 مليون ريال، وسجل الربع الرابع تحقيق أرباح لأول مرة في مسيرته بنحو 154 ألف ريال، وترافق ذلك مع نمو بنسبة 63.03 في المئة في بند الودائع، لتبلغ نحو 474.47 مليون ريال، في ما بلغت الإيرادات من النشاطات الاستثمارية والتمويلية نحو 21.15 مليون ريال محققة نمواً بنسبة 68.88 في المئة.

-                     يمهد الاندماج لشبكة أوسع من الفروع، ما يعزّز قدرة المؤسسة المصرفية الجديدة، في الوصول إلى شريحة أكبر من الأفراد والمستثمرين، إذ تملك نافذة "اليُسر" سبعة فروع، في ما يملك بنك العز الإسلامي عشرة فروع.  

 

إجراءات وترقب

تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن حصول عمليات اندماج بين المصارف المشار إليها، لم يتجاوز مرحلة موافقة مجالس الإدارة على دراسة الفرص التي توفرها أي خطوة من هذا النوع، ما يعني أن التطورات المستقبلية تبقى مرهونة بإجراءات عدة، بدءاً بتحديد السعر التبادلي لعمليات تبادل الأسهم وتعيين مستشارين للتقييم، ومن ثم إجراءات فتح الدفاتر، قبل الشروع في الحصول على موافقات المساهمين عبر الجمعيات العمومية وكذلك الجهات الرقابية، وبالإضافة إلى المدة المطلوبة في مثل هذه الإجراءات، يبقى الترقب سيد المشهد، ولا سيما وأن القطاع المصرفي العُماني، سجل في السابق محادثات لإتمام صفقة اندماج بين كل من بنك ظفار وبنك صحار، من دون أن تتكلل بالنجاح