الأردن: حكومة جديدة ودعم خليجي

10.07.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
برت دكاش

عمان ـ برت دكاش

بحكمة وحزم، استوعب الملك عبد الله الثاني غضب الشارع الأردني الرافض لقانون ضريبة الدخل الجديد الذي قد يكون أقرّ بشكل متسرع، فأمر بوقف العمل بالقانون، وبادر الى تكليف د. عمر الرزاز، "الرجل المحبوب" والمعروف بحنكته وهدوئه وتركيزه على التنمية أكثر من تصويب أوضاع الموازنة، لتشكيل حكومة أكثر مرونة تخلف حكومة د. هاني الملقي.

مبادرة الملك عبدالله، قابلتها هبة خليجية للوقوف إلى جانب الأردن وتوفير الدعم اللازم له، استجابةً الى دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإجتماع في مكة المكرّمة ضمّ كلاً من الملك عبد الله الثاني، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقد أعلنت الدول المشاركة في الاجتماع عن توفير دعم مالي بقيمة 2.5 مليار دولار، يتمثل في وديعة لدى البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن، ودعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى تمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية، وسيتم توزيع الدعم بين الاستثمار المباشر في البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية بالإضافة إلى دعم الخزينة، كما قال رئيس الوزراء المكلف د. عمر الرزاز.

في قراءته للمشهد الأردني قال الاقتصادي المخضرم والوزير السابق د. جواد العناني في حديث مع الاقتصاد والأعمال: «إن اضطراب الأوضاع في الأردن أثار اهتمام الدول الخليجية الشقيقة التي تخوفت من تداعيات أي اهتزاز في الوضع الأمني على دول الجوار، فاستجابت سريعا لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لعقد "قمة مكة" وتقديم حزمة من الدعم المالي بقيمة 2.5 مليار دولار. 

أهمية الدعم الخليجي

وثمّن العناني المبادرة الخليجية التي ستسهم في حل أزمة الأردن الاقتصادية، إضافة إلى أثرها الفوري في زيادة جرعة التفاؤل لدى الأردنيين، لكنه أشار إلى أن الجزء المخصص كوديعة لدى البنك المركزي لن يكون أولوية حيث إن الأردن يتمتع بفائض من العملات الأجنبية يضمن محافظة الدينار الأردني على استقرار سعر الصرف، واعتبر أن مبلغ الوديعة لو جاء على شكل قرض من دون فوائد لمدة عشر سنوات مثلاً، لتمكن الاردن من تمويل مشاريع استثمارية ملحة، ويضمن في الوقت نفسه للدول المانحة استرداد أموالها في نهاية الأمر.

وأضاف د. العناني:«أن الدعم الخليجي المقدم من الدول الثلاث، ساهم في تشجيع دول جديدة على تقديم دعمها للأردن، حيث أعلنت دولة قطر مبادرة لدعم الأردن، كما أبدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، استعداد ألمانيا لتقديم دعم بمبلغ 300 مليون دولار، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما. واعتبر العناني ان التفاف الدول الخليجية والأوروبية وغيرها حول الأردن أظهر مكانته وبخاصة في ضوء أزمة اللاجئين بعد أن تحمل الجزء الأكبر من أعبائها وتبعاتها وحيداً.

مهمة صعبة 

مهمة رئيس الوزراء الجديد، خرّيج كلية الاقتصاد في جامعة هارفرد والمتحصن بمؤهلات علمية وخبرة في الحقلين الخاص والعام لن تكون سهلة، إذ تنتظره تحديات جمة أقرّ هو نفسه أنها "تراكمات نحو عقدين من الزمن"، يضاف إلى ذلك الأعباء الكبيرة الناجمة عن الحرب في كل من العراق وسورية واستقبال الأردن ما يزيد على مليوني لاجئ من كلا البلدين. 

لكن الرزاز تعهّد، بمواجهة تباطؤ الاقتصاد وتحسين شروط المعيشة التي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم. وفي هذا السياق رأى د. جواد العناني أن البيان الوزاري للحكومة، القائم على العقد الاجتماعي، الذي دعا إليه الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف، يعني أن الأردن يقف اليوم على عتبة فرصة جديدة لمراجعة كافة القوانين والتشريعات، وكذلك النهج الاقتصادي القائم على الاقتراض، والتحول الى التركيز على الاستدامة والتنمية والاستثمار.

يقع على عاتق الحكومة الجديدة مواصلة برنامج الإصلاح الذي أقرّ في 2016 بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويهدف إلى خفض الدين العام من 95 في المئة من الناتج المحلي، إلى 77 في المئة في 2021. 

إصلاح إداري

 ومن ضمن الإصلاحات المرتقبة التي وعد بها الرزاز، دمج عدد من الهيئات والمؤسسات المستقلة والوحدات الحكومية أو إلغاء بعضها، وأكّد أن "أولوية الحكومة خلال العام الجاري هي خفض نفقات الوزارات والوحدات الحكومية في حدود 150 مليون دينار"، وقال إنها "خطوة مهمة لضبط الإنفاق وعدم التعويل على الجباية كوسيلة وحيدة".

وضمّت الحكومة الجديدة شخصيات معروفة لتولي الوزارات ذات الطابع الاقتصادي مثل د. رجائي المعشر كنائب لرئيس الوزراء ووزير دولة، يحيى موسى كسبي وزيراً للأشغال العامة والإسكان، وليد محي الدين المصري وزيراً للنقل وللشؤون البلدية، مجد محمد شويكة وزيرة لتطوير القطاع العام، لينا مظهر عناب وزيرة للسياحة، مهند شحادة خليل وزير دولة لشؤون الاستثمار،  د. عزالدين محي الدين كناكريه وزيراً للمالية، د. طارق محمد الحموري وزيراً للصناعة والتجارة والتموين، هالة عادل زواتي وزيرة للطاقة والثروة المعدنية، د. ماري كامل قعوار وزيرة للتخطيط والتعاون الدولي مثنى حمدان غرايبة وزيراً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.  

تبقى الإشارة إلى أن الحكومة الأردنية الجديدة أمام امتحان صعب حيث يطالب الأردنيون بتغيير النهج الحكومي وليس الأسماء فقط.